القوى الغربية تجتمع في لندن لتتحكم في مصير اليمن وأفغانستان
مرة أخرى تجتمع الدول الغربية للتدخل في شئون البلدان الإسلامية وتقرير مصير الأمة، فقد اتفقت الدول الاستعمارية على عقد مؤتمر دولي في لندن هذا الأسبوع لبحث الوضع في اليمن وأفغانستان. وطبعاً لن يكون موضوع البحث في المؤتمر تحرير الأمة الإسلامية من أصفاد الاستعمار! بل بحث سبل قهر المقاومة الشعبية في تلك البلدان وحفظ مصالح القوى الاستعمارية.
إنّ الغاية من عقد هذا المؤتمر تُفهَم من الحراك السياسي الجاري بين تلك الدول الاستعمارية وبين قادة بلدان العالم الإسلامي، فمثلاً اجتمع يوم السبت في صنعاء كل من السفير الأمريكي ستيفن سيك والسفير البريطاني تيم تورلوت كلٌ على حدة بوكيل وزارة الخارجية اليمنية محي الدين ذهبي تحت ذريعة التعاون المشترك وتقوية العلاقات الثنائية. وبعد هذين اللقاءين انشغل قادة البلدان الإسلامية في التشاور في كيفية تنفيذ الخطط التي أُمليت عليهم من قبل أسيادهم المستعمرين، فمثلاً قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط للرئيس اليمني علي عبد الله صالح بأنّ مصر على استعداد لإمداد اليمن بالمساعدات السياسية والاقتصادية والأمنية في مؤتمر لندن القادم.
وبالنسبة لأفغانستان فإنّ الرئيس الأفغاني حامد كرازاي يخطط هو أيضا للكشف عن الخطة الأمريكية المتعلقة بأفغانستان، والتي تتضمن تدريب مزيد من القوات الأفغانية، وفتح قنوات حوار مع المعتدلين في حركة طالبان، وبناء مؤسسات أفغانية مدنية، وفرض حصار على المقاتلين القادمين من البلدان المحيطة بأفغانستان كإيران وباكستان.
إنّ هذا التكالب من قبل الدول الاستعمارية على البلدان الإسلامية واستنفار قادة البلدان الإسلامية يرسم لوحة واضحة تذكر المسلمين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل” قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ”
إنّ المدقق في الأحداث الجارية وفي مواقف القوى الغربية يدرك أن تلك القوى بعيدة كل البعد عن التحكم الكامل بمجريات الأحداث، فهم دائما يعتمدون على مقدرات الأمة الإسلامية في تنفيذ مخططاتهم، مما يبدد المزاعم التي تقول بأنّ الغرب قوي بما يكفي ليرسم المشهد السياسي المنشود، ولكن الحقيقة هي أنّه لولا حكام المسلمين وفتحهم البلاد أمام القواعد العسكرية الغربية، وفتحهم للطرق المائية، ومد الغرب بالمعلومات الاستخباراتية، ومده بالنفط والمصادر الطبيعية، وتمكينه من القوات المسلحة المسلمة يستخدمها أنى شاء، لولا كل ذلك لما تمكن الكافر المستعمر من تنفيذ أي من مشاريعه الشريرة للهيمنة على البلدان الإسلامية. إضافة لذلك فإنّ القوى الغربية مشتتة وليست موحدة، بل ومتنافسة فيما بينها على الاستحواذ على المصادر الطبيعية التي حبا الله سبحانه وتعالى بها الأمة الإسلامية، فعلى سبيل المثال تردد أوروبا في دعم الاستقرار في أفغانستان أثار ضجر أمريكا خلال السنوات الثماني الماضية، وحكام المسلمين لم يستثمروا هذه الفرصة لتحرير الأمة من أصفاد الكافر المستعمر، بل عوضاً عن ذلك تراهم يضعون أيديهم بأيدي بعضهم لتقوية أسيادهم من خلال نهب الأمة وقتلها إن تطلب الأمر ذلك.
إنّ السبيل الوحيد أمام الأمة لتنهي التدخل الغربي بشئونها والى الأبد هي بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية، فبالخلافة وحدها تتمكن الأمة من رعاية شئونها بنفسها، وتستطيع رسم المشهد السياسي الخاص بها.
عابد مصطفى