ذكرى هدم الخلافة – كلمة الأستاذ أبي إبراهيم
الحمد لله رب الأرباب، منزل الكتاب، ومذلل الصعاب، ومسبب الأسباب، ومجري السحاب وهازم الأحزاب.
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعه وسار على دربه، ونهج نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين، واجعلنا معهم واحشرنا في زمرنهم برحمتك يا أرحم الراحمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال الله تعالى في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
أيها المسلمون:-
في الثالث من آذار سنة ألف وتسعمائة وأربع وعشرين ميلادية سقطت دولة الخلافة، حيث تآمر الإنجليز وعملاؤهم من العرب واليهود وعلى رأسهم مصطفى كمال وأسقطوا دولة الخلافة العثمانية، بعد أن بقيت فترةً طويلة توصف بأنها الرجل المريض، بسبب بعدها التدريجي عن منهج الإسلام دون أن ينتبه لها أهلها، فأجهز عليها ومزقت بلاد المسلمين مزقاً مزقا، فكان للإنجليز والصليبيين معهم واليهود ما أرادوا، ففعلوا فعلتهم والمسلمون في سبات… نيام… فكان أن تمكنوا من رقابنا، ومن أعراضنا، ومن مقدساتنا، وعاثوا في بلادنا الفساد. ثلاثة أرباع القرن مضت على هذه الجريمة. هذه الجريمة التي آن لنا أن ننهيها، وآن للأمة أن تصحو من سباتها الطويل، أن تنفض غبار الذل وأن تنفض غبار اليأس والتردي عن كاهلها، وأن تضع يدها في يد المسلمين المخلصين لتسير معهم لتصحيح الوضع الذي آلت إليه الأمور لتسقط الثمار المتعفنة التي أثمرها ذلك اليوم، ويعود المسلمون قوةً يحسب لها حساب، ليعود المسلمون وقد أرضوا ربهم سبحانه وتعالى بعد أن أغضبوه بسكوتهم على أهل الكفر والضلال، وبقبولهم هذا الحال المذل الذي لا يرضاه عاقل، ولا يرضاه من في قلبه ذرة من تقوى.
أيها المسلمون:-
اسمعوا واعلموا أن هذا سينتهي ولن يدوم طويلاً وأن الله سبحانه قد وعد بالوحي لنبيه صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث، اسمعوا ماذا قال حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة” ثم سكت. وهذا الحديث رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
وكذلك ورد في تاريخ ابن عساكر حديث آخر عن يونس بن ميسرة بن حلبسة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”هذا الأمر -يعني بذلك الخلافة- كائن بعدي بالمدينة، ثم بالشام، ثم بالجزيرة، ثم بالعراق، ثم بالمدينة، ثم ببيت المقدس، فإذا كان ببيت المقدس فثم عقر دارها، ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبداً” وهذا حديث مرسل رجاله ثقات.
هذا يعني أن الخلافة ستعود رغم ما يفعله أهل الكفر والضلال من ذبح للمسلمين في كل مكان، من بطش في فلسطين، وفي بلاد الشيشان، وفي بلاد كشمير، ومن تمزيق لهم في إندونيسيا وغيرها، في الجزائر وفي نيجيريا.
هكذا آل حالنا أيتام على مآدب اللئام، في غياب من يذود عنا… في غياب أمنا الرؤوم… في غياب سيف حقنا -الذي كان بتاراً على رقاب وأعناق أعداء الله. رغم كل هذا الليل ستعود الخلافة بإذن الله على أيدي الشرفاء، على أيدي الأتقياء، على أيدي الضعفاء، رغم أنف كل قوى البطش والغطرسة في الأرض فإن الله سبحانه وتعالى بالغ أمره والله وعد ووعده الحق وقال نبيه ونبيه قوله قول صدق، ونحن على يقين بأن الله سبحانه يمحص المسلمين ليعلم الذين صبروا ويعلم الذين عملوا ويعلم الذين تخاذلوا وتنازلوا وفرطوا بحقوق الأمة. وستكون دولة كبرى بإذن الله، دولة عزة كما كانت، بل ستكون أكبر وأقوى مما كانت بإذن الله العظيم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لقد زوى الله لي الأرض فنظرت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها” وقد زويت كلها لأنه قال “زوى لي الأرض” فهذا يعني أن الدولة القادمة ستمتد في الكرة كلها من مشارقها إلى مغاربها ومن شمالها إلى جنوبها لتحكم روما، بإذن الله، بالإسلام بعد أن تفتحها جيوش الفتح القادمة وتفتح أيضاً لندن وباريس رغم بطشهم ورغم كبرهم وظلمهم وقوتهم التي أغرتهم وأعمت أبصارهم، وأما بلاد الأميركان الذين يعتبرون أرض المسلمين مزرعةً لهم ستهاجمهم يوماً من الأيام جيوش الخلافة التي لا يريدونها أن تعود.
فأذكركم أيها الاخوة في ذكرى هدمها أنها ستعود وما علينا إلا أن نجدّ العمل ونجدّ المسير، وما عليكم إلا أن تضعوا أيديكم في أيدي العاملين الصادقين المخلصين السائرين على طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليعود لنا عزنا من جديد، ولتعود لنا كرامتنا، وليعود لنا مجدنا التليد الذي اغتاله كفار الأرض.
أيها الاخوة واعلموا أن أجر العاملين في هذه الأيام أجر عظيم وأجر كبير. فقد قال عمر رضي الله عنه: ” كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال أنبئوني من هم أعظم أهل الإيمان إيماناً، قلنا الملائكة، قال: هم كذلك وقد أنزلهم الله هذه المنزلة، قلنا إذن الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء، قال هم كذلك، فقد أنزلهم الله منزلة الشهادة، قلنا فمن؟ قال: أقوام في أصلاب الرجال يأتون بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقون بي ولم يروني، يأتون إلى الورق المعلق فيقبلون عليه يتعلمونه ويعلمونه الناس، هؤلاء هم أعظم أهل الإيمان إيماناً ” أو كما قال صلى الله عليه وسلم . هؤلاء هم أعظم أهل الإيمان إيماناً، هؤلاء الذين يغبطهم الأنبياء الملائكة يوم القيامة من شدة حب الله لهم لأنهم قبضوا على دينهم كالقابض على الجمر، لأنهم صبروا، تحملوا الأذى في سبيل الله، تحملوا أن ينفوا من الأرض، أن يقتلوا، أن يسجنوا، أن يعذبوا وهم أهل فكر وهم أهل رأي على طريق محمد صلى الله عليه وسلم. وستكون لهم الغلبة بإذن الله ويكون لهم النصر وتكون على أيديهم عزة وشرف عظيم يحققه الله الذي لا إله إلا هو.
اللهم يا رب الأرض والسماء نسألك في ذكرى هدم دولة الإسلام أن تعيد هذا التاريخ وهذه الذكرى وقد أقمت لنا دولة الإسلام وأعنتنا على أن نقيمها دولة قوية… دولة عظيمة… نقهر بها أعدائك يا رب نقهر بها أعدائك يا مولانا وأعداء المسلمين ونحتفل بعدها بها، بذكرى قيامها حتى قيام الساعة رافعين الهامات رافعين الرؤوس معتزين بنصرك يا عزيز يا من بيدك العزة يا من بيدك النصر عجل لنا بالنصر يا ذا الجلال والإكرام استجب لنا وفرّج كربنا واهزم خصمنا ووحد صفنا. اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا يا مولانا وكن معنا ولا تكن علينا.
وصلى الله على نبينا المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه الأستاذ أبو إبراهيم