بين الحقيقة والسراب – جزيرة الشر
تحدثتُ سابقاً عن برامج عديدة بثتها قناة الجزيرة ، لكنني اليوم سأتحدث عن هذه القناة بشكلٍ عام ، وعن باقة قنواتها الكثيرة والكثيرة جداً ..
بدأت قناة الجزيرة عملها عام 1996م وبمبلغ 150 مليون دولار كمنحةٍ من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ، وقد تزامن إنشاؤها مع إغلاق القسم العربيّ لهيأة الإذاعة البريطانية (المنشأة أصلاً بالاشتراك مع السعودية) ، فانضمَّ لطاقم الجزيرة العديد من العاملين في المحطة البريطانية ، ومن هنا تظهر بداية النوايا .
تضم الجزيرة باقةً كبيرةً من القنوات :
الجزيرة الأولى وإحدى عشر قناةٍ رياضية تعمل على نقل أحداث الرياضية .
إضافةً لقناة الجزيرة للأطفال و هي إحدى فروع قناة الجزيرة والتي بدأت بثّها في 9 سبتمبر 2005 م ، وفيها من البرامج التي تخاطب عقول الأطفال ، كبرنامج أطفال المهجر الذي يسعى لجعل الطفل يرى في الحضارات الأخرى نموذجاً يحتذى ، كما تعتمد اللغة العربية الفصحى في كلام مذيعيها وحتى ضيوفها ، وبذلك تجذب العديد وتستهويهم لكنها وبهذه الطرق ومن خلال برنامجٍ واحد تبثُّ سمومها لأفكار الأطفال حتى تبقى صورة الغرب مشرقةً في نفوسهم حيث يصعب تغييرها ، فما علموه لهم في الصغر يكون كالنقش على الحجر ..
وهناك أيضاً الجزيرة مباشر وهي فضائية تابعة لقناة الجزيرة الإخبارية، تم إطلاقها في 15 نيسان/إبريل 2005 حيثُ تنقل الجزيرة مباشر الأخبار والأحداث الحية كالمؤتمرات الصحفية التي يعقدها رؤساء الدول ووزراؤُها، والندوات التي تقيمها الأحزاب السياسية والأحداث الحية الأخرى في العالم ، لكنها للأسف لا تنقل لكل الأحزاب السياسية فعلاً فهي تتعمد ذكر المسيئين والتغطية على الباحثين عن نهضة الأمة ، فلطالما عقد حزب التحرير من المؤتمرات والندوات الكبيرة إلا أن الجزيرة كانت تغفله وتبث ما لا فائدة منه ، رغم أنها تكون لا مادة لديها لعرضها ..
وكما قال الشاعر أبو المؤمن الشاميّ :
أيـا إعلام قـد أغفلت عمـداً
قضيتنـا وكنت لنـا مهينـا
أيـا إعلام مـَن يعطيكَ أمـراً
بتعتيـمٍ تطيـع المجرمينـا
كما أنه ضمن مجموعتها قناة الجزيرة الإنجليزية، ولم تتوقف الجزيرة عند حدود بثها الفضائيّ ، بل تعدته إلى صفحات الإنترنت عبر موقعها الجزيرة نت ..
وبما أن الجزيرة لها جمهورٌ واسع ، فهي تسعى لشده أكثر واستقطاب آخرين أيضاً ، من خلال التنويعات في البرامج والتلوين في الشكليات ، لكن قلب الموضوعات يصب في ذات القالب للأسف ، فكل برامجها تسعى للكشف دون تبيان حلول ، وزيادةً على ذلك تموه عن الحل السليم باستضافة محللين وضيوف لا قدرة لهم على التحاور أو أنهم يسعون لرسم الواقع بألوان مزيفة ليست حقيقية .
وحتى تبقى صورة الجزيرة مشرقةً في عيون متابعيها ، تعمد أيضاً إلى استغلال المصائب والقتل لذلك ، ومثال ذلك مسكنتها عندما قتل طارق أيوب في العراق ، وشعوذتها عندما اعتقل سامي الحاج في غوانتنامو ، وتبقى تُذكِّرُ مشاهديها أنها ترصد الحدث رغم كل المعوقات (التي هي أصلاً مصطنعة) ،
كما تظهر الجزيرة تعاوناً مع المقاومين والمضطهدين ، كطريقةٍ لاستجلاب الاعترافات التي تعجز عنها أكبر هيئات المخابرات ..
ومن وسائلها للمحافظة على بريق لمعانها ما يُنشر عن جوائزها التي تحصدها كوسيلةٍ إعلاميةٍ قوية ،
ففي ديسمبر 1999، منح صندوق ابن رشد لحرية الفكر في برلين “جائزة ابن رشد” لوسائل الاعلام والصحافة عن هذا العام لقناة الجزيرة.
وفي مارس 2003، منحت قناة الجزيرة جائزة من مجلة مؤشر الرقابة ، لشجاعتها في التحايل على الرقابة، والمساهمة في التبادل الحر للمعلومات في العالم العربي .
وفي إبريل 2004، رشحت جوائز ويبي الجزيرة باعتبارها واحدة من أفضل خمس مواقع إخبارية على الإنترنت .
ولن تبخل الجزيرة في يومٍ من الأيام علينا بأيِّ وسيلةٍ حتى تبقى السباقة لدى جمهورها حتى لو كلفها ذلك الكثير ، فحياتها أهم لديها من حياة العديدين ..
وقد أعجبني بيتين مما قاله أخونا سيف الحقّ ، تظهر فعلاً تواطؤ الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام ، حيث قال :
إن قلت رأيك عبر منبرهم فلا تتطاولنَّ على نقاط نظام
ما إن تقول خلافة وخليفة إلا وتقمع دون رد سلام