قانتات حافظات – مكانة المرأة
لقد كانت هذه السلسلة لتسليط الضوء على نظرة الشرع للمرأة، وكان ذلك بتبيان مكانة المرأة في الإسلام وبيان حقوقِها وواجباتِها، ورأينا كيف أعطى الإسلام للمرأة مكانة عالية مرموقة، وأعطاها ما لها ولم يجحفها وأوجب عليها أمورا ولم يظلمها كيف لا وهذا شرع الله الذي خلق المرأة والرجل وهو الذي يعلم ما يصلح للمرأة وما يصلح للرجل، “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير”، فعاشت المرأة وعاش الرجل في ظل هذهِ الأحكام عيشة سعيدة متكاملة حياة تعاون لاعمار الأرض وإرضاء الله عز وجل.
لكنَّ الكفرَ وأهلَهُ لم يَرُقْ لهم هذا العيشُ الهنيءُ للمسلمين والمسلمات، فنظرَ إلى المجتمعِ الإسلاميِ ورأى أنَّ أوسعَ وأخطرَ بوابةٍ للدخولِ على المسلمينَ لإفسادِ عَيشِهِم هي المرأةُ!! ذلكَ أنَّ الإسلامَ أعلى مِن شأنِ المرأةِ وأعطاها المنزلةَ الرفيعةَ وخصَّها بتنشئةِ الأجيالِ، لذا عملَ الغربُ الحاقدُ الكافرُ على إفسادِ المرأةِ ليُفسِدَ حياةَ المسلمينَ ويُقَوِّضَ أواصرَ هذا المجتمعِ المتماسِكِ فكانَ الغزوُ الفكريُ لأمةِ الإسلام وجند لهذا الهدف كل أدواتِهِ، فلقدْ أخذَ موضوعُ المرأةِ وحقوقِها وواجباتِها حيزاً كبيراً لدى كثيرٍ منَ الكتابِ والمفكرينَ ودعاة التحريرِ بل وسمعنا في الآونة الأخيرة عن قنواتٍ ومنتدياتٍ خُصِصَتْ فقط لتحقيقِ هذا الهدفِ الخبيثِ، حيثُ عملَ الغربُ على تغييرِ مفاهيمِ المسلمينَ عنِ المرأةِ وعن مكانَتِها وشَوَّهوا الصورةَ الصحيحةَ وأدخلوا على المرأةِ أحكاما ليستْ منَ الدينِ وخدعوها بشعاراتٍ كثيرة.
فلقد أطلَّ عليها الغربُ ببريقِهِ ِالخادعِ المُضلِلِ بمفاهيمَ هدفُها الوحيدُ تضليلُ المرأةِ وحَرفِها عنْ جادةِ الصوابِ وذلكَ بكلامٍ معسولٍ ظاهِرُهُ الخيرُ وباطِنُهُ تحريرُ المرأةِ مِنْ أحكامِ اللهِ عز وجل وسلخِها من عبودِيتها لله، ولتحقيقِ هذا الهدفِ قامَ الغربُ بإجراءاتٍ كثيرةٍ ومِنْ أهمِ هذهِ الإجراءاتِ كانتِ المؤتمراتُ العالميةُ والاتفاقياتُ الدوليةُ، حيثُ بدأتْ المخططاتُ الدوليةُ المتعلقةُ بالمرأةِ منذُ عام 1949م. وذلكَ مع أول المؤتمراتِ العالميةِ الذي جاءَ يدعو إلى عدم التمييزِ بينَ الناسِ جميعاً، ليس فقط بين النساءِ والرجالِ بل أيضاً بين العبيدِ والأحرارِ، ، ولا ننسى اتفاقية سيداو والتي كانت قبلَ ثلاثينَ عاما، والتي تضمنت الكثيرَ مِنَ البنودِ المخالِفَةِ لشرعِ اللهِ صراحةً والتي وللأسفِ وقَّعَتْ عليها غالبيةُ الدولِ التي تُسمي نفسَها إسلامية.
ثمَّ بدأتْ منظمةُ الأممِ المتحدةِ فى إصدارِ الاتفاقياتِ الدوليةِ الخاصةِ بحقوقِ المرأةِ فكانتْ أولُ مرةٍ خَصَّت فيها الأممُ المتحدةُ المرأةَ عام 1967م. حينَ أصدرت ” إعلانَ القضاءِ على جميعِ أشكالِ التمييزِ ضدَّ المرأةِ ” الذي لم يكنْ إلزامياً، لهذا لم يحصلْ تجاوبٌ مِن قِبَلِ معظمِ الدولِ خصوصاً دولُ العالمِ النَّامي.
مما دعا الأممَ المتحدة إلى اعتمادِ عام 1975م. سنةً دوليةً للمرأةِ وذلكَ في 28 ايلول من عام 1972م. تحتَ شعار: مساواة – تنمية – سلام.
وعُقِدَ في العامِ نفسِهِ المؤتمرُ العالميُ للمرأةِ في مكسيكو سيتي عام 1975م. ، وكان مِن أبرزِ إنجازاتِ هذا المؤتمرِ ” اعتمادُهُ خطةَ عملٍ عالميةٍ تتبناها جميعُ الدولِ المْنُضَمَةِ إلى هيئةِ الأممِ المتحدة، ويكونُ هدفُها ضمانُ مزيدٍ من اندماجِ المرأةِ في مُختلف مَرافقِ الحياة.
وقد أطلقَ المؤتمرُ على السنواتِ الواقعةِ بين 1976 و1985 اسمَ “عَقْد الأممِ المتحدةِ للمرأةِ ” يقينا ًمنه أنَّ هذا العَقْدَ قد يكونُ فترةً زمنيةً كافيةً لتحقيقِ الأهدافِ ولِتنفيذِ الخُططِ الموضوعةِ لَها في المجالِ العَمليِ والتطبيقِيِّ”.
ثمَّ مؤتمرٌ في مدينةِ كوبنهاجن – الدانمارك عام1980م. تحتَ شعارِ : ” عَقدُ الأممِ المتحدةِ للمرأةِ العالميةِ: المساواةُ والتنميةُ والسلام” . لِضمانِ سيرِ خطةِ العملِ للمؤتمراتِ السابقةِ بمجراها الصحيحِ.
ومما تجدُرُ الإشارةُ إليهِ أنَّهُ بينَ مؤتمرَي مكسيكو وكوبنهاجن، عُقِدَتْ عدةُ مؤتمراتٍ ، ولعلَّ أهمَ ما يَعنينا مِن هذهِ المؤتمراتِ والاتفاقياتِ هو تلكَ الاتفاقيةُ التي أقرَّتها الجمعيةُ العامةُ للأممِ المتحدةِ في 18/12/1979 تحتَ اسمِ ” اتفاقيةِ القضاءِ على جميعِ أشكالِ التمييزِ ضدَّ المرأةِ ” .
ثمَّ مؤتمرُ نيروبي/ كينيا عام 1985 – ثم مؤتمرُ السكانِ والتنميةِ الذي عُقِدَ في القاهرة عام 1994م.ثم مؤتمرُ بِكين الذي عُقدَ عام 1995م.
ومؤتمرُ بكين الذي عُقدَ في نيويورك في صيفِ 2000م. والذي خُصِّصَ لِدراسةِ تطبيقِ التوصياتِ الصادرةِ عنْ مؤتمرِ بِكين حولَ المرأةِ 1995م. وذلكَ تحتَ شعارِ ” المرأة عام 2000 : المساواة ُبين الجنسينِ والتنميةُ والسلامُ في القرنِ الحادي والعشرين” .
وطبعا هذهِ المؤتمراتُ تتوالى بل ازدادَ عددُها في السنواتِ العشرِ الأخيرةِ هدفُها الوحيدُ والأوحدُ تضليلُ المرأةِ عن جادةِ الصوابِ وخِداعِها بكلامٍ معسولٍ وشعاراتٍ رنانةٍ مثل أمومة آمنة، تحديدُ النسلِ، المساواةُ بينَ الرجلِ والمرأة، إعطاءُ المرأةِ الأهليةَ القانونيةَ مثلُها مثلُ الرجلِ الأمرَ الذي في طياتِهِ أنْ تُعطى المرأةُ الحقَ في تزويجِ نفسِها مِن غيرِ وليها!!
لذا كانتْ سلسلتي هذهِ قانتات حافظات عَلِّي من خلالهِا أُوضِّحُ أمورا غابتْ وَغُيِّبَتْ عنِ المرأةِ المسلمةِ، لتعرفَ مَنزلَتَها الحقيقيةَ وحقوقَها الشرعيةَ وواجباتِها التي تُحقِقُ لها مُنتهى العبوديةِ للهِ خالِقِها.
فكفى بالمرأةِ المسلمةِ فخراً أنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى خلقَها ووضعَ لها نظاماً من عِندِهِ يُناسِبُها ويؤدي إلى رُقيها وإسعادِها في الدنيا والآخرة،.
فكان لا بُد من معرفةِ هذهِ الحقوقِ لوقفِ التشويهِ المتعمَدِ والانحرافِ والتحريفِ المقصودِ الحاصلِ اليومَ والذي جعلَ أولئكَ المضبوعينَ بالثقافةِ الغربيةِ يقومونَ بإلصاقِ أشنعِ التُّهمِ بالإسلامِ وأهلِهِ خاصةً فيما يتعلقُ بعلاقةِ الرجلِ بالمرأةِ، نعم كانَ لا بُد مِن معرفةِ أحكامِ النظامِ الاجتماعيِ معرفةً تامةً حتى نستطيعَ الردَ على الناعقينَ الذينَ يُريدونَ منَ المرأةِ المسلمةِ أنْ تكونَ نُسخةً طِبقَ الأصلِ عنْ تلكَ المرأةِ الغربيةِ مسحوقةِ الكرامةِ والحقوقِ ذلكَ أننا نجدُ أنَّ كثيراً من أبناءِ المسلمينَ اليومَ وللأسفِ يجهلونَ هذهِ المفاهيمَ والأحكامَ التي جُعلَتْ لهذهِ العلاقةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ .
وفي الختامِ، أوجِّهُ تساؤلاتٍ للمرأةِ المسلمةِ لعلها ترجعُ إلى رُشدِها، ولَعلَّ غيرَ المسلمةِ تسمعُني فَتَهتدِي
أختي المسلمةُ: أيَ امرأةٍ تُريدينَ أنْ تكوني ؟
تلكَ المرأةَ التي لا يَهُمُها إلا إعجابُ الآخَرينَ بِشَكلِها ومَظهرِها والتي كُلما زادَ جمالهُا ازدادتْ قيمتُها بينَ أبناءِ مُجتمعِها، أم تلكَ المرأةَ التي همُّها نيلُ رضوانِ الله تعالى والتي كلما أكثَرَتْ مِِن الأعمال الصالحةِ ازدادتْ درجَتٌها عندَ اللهِ؟
أتريدينَ أن تعيشي في مجتمع تخلّى عنِ الأسرة ودفئِها والتي تَحُنينَ إليها بطبيعَتِك التي فُطِرتِ عليها أم في ذلكَ المجتمعِ الذي اعتبرك ابتداءً أماً وربةَ بيتٍ وعِرضاً يِجبُ أن يُصانَ؟
أتريدينَ أن تحيي في مجتمع يدَّعي المساواةَ ويُعطي الرجلَ أجراً أعلى من ذلكَ الذي يُعطى للمرأةِ والذي يَفرضُ على المرأةِ الإنفاقَ على نفسِها أم في ذلكَ المجتمَعِ الذي جعلَ نَفَقَتَكِ فرضاً على ولِيِكِ؟
لذا أيتُها المرأةُ أدعوكِ لدراسةِ وتعلُّمِ هذا الدينِ العظيمِ والذي هو مِن عِندِ خالِقِكِ لتري أينَ تكونُ عزتُكِ وكيفَ يكونُ حِفظُكِ بدلَ هذا التخبطِ والضَّياعِ والامتهانِ بدعوى حاقدةٍ كاذبةٍ بتحريرِكِ وإعطائِكِ حُقوقا موهومةً مزعومةً!!