بين الحقيقة والسراب – برنامج الشريعة والحياة
نلتقيكم مجددا في الحلقة الرابعة من برنامج بين الحقيقة والسراب …
يبدو أن برامج الجزيرة ستأخذ حيزا كبيرا من برنامجنا هذا، كيف لا وقد أتخمت بما يسمم العقول، فوقوفنا لهذا اليوم سيكون على أعتاب برنامج يلبس الدين عنوة ، ولا يستضيف إلا علماء يعجبون الجزيرة ومن يسوسها ، إنه برنامج الشريعة والحياة “والعنوان هنا على حسب فهم قناة الجزيرة الذي يضع معنى جديدا بعيدا عن الشريعة في حقيقته” برنامج مباشر يبث يوم الأحد الساعة العاشرة على قناة الجزيرة يقدمه الأستاذ عثمان عثمان وعادة ما يكون الضيف الشيخ يوسف القرضاوي.
ولنبدأ بعنوان البرنامج الذي يعبر عن معان كثيرة ومفيدة تنقذ من يعمل بها من غضب الله تعالى فيفوز في الدنيا والآخرة، هذا إن شرح ضيف البرنامج الفروض والواجبات التي تنص عليها الشريعة وبين للمشاهدين المطلوب منهم من أحكام شرعية تحل لهم مشاكل حياتهم على أساس العقيدة الإسلامية، وربط ذلك بكل مناحي الحياة ولم يركز على ناحية واحدة فقط وأهمل الجوانب الأخرى.
وفي الحلقة التي بثت بتاريخ 10 – 5 – 2009 والتي كان موضوعها” الترف والرفاهية “، وقد شرح الشيخ الترف والإسراف والتبذير والرفاهية والحياة الطيبة والزهد ،وربط بين انهيار الدول والحضارات وظهور الترف في البلاد، وفي ظل الأحداث العالمية وما تمر به البشرية من انحطاط ،يتصور المشاهد أن البرنامج سيناقش القضية بموضوعية ويشحذ الهمم ويحث المسلمين على التغيير، فهذا دور العلماء الذي يريدون الخير للإسلام والمسلمين ، فيجب البحث في واقع المسلمين اليوم والبحث عن حلول للفقر المدقع والذلة التي يعيش فيها المسلمون، بينما تنهب ثرواتهم من أنظمة فاسدة في بلاد المسلمين، لكنه استمر لمدة ساعة كاملة يتحدث بشكل فردي فقط ، ولا يتطرق لأسباب الترف الرأسمالي العالمي الذي جعل من الناس عبيدا ، وفاته أن أغلب الناس في الدنيا لا يحصلون على ما يغطي قوت يومهم، بل تحدث على من يترفه ترفها حلالا ويعيش حياة منعمة طيبة، متناسيا أن أغلبية الشعوب يعيشون تحت خط الفقر، وأغلبهم يسعون طوال اليوم في كد وتعب لتحصيل القليل من القوت ولا مجال لديهم للترفه والإسراف والتبذير ، حتى الحياة الطيبة مفقودة ولا تتوفر فيها الأساسيات حتى يسعون للكماليات.
وقد ربط الشيخ بين المعيشة الضنك وبين ارتكاب المعاصي وبين الحياة الطيبة والإيمان، ثم ذكر أن الدولة الإسلامية مطالبة بتوفير الرفاهية والعيش الكريم للناس فيها ، لكنه لم يذكر ماذا نعمل لإيجاد هذه الدولة اليوم.
طبعا لم يقف الشيخ على حقائق الأزمة الاقتصادية في العالم وأنها أزمة مبدأ، وأنه لا بد لنا من التخلص من هذا المبدأ المتعفن البالي، وأن نعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بنظامها الاقتصادي، حتى يستطيع الإنسان أن يعيش حياة كريمة.
وفي حلقة أخرى كان الحديث يدور فيها حول اللغة العربية،في بداية البرنامج عرضت الجزيرة تقريرا أعده حسن الشوبكي من عمان، صورت فيه حالة الضياع الذي تعيشه اللغة العربية وأنها كما وصفها في التقرير لغة قديمة ويسخر منها البعض وقالت إحدى الطالبات في الجامعة الألمانية أنها تخجل من الحديث بهذه اللغة.
وهذه الشبهات وغيرها ترددها الجزيرة وأعداء العربية من بني جلدتنا، في أن العربية لا عهد لها بالمخترعات والمكتشفات الحديثة، وأن العربية لغة بداوة تفتقر إلى التجريد ، ولا تستطيع حمل المصطلحات الحضارية، وهذه شبه واهية أوهى من بيت العنكبوت،أرادت الجزيرة ترسيخها ولو ادعت محاربتها !
وفي سؤال من مقدم البرنامج عثمان عثمان أن اللغة العربية انتشرت في إفريقيا وآسيا وأوروبا بفضل الإسلام …..؟ لماذا تراجعت العربية اليوم عن دورها المركزي لتكون لغة علم وإشعاع في العالم ؟
فأجاب القرضاوي أن اللغة العربية انتشرت في العالم حيث كان الصحابة رضوان الله عليهم ينشرون الإسلام ومعه العربية، والناس تتعلم الدين واللغة مع الدين وعلى هذا الأساس تعربت مصر وشمال إفريقيا حتى فارس انتشرت فيها اللغة العربية، ولو كان المسلمون ساروا على هذا المنهج اللغة والدين معا، ما كان عندنا الآن عالم عربي وعالم إسلامي.
من خلال متابعتنا للإعلام نجد أنه يتعامل بحذر شديد مع القوميات حسب توصيات مراكز الدراسات على اعتبار أنها الورقة التي مزقت الأمة ويريدون من خلالها حرف الأمة عن منهج ربها وجمعها تحت راية واحدة ، إلا أن الجزيرة وشيخها قفزوا في هذه الحلقة لإذكاء القومية بشكل أكثر صراحة وهذا ما تحذر منه مراكز الأبحاث والدراسات الغربية؛ كي لا يكشف أمرهم وهدفهم للأمة.
وبدل أن يربط الشيخ فتوحات الصحابة وكيف كانت البلاد المفتوحة تنصهر بهذا المبدأ ولغته كسرعة النار في الهشيم بفضل الكيان السياسي وسلطانه، وأثر القرآن في اللغة العربية وجعلها لسان الدولة الإسلامية ،يدعونا الشيخ إلى عالم عربي!!.
فالجزيرة وضيفها لم يذكروا أهمية الكيان السياسي ودوره في الحفاظ على هذه اللغة وجعلوا من مجامع اللغة هي السور الواقي لهذه اللغة .
كما أن اللغة العربية لم تكن لها هذه القوة والمنعة، وليست لغة حضارة وصناعة، إنما كانت لغة صحراء وأمية، بكل ما تفرضه بيئة الصحراء من بساطة وضيق عيش، وبعد عن العلوم والمعارف، ثم إن العرب قد تعرضوا للحروب والدمار كغيرهم، لكن ما زالت لغتهم قوية ساطعة تنبض بالحيوية والنشاط، وما ذلك إلا بفضل القرآن الكريم، الذي تكفل الله بحفظه، فحفظ به اللغة التي نزل بها، ولم يتكفل بحفظ غيره من الكتب المقدسة فبادت اللغة التي نزلت فيها واندثرت.
إن هذا البرنامج يستخدم أساليب كثيرة خبيثة للتأثير على الناس ومن هذه الأساليب :
1- وجود أصحاب الرأي ودورهم في المجتمع:
حيث يكون تأثير وسائل الإعلام في الناس بشكل كبير عندما يساهم هؤلاء الأفراد المبرزون والمقبولون في مجتمعهم ويدلون فيها بأقوالهم ويساهمون – أحيانا – بأفعالهم، وهذا الأمر فطنت له المؤسسات الإعلامية بشكل خاص ،فاستقدمت المشهورين كالشيخ القرضاوي فقال ما يراد له أن يقال وفقا لسياسات القناة.
2-ارتباط مضمون الرسالة بقضايا عامة للجماهير:
وهذا ما نراه الآن فالقومية العربية هي الحل الذي يقوم الإعلام بتوجيه الرأي العام نحوه، فأغلب المشاهدين عرب وأغلبهم مسلمون،لذلك لزم تضليلهم بإقصاء الإسلام عن حياتهم.
ليس لنا أن نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل سائلين المولى عز وجل أن يزيح مثل هذه القناة وزميلاتها من طريقنا، فيكفيها استخفافا واستهتارا بالعقول … أترككم في أمان الله