نصائح للآباء والأبناء-معنى التربية ج1
في سلسلتنا نبحث دوما عن النصائح المباشرة للآباء والأبناء، لكننا المرة أحببنا أن نطرح لماذا يجب أن نستقي هذه النصائح ونحرص على أن تتهندم بزي الإسلام؟ مع العلم أن مستمعينا ممن انعم الله عليهم بالإسلام .!
صدقا ظننا انه حان الأوان لطرح معنى التربية
لان الهدف ،ينصب على جمع اكبر عدد من النصائح الإسلامية لصبغ أبناءنا بألوان التربية الإسلامية الصحيحة
فما معنى كلمة التربية حسب القواعد الإسلامية ؟
التربية الإسلامية تعني تنمية فكر الإنسان وتنظيم سلوكه وعواطفه على أساس الدين الإسلامي .و النظرة الإسلامية لوجود الإنسان في الكون هي عبادة الله حسبما يشاء عز وجل والخضوع والامتثال لجملة أوامره ونواهيه سبحانه وتعالى في خلافة الأرض
و قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عندما يسمع الآية
الثامنة من سورة الشمس ” فألهمها فجورها وتقواها ” يقول ” اللهم آت نفسي تقواها أنت وليها ومولاها وأنت خير من زكاها “.والله يهدي من يشاء الهداية والهداية كامنة في إتباع أوامر ه والاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم و على المربي أن يصر على شحن الهمم بالمزيد من المعلومات و الأفكار والوقائع التي تزيد في همته ينهلها من كتاب الله وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم بشكل متواصل ولا يسمح لليأس من سوء أحوال المسلمين أن يثنيه بل عليه أن يجعل من عامل غياب الراعي لأمور المسلمين معول بناء وشاحن همم فهذا وقت العمل لا وقت حصي النكبات والخسائر وجمع أخبار الهزائم.
بل ويجب عليه إظهار الثقة من أظهار أمر دينه والتمكين لدين الله مهما طال الأمد وكبرت الجراح في جسد هذه الأمة، و عليه العمل لنشر بذور عودة عز الإسلام في صدور براعم النشء العامل لإعادة الخلافة التواق لرؤية رايات العقاب ترفرف في أرجاء بلاد الإسلام فعليه أن يمثل دور الناصح الأمين المذكر لأوامر الله المصر على ترسيخ قيم وثقافة الدين الإسلامي في نفوس براعمنا.
وعلى المربي أن يعود لهذه الأبيات لعلها تكون تقريعا لكل مربي ينسى انه أهم قدوة في حياة هذا الجيل فعلى تصرفاته أن تكون تبعا لنصائحه وتوجيهاته التي يلقيها على مسامع أبنائنا .
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليمُ
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يَِصِحُ به وأنت سقيمُ
إبدأ بنفسكَ فانهها عن غيها فإذا انتهت عنهُ فأنت حكيمُ
فهناك يقبلُ ما وعظتَ و يقتدى بالعلم منك وُينفَعُ التعليمُ
وعلى المربي أيا كان ولي أمر أم مربي أجيال أم إماما في المساجد ، أن لا يربي أبناءنا مستقيا كل أفكاره من مصادر الشريعة الإسلامية وحسب بل عليه أيضا أن يعلم أبناءنا مصادر الإسلام : القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة .
لأنها أساس التربية الإسلامية ومنها نبع المفاهيم الإسلامية وهي بمثابة السلاح لأهل الحق .
فالقرآن الكريم هو المنهج الرباني لكل ما يلزم من عبادة الله، وفيه شرح لأصل الإنسان ووظيفته في هذه الدنيا، وفيه القصص والعبر، وفيه أخبار الحق ، وفيه لفت لمظاهر الواقع المحسوس من سماء، ونبات ،وجبال، وقدرات إلهية عظيمة، وشواهد تجعل الغافل يرجف، من أمثال الصواعق والأعاصير والزلازل، التي تحث النفس على التفكير والإنابة إلى خالقها ولو كانت الإنابة بدءٌ من باب الخوف من الخالق رب العالمين فالأصل أن تبدأ الإنابة بمشاعر الخوف كما حصل مع حبيب الله (صلى الله عليه وسلم) وتنتهي بحب الله والعمل الدءوب على التقرب منه ونيل رضاه عز وجل .وكلنا يعلم قصة بدء نزول الوحي عليه… (صلى الله عليه وسلم ).وكم تثير المخاوف عالم التساؤلات والبحث وما قصة البحث والتساؤلات التي عرضها القرآن الكريم لإبراهيم الخليل عليه السلام ،بغريبة عنا أيضا ،واجزم أن العديد من المربيين قد تعرضوا لأسئلة تشابهت بالطرح من أسئلة الخليل في أثناء بحثه عن الخالق لهذا الكون سبحانه وتعالى، وخاصة من قبل الأطفال .
بل وأعظم من كل هذا ، ينبغي تعلم القرآن لان خلق مختار الله صلى الله عليه وسلم ~القرآن~ كما وصفت حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أمنا عائشة رضي الله عنها . بل إن شهادة الحق جل جلاله تفوق كل شهادة حيث يقول المولى عز وجل في الآية الرابعة من سورة القلم : ” وانك لعلى خلق عظيم “.
كما أن القرآن الكريم يمتاز بأسلوب تربوي رائع وقد لفتت أنظار المربيين المهتمين بسلوكيات الإنسان ففي القرآن الكريم مثلا : يستعمل أسلوب الاستفهام, للتقريع مرة، ومرة أخرى للتنبيه وأخرى للترغيب والتذكير بالجميل،و مثلٌ على ذلك سورة الرحمن،
ولا نستطيع أن نتغافل عن فن لغة الحوار في القرآن الكريم هذه اللغة التي تمتاز بالنفوذ إلى أعماق النفس البشرية ولا تكتفي بالحجة العقلية وحسب بل وتقترن الحجة بالفطرية ، فهي تقر ما بفطرة الإنسان .
ونجد أن أدلة القرآن الكريم تملأ العقل قناعة والقلب طمأنينة.وهنالك العديد من صور الحوار في القران منها ما هو حول الغيبيات ومنها ما هو حول الصراعات الفكرية الخ………………
ولا ننسى كذلك أن أول سورة في القرآن، نزلت لتشير إلى خلق الإنسان لأنه محور التبليغ ولان عليه تأدية الأمانة .
ودون قراءة منا أو تعلم لا تتم عملية تبليغ هذه الأمانة لأن إعجاز القرآن في بيانه وبما أن كتاب الله أول كلماته كانت وستكون اقرأ أي أمر لرسول الله بان يقرا كما ورد في سورة العلق: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ وقد أوضح القرطبي في تفسيره معاني الآيات :أي ،اقرأ يا محمد ما انزل من القرآن مفتتحا باسم الله والله يعينك ويفهمك وان كنت غير القارئ فنحن امة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم . أما نحن، معشر المسلمين فعلينا بالقراءة أو التلقين والتعلم والبحث عن الحق وفهم كلام الله من كتابه، هذا الكتاب الذي وصفه ربنا في محكم كتابه في الآية الثانية من سورة البقرة ” ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ” وما أعظمه من بلاغ.
أما المصدر الثاني وهو السنة النبوية الشريفة : وهي، كل ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم غير القرآن، من قول أو فعل أو تقرير.
والسنة هي الدليل الثاني بعد القرآن الكريم ، والقرآن الكريم والسنة وحي من الله ونحن مأمورون بإتباع ما انزل الله سواء أكان المنزل قرآنا أم سنة .وقد جاءت السنة لتبين القرآن الكريم ويتجلى هذا المعنى من الآية (44) من سورة النحل بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ” إلا واني أوتيت القران ومثله معه ” .
أما فوائد السنة للمربيين فهي إيضاح المنهج التربوي الإسلامي المتكامل الوارد في القران الكريم وبيان التفاصيل التي لم ترد في القران الكريم .
واستنباط لأساليب التربية المستقاة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أصحابه ،ودراسة لأساليب معاملته الأولاد ، وطرق غرسه الإيمان في النفوس صغيرة كانت أم كبيرة بل وحديثة العهد بدنيا أو إسلام.
ومما يميز التربية الإسلامية عن غيرها من أساليب التربية أنها ربانية وشمولية ومتوازنة حيث يقول المولى في سورة القصص الآية (77) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ وتتميز التربية الإسلامية أيضا بالايجابية والواقعية ففيها تركيز على جميع جوانب الشخصية اجتماعية ،اقتصادية ،نفسية .
وفيها كل ما يعود على النفس البشرية من نفع وخدمة لمصالحها .
وهل هنالك من برهان أقوى على منفعتها من كونها من رب البرية
لكل البرية حيث يقول المولى عز و جل في سورة الملك الآية أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ .ومن يزهد عنها أنما يهلك نفسه أو يشقيها .ونثبت هذه الأفكار في أذهاننا من خلال ذكر لهذه الآيات
أولى هذه الآيات الآية السابعة من سورة الانفطار . الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ
والآية الثانية هي الآية 19 من سورة إبراهيم . أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ
والآية الثالثة هي الآية 35 من سورة الطور . أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ
هذه الآيات وغيرها كثير يعلن الله فيها انه الصمد وأننا المخلوقات أي أننا العبيد له عز وجل .
ومختصر الحديث أن التربية حسب المنظور الإسلامي تعمل من اجل إعداد مسلم صالح
واع مدرك لواقع أمته مميز للحق كاره للباطل .يتمتع بالقدرة على التمييز ما هو من إسلامنا وما هو معارض لثقافتنا .