ذكرى هدم الخلافة- كلمة الأستاذ أبي معاذ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى من سار على دربهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين وبعد،
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمر علينا هذه الأيام ذكرى أليمة وهي ذكرى هدم الخلافة التي كانت ناصرة الدين وحامية ديار المسلمين وأموالهم وأعراضهم.
وعلى أثر ذلك تعرض المسلمون لشتى صنوف الإذلال والهوان على أيدي الكفار المستعمرين وأعوانهم الذين نصبوهم نواطير على دويلات تحفظ مصالح المستعمرين الكفرة.
وللتذكير لعل الذكرى تنفع المؤمنين فإن الخلافة هي رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا، لتنفيذ أحكام الشرع الإسلامي في الداخل وحمل الدعوة الإسلامية إلى بقية شعوب العالم بعد إزالة الحواجز المادية التي كانت تحول دون وصول الدعوى إلى هذه الشعوب.
وتنصيب خليفة واحد فرض على جميع المسلمين في كل بقاع الأرض والقيام بهذا الفرض كالقيام بأي فرض من الفروض التي فرضها الله على المسلمين لا هوادة فيه ولا تخيير، والتقصير في القيام به معصية من أكبر المعاصي يعذب الله عليها أشد العذاب.
أما الدليل على وجوب تنصيب خليفة على جميع المسلمين فنستقرؤه من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومن إجماع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
فقد أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين الناس بما أنزله الله عليه، وكان أمره له بشكل جازم قال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ…}المائدة49، وخطاب الرسول خطاب لأمته أما الدليل من السنة الشريفة فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية».
فالنبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة، ووصف من يموت وليس في عنقه بيعة أنه مات ميتة جاهلية والبيعة لا تكون إلا للخليفة فوجب على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة لخليفة، ووجود الخليفة هو الذي يوجد في عنق كل مسلم بيعة، أما إجماع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين فإنهم أجمعوا على وجوب إقامة خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته وانشغلوا عند دفنه ليلتين حتى تم انتخاب خليفة له.
كذلك أجمعوا على إقامة خليفة لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان بعد وفاة كل واحد منهم.
وقد ظهر إجماع الصحابة على إقامة خليفة، من تأخيرهم دفن أكرم خلق الله رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب وفاته واشتغلوا بنصب خليفة له مع أن دفن الميت بعد وفاته فرض وإن إكرام الميت تعجيل دفنه، فكان هذا العمل من الصحابة إجماعاً على الاشتغال له بنصب الخليفة عن دفن أكرم خلق الله ولا يكون ذلك إلا إذا كان نصب الخليفة أوجب من دفن الميت.
على أن إقامة الدين وتنفيذ أحكام الشرع في جميع مناحي الحياة فرض على جميع المسلمين، ولا يتم ذلك إلا بوجود الحاكم والقاعدة الشرعية تنص “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب” والقعود عن إقامة خليفة للمسلمين يعد من أكبر المعاصي لأنه قعود عن القيام بفرض من أهم فروض الإسلام، بل هو تاج الفروض لأنه يتوقف عليه إقامة أحكام الدين ووجود الإسلام في معترك الحياة والمسلمون اليوم آثمون بسبب قعودهم عن إقامة خليفة للمسلمين، ولا يسقط هذا الفرض إلا عن العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية وتنصيب خليفة يرأسها لتطبيق شرع الله في الأرض على رعايا الدولة الإسلامية ومن ثم إزالة الحواجز المادية التي تحول دون وصول الإسلام إلى كافة شعوب الأرض لتهتدي بهدي الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن من ينظر إلى العالم اليوم يجد أنه بأمس الحاجة إلى إعلاء كلمة الله بتطبيق شرع الله في أصقاع الأرض لنشر العدل وإزالة الظلم بمحو الشرك ورفع كلمة التوحيد في ظل دولة الخلافة الراشدة التي بشر بها نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ونحن نعلم أن هذا سيتم بإذن الله في الزمان والمكان اللذين يشاء الله أن يتمه فيه قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }التوبة32، وقال عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً }الفتح28، وقال تبارك وتعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55 ، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز به الإسلام وذلا يذل به الكفر» وقال صلى الله عليه وسلم : «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وأن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها».
وسوف يعم الإسلام ويدخل كل بيت -عن المقداد بين الأسود رضي الله عنه قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز وذل ذليل إما يعزهم الله عز وجل فيجعلهم من أهلها أو يذلهم فيدينون لها»”.
أيها المسلمون:
لقد آن أوان التخلص من الخوف وإعلان صيحات الخلاص وإنارة الأرض بنور الإسلام وهديه.
لقد آن أوان إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة بعون الله وتوفيقه تحقيقاً لوعد الله بالاستخلاف بالأرض وتحقيق بشرى رسوله صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.لتعود أمة الإسلام الكريمة التي أوذيت في ربها وكتابها ورسولها ودينها وعرضها وشبابها لتعود أمة الإسلام خير أمة أخرجت للناس.
لقد آن أوان إعزاز الحق بقيادة الخليفة الراشدة الذي يتقى به ويقاتل من ورائه وما ذلك على الله بعزيز، قال تعالى: {….وكان حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }الروم47، وقال جل وعلا: {… وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف21
أيها المسلمون:
إن دولة الخلافة قادمة لا محالة بإذن الله شاء من شاء وأبى من أبى قادمة بوعد من الله تعالى الذي لا يخلف الميعاد فقد قال عز وجل: {….وكان حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }الروم47، قادمة إن شاء الله بنا أو بغيرنا في زماننا أو زمان غيرنا وما علينا إلا الأخذ بأسباب النصر وإتباع طريقة المصطفى صلى الله عليه وسلم فالله نسأل أن نكون من جنودها وشهودها العاملين لإقامتها حتى نلقى الله تعالى وقد أبرأنا ذمتنا واعتقنا أعناقنا بمبايعة خليفة المسلمين ونسأل الله تعالى أن نكون من أفضل أهل الإيمان الذين ذكرهم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أتدرون أي أهل الإيمان أفضل إيماناً؟ قالوا: الملائكة قال هم كذلك ويحق لهم ذلك، وما عليهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها، بل غيرهم، قالوا: يا رسول الله فالأنبياء الذين أكرمهم الله تعالى بالنبوة والرسالة قال: هم كذلك ويحق لهم ذلك وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بل غيرهم، قلنا فمن هم يا رسول الله؟ قال: أقوام يأتون من بعدي في أصلاب الرجال فيؤمنون بي ولم يروني ويجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه فهؤلاء أفضل أهل الإيمان. (والورق المعلق كناية عن الكتاب والسنة).
لكن إرادة الله لن تتحقق إلا على يد العاملين المخلصين الذين باعوا أنفسهم لله طمعاً بنيل رضوانه ودخول جنته ومن هذا المنبر أناشد أهل القوة والمنعة والنصرة أن يبادروا إلى جنة عرضها السموات والأرض سبقهم إليها الأوس والخزرج أناشدهم نصر دعوة الحق والمبايعة على بيع الأنفس والنفيس وإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو معاذ