الخبر والتعليق العمليات المشتركة وضَعف الاحتلال الأمريكي لأفغانستان
خلال الأيام القليلة الماضية تبجح الأمريكان الصليبيون بنجاح العمليات المشتركة في إقليم هلمند بأفغانستان، وهي العمليات التي وُصفت بأنها الأكبر منذ الإطاحة بنظام طالبان عام 2001، وقوامها 15,000 جندي تقودها أمريكا الباغية. وغاية العملية التخلص من مقاتلي طالبان في بلدة مرجا، ومن ثم الاحتفاظ بالسيطرة على المنطقة من خلال القوات الأفغانية حليفتهم، وبالتعاون مع الحكومة الفاسدة المركزية. على أن يكون دور حكومة كرازاي الرخيصة هو تزويد الناس في تلك المنطقة بالخدمات الأساسية، ودور القوات الأفغانية التأكد من خلو المنطقة من مقاتلي طالبان، وهذه المهام هي التي طالما تملص منها كرازاي وزبانيته على مدار السنين التسع الماضية.
إنّ هؤلاء الغزاة الصليبيين يطمعون في أن يخفف الأفغان من دعمهم لمقاتلي طالبان في إقليم هلمند وغيره من المناطق الأخرى في أفغانستان. كما يظن الأمريكان بأنّ هذا النهج سيُضعف من تأثير طالبان ويجبرهم على تقديم التنازلات في أي مباحثات مع المحتل، هذا هو الهدف المرجو، أما الواقع فينطق بعكس ذلك تماماً، حيث يُظهر المشهد ظلمةً حالكةً ضد الأمريكان وحلفائهم.
لقد تسبب عمليات الصليبين الوحشية بفرار آلاف المدنيين من المنطقة، ومن تبقى منهم فهو يتعرض لاعتداءات الصليبيين، فخلال الأسبوع الماضي راح 12 من المسلمين ضحية ضربة جوية للناتو. وعلقت بعض الصحف الغربية على الحادث -محاولة تغطية بشاعة الجريمة- بالادعاء أنّ الضربة كانت موجهة للهدف الصحيح. إلا أنّ تلك الصحف غفلت الحقيقة الساطعة وهي أنّ الكثير من الرجال الأفغان غير المنخرطين مع المقاتلين الأفغان من قبل اتخذوا موقفاً جديداً بقتال الصليبيين بشراسة لحماية إسلامهم ونسائهم وأطفالهم.
حتى أولئك الذين يُظن بأنّهم إلى جانب الصليبيين فإنّهم غير آمنين، فقبل بضعة أيام استهدفت مقاتلات الناتو 7 من الشرطة الأفغانية، وقد وصف الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية الحادث بأنّه كان بفعل الخطأ. فإن كانت الحكومة لا تستطيع أن تدافع عن رجالها، فما حظ عامة الناس من الحماية؟
لطالما ادعت أمريكا بأنّ معيار نجاح عملياتها هو التقليل من حجم الخسائر بين المدنيين، ولكن عملياتهم السابقة تثبت عكس ذلك وتثبت كذب ادعائهم.
لم يتمكن الأمريكان من الإجابة عن نيتهم في كيفية التصدي لمقاتلي طالبان الذين اختفوا من ساحة القتال وذهبوا إلى مناطق أخرى ليكبّدوا المحتلين الخسائر العظيمة.
لقد هددت هذه العمليات التماسك الهش لتحالف القوات الغازية، فيوم السبت الماضي سقطت الحكومة الهولندية بسبب خطة توسيع العلميات العسكرية في أفغانستان، وهذا يعني مغادرة 2000 من الجنود الهولنديين لأفغانستان قبل نهاية عام 2010 وسيعودون إلى بلدهم مدحورين أذلاء. وقد كانت هذه الضربة الأولى التي يتلقاها الناتو، وهي إشارة على احتمالية أن تحذو باقي الدول الأوروبية حذو هولندا. لذلك فإنّ أمريكا غاضبة جدا وهي تطمع أن تسد الدول الأوروبية هذا الفراغ، حيث صرح أحد الرسميين الأمريكان رفيعي المستوى بالقول ” إنّ أكثر النواحي التي تحتاج لملء الفراغ هو قطاع التدريب… نريد أن يتقدموا (أي الأوروبيون) نريد من الجميع أن يرسلوا مزيداً من المدربين، فهذا الأمر حرج”. فالعديد من الشواهد ترجح تفسخ القوات الصليبية في الفترة القادمة.
من هنا فإنّه كما حصل مع أمريكا في السابق في فشل إستراتيجيتها وفشل عملياتها السابقة، فإنّها تعول كثيراً على أن يلعب الجيش الباكستاني دوراً كبيرا لإخراجها من هذا المأزق. وهذا يفسر سبب انصياع الهند للضغوط الأمريكية في قبول التفاوض مع باكستان على حل مشكلة كشمير. فتطمع أمريكا من خلق أجواء المباحثات السلمية بين الهند وباكستان إلى أن تتمكن باكستان من نشر قواتها الرابضة على الحدود الفاصلة بين الهند وباكستان على الحدود الأفغانية. وبالإفراج عن الدفعات المالية المستحقة من ميزانية قوات التحالف لصالح باكستان، فقد تجاوبت باكستان سريعاً فاعتقلت الرجل الثاني في حركة طالبان الأفغانية الملى باردار، إلا أنّها رفضت تسليمه لجهاز الاستخبارات المركزية ال CIA .
فمن كل هذا يظهر بأنّ القيادة الباكستانية تساوم أمريكا على بضع دولارات نجسة، ولكن أنى تنفعها المساومة مع الجانب الخاسر؟
إنّ كل من عنده أدنى وعي يستطيع أن يخلص إلى أنّ أمريكا تواجه هزيمة مأساوية في أفغانستان. وإذا ما غير الجيش الباكستاني توجهه فإنّ باكستان قادرة على إلحاق الهزيمة النكراء بأمريكا، وستتمكن من إنهاء الاحتلال الصليبي لأفغانستان والقضاء على همجيتها في منطقة القبائل.
إنّ الطريقة العملية لتحقيق ذلك هي بعمل المسلمين في أفغانستان وباكستان معاً لإقامة دولة الخلافة. وحينها ستوحد دولة الخلافة الجيش الباكستاني مع المقاومة البشتونية في قوة جبارة، ومن ثم تطرد الصليبيين من المنطقة.