نصائح للآباء والأبناء – معنى التربية
إخوتي في الله شاء المولى أن نلتقي اليوم لنكمل الجزء الثاني من الحلقة السابقة من سلسلة نصائح للآباء والأبناء والتي تناولت معنى التربية من وجهة نظر إسلامية وكيف أن هذه التربية قد تميزت بواقعيتها وشموليتها وايجابيتها عن سائر أساليب التربية الأخرى بفضل كونها ~ربانية~ .
فالحمد لله رب العالمين الذي جعلنا من امة المسلمين .
أخوتي في الله وعدناكم أن يلم هذا الجزء من الحلقة بسرد الكثير من أدبيات التعامل مع الآخرين .
ونطرح هذه الأدبيات : لأن الأصل في من تربى حسب أصول التربية الإسلامية ، أن يترك أثارا طيبة أين ما يحل ،وما ترك الانطباعات الحسنة لشخص صاحب هذه التربية في نفوس الآخرين ألا دلالة للكسب الصحيح لهذه الأدبيات ،ويقول صلى الله عليه وسلم : ” لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع “وكلما أُتقن كسب هذه الأدبيات كلما كن أكثر قربا وتجسيدا لصورة العلاقات المفروض أن تتحقق بين أبناء الأمة الإسلامية حسب معايير الحديث الشريف : يقول صلى الله عليه وسلم ” مثل المؤمنين في توادهم ،وتراحمهم ، وتعاطفهم ، مثل الجسد ؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى “.
و كعادتنا دوما التذكير على ربط كل نصائحنا بالولاء لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم نَذكر عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم ، وحب آل بيته ، وتلاوة القرآن .
والآن سنبدأ بسرد ما يشاء الله من هذه الأدبيات:
أولى هذه الأدبيات ألقاء السلام : حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : “……….،وتقرأ،السلام على من عرفت ومن لم تعرف.”
ويقول (صلى الله عليه وسلم ) : ” يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير “.
ويجب لفت الانتباه لكيفية الرد باليد. فقد روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :” ليس منا من تشبه بغيرنا . ولا تشبهوا باليهود ولا النصارى ، فان تسليم اليهود الإشارة بالأصابع ،وتسليم النصارى الإشارة بالأكف ) .
ثم أن هنالك ظاهرة مميزة لهذا الجيل من الذكور أنهم يحبون الجلوس على الطرقات على شكل تجمعات وقد استغربنا من انتشار هذه الظاهرة وأنكرنها في أنفسنا لأنها تخالف نصيحة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ” إياكم والجلوس في الطرقات ……………….” وأحببنا من خلالكم التنبيه لهذه الظاهرة لعلنا نمنعها من خلال التوصيات وتكررها على الأبناء ولمن لا يلمس من أولاده أو يضمن حسن الطاعة والتنفيذ فليعلم أبنائه حديث رسول الله كاملا ” حيث يقول صلى الله عليه وسلم :” إياكم والجلوس في الطرقات ، فقالوا : يا رسول الله ! ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ” قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال : غض البصر ، وكف الأذى ورد السلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وثانيها : عيادة المريض حيث يقول (صلى الله عليه وسلم ) : ” عودوا المريض ،………”
وثالثها : تشميت العاطس حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله ، وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له يرحمك الله ، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم .”
و رابعا : زيارته في الله حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” ……..أو زار أخا في الله ناداه مناد بان طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلا .”
و خامسا : أعانته وقت الشدة حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة “.
وكم نحن بحاجة لهذا الأخ ولهذا العون فو الله ما ألمت بالمسلمين مصيبة بعد رسول الله صلى الله أقسى ولا أفجع من هدم الخلافة و زوال الحكم بما يرضي الله فإن لله وإن إليه راجعون .
وسادسا : إجابة دعوته إذا دعاه .وإتباع الجنائز ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام ، وعيادة المريض ، وإتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس “.
وسابعا : التهنئة بالشهور و الأعياد و التهادي في المواسم و المناسبات .يقول (صلى الله عليه وسلم ) :” تهادوا تحابوا ” .
ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” يا نساء المسلمين تهادين ولو فرسن شاة فانه ينبت المودة ، ويذهب الضغائن .” الفرسن هو ظلف الشاة .
وثامنا : مراعاة حق الكبير عملا لقوله (صلى الله عليه وسلم ) : ” ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف حق كبيرنا “.
وتاسعا : أدب الاستئذان ، وتبدأ بالطرق بشكل لائق ثلاثا، ثم الإعلان عن الاسم ، ثم التحول عن وجهة الباب حتى يفتح صاحبه ، وأن يجلس في المكان الذي يخصصه له رب المنزل .
وإن دخل مجلسا عليه أن لا يجلس بين اثنين إلا بإذنهما وأن يحاذي الناس لا أن يتوسطهم ، وألا يتسار اثنان في حضرة ثالث في المجلس
ومن خرج من مجلسه لحاجة ثم رجع إليه فهو أحق به ، وأن يستأذن عند الهمة للإنصراف، وأن لا ينسى ذكر دعاء كفارة المجلس.
هذه وغيرها من الأدبيات في التعامل تؤسس لبذور الوحدة والمعافاة للجسد الواحد فهي كالزي الموحد بالجيوش والمدارس وهي علامات على أن القالب واحد……..وهنالك أدبيات أخرى سنحاول عرضها في حلقات قادمة إن شاء المولى إلا أن هذه الأدبيات كان من المفروض أن تكون سمة للمسلمين يكتسبونها منذ نعومة أظفارهم دون الحاجة
لسردها إلا أن ضياع رسن المسلمين وأتباعهم لآخر التقاليع من الموضة الغربية وثقافتها الشنيعة جعلت هذه الأدبيات تصبح غريبة
وتقلدت كلمة قلة الأدب من قبل مربي هذه الناشئة وصف لكل من يخالف هذه الأدبيات………… إلا أن المفروض حقا أن تتم عملية التصحيح وإعادة زرع هذه الأدبيات من جديد وذلك لنرفع هذا الهوان عن كاهل أبناء امة الإسلام فمن هذه الأدبيات يجب أن نصل إلى الاهتمام بكل شئون المسلمين في كل أرجاء العالم لا أن يصل الحال لبناء جدران إسمنتية بين أوصار الأمة الإسلامية و أسفاه.
والأمر والأدهى من كل هذا و والله لا أجد له مبررا هذا الإتباع المثير للإشمئزاز في كسب عادات اللباس من الثقافة الغربية سواء عند الذكور أو عند الإناث فيا لها من سخرية أن يصل بنا الحال نحن معشر المسلمين أن نغض الطرف ونأذن لأولادنا أن يرتدوا نصف سروال أو نصف قميص فقد باتت الأسواق ومستوردي البضائع من التجار هم الذين يخطون ألف باء الهندام بل ويحددون الذوق العام ونوع القماش والألوان. فحسبنا الله ونعم الوكيل .
المربيين الكرام اعملوا وأصلحوا وازرعوا الخير فنحن امة الخير وقد أخرجنا الله للناس لنصلح نهجهم في الحياة بإتباعهم طريق الرسول لعبادة الله وعسى الله أن يهيئ لأمرنا رشدا ونعود إلى صدارة الأمم لا صدارة مبدأ تحمله الصدور التقية فحسب ،لأنه مهما طغت أحوال الضنك والهوان في نفوس أبناء الأمة الإسلامية يعلم أعداؤنا أن مبدئنا هو الأسمى وأنه منهج الحق وما ينقصه إلا أن يسخر الله له أهل النصرة والمنعة وما هو حاصل وتقترفه أيديهم من تمزيق لجسد هذه الأمة إلا أنهم يظنون بأنهم يؤخرون زحف رايات العقاب لفتح بلادهم فو الله إن الزحف لقادم وما هو مرهون إلا بمشيئته عز وجل وعندها سيعم الخير كله و نغيث الأمم الغافلة الواقعة في براثين الظلام وتحت جور الأديان ففي سورة آل عمران الآية 104 . فاعملوا على نشر بذور الثقافة الإسلامية وغرسها في أذهان أبناءنا . فلعلنا الزُراع وأبناؤنا هم حُصادها، وأن كنا نلح على الله بالسؤال لجني ثمارها والعيش تحت ظلال حكمها آمين آمين يا رب العالمين.
أما أنتم أبنائي فأحسنوا السمع والطاعة وثقوا أنكم أمل هذه الأمة لذا فاقبلوا على تحقيق مقولة سفيان بن عيينة . “إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو الميزان الأكبر ،وعليه تعرض الأشياء على خلقه وسيرته وهديه ..فما وافقها فهو الحق ،وما خالفها فهو الباطل ). والله ولي التوفيق لنا ولكم و لأمة الإسلام ولسائر البشرية .
فالحمد لله رب العالمين.