دراسة حول الاحتباس الحراري-ح1
تطالعنا وسائل الإعلام بجميع أشكالها المسموعة والمقروءة والمرئية بظاهرة الاحتباس الحراري .
لذلك كان حري بنا أن نبحث عن أصلها وماهيتها والأسباب التي أدت إلى حدوثها , فبالنظرة العميقة المستنيرة نرى أن هذه الظاهرة عبارة عن :- ظاهرة زيادة كثافة غازات (مثل ثاني أكسيد الكربون) في الهواء الجوي، نتيجة لذلك ترتفع درجة حرارة الجو.
فالأرض محاطة بغلاف غازي يتكدس في غازات مثل ثاني أكسيد الكربون، بخار الماء، الميثان، الأوزون، وأكسيد النيتروجين تساهم في منع الإشعاعات الحرارية من الانطلاق خارج الغلاف الغازي للأرض تماما كما يحدث في البيت الأخضر الزجاجي الذي يستخدم في الزراعة.
وهذه الغازات تنقسم إلى نوعين:
النوع الأول الذي يتكون في الغلاف الغازي بطريقة طبيعية، مثل: ثاني أكسيد الكربون، بخار الماء، الميثان، الأوزون، وأكسيد النيتروجين.
النوع الثاني الذي يتكون بطريقة غير طبيعية بفعل الأعمال البشرية، مثل: الهيدروفلوروكربونات، البيرفلوروكربونات، و الهيكسافلورايد.
تتكون هذه الغازات وتتجمع في الغلاف الغازي لأسباب عدة منها :- الطبيعي ومنها الصناعي.
فمثلا غاز ثاني أكسيد الكربون يتكون في الجو بطريقة طبيعية نتيجة حرق الأخشاب والنفايات الصلبة ومصادر الطاقة الحجرية (مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم). أما الميثان فيتكون نتيجة تحلل المخلفات العضوية.
وللميثان القدرة على امتصاص ما يعادل 21 ضعف الحرارة التي يمتصها غاز ثاني أكسيد الكربون , غاز أكسيد النيتروجين ينبعث كناتج للعمليات الصناعية والزراعية، وكناتج أساسي لحرق المخلفات الصلبة و مصادر الطاقة الحجرية.
هذا ومن المعروف علميا أن درجة حرارة الأرض التي تسمح باحتمال الحياة على السطح هي 60° فهرينهايت، نتيجة لقيام الغازات بحبس الطاقة الحرارية الواصلة من الشمس مما ساعد على تكون الحياة في بدايات الأرض، لكن الزيادة المستمرة في نسبة هذه الغازات منذ بداية الثورة الصناعية أدت إلى ارتفاع درجة الحرارة عالميا . هذا وقد أثبتت الدراسات انه خلال القرن الماضي ارتفعت نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 30% أما غاز الميثان فقد زاد بنسبة الضعف ، 15% كانت الزيادة في نسبة غاز أكسيد النيتروجين . سجلت سنة 1998 أعلى درجة حرارة تاريخيا ، نتيجة لذلك فان منسوب سطح البحر ارتفع بنسبة 4- 8 انشات عالميا.
نتيجة لذلك ستزداد نسبة التبخير، كما ستقل رطوبة التربة مما سيؤثر على نوعية الزراعة في كثير من المناطق ، وستتعاظم العواصف الممطرة و يزداد ذوبان الثلوج في الأقطاب مما سيؤدي إلى ارتفاع مناسيب البحار بين 10 سنتيمترات و20 سنتيمترا خلال القرن العشرين.
إن كل هذه العوامل ستؤثر بالتأكيد على نوعية الغابات والمزروعات ، حيث ستزداد الإنتاجية الزراعية في المناطق المتجمدة والباردة حاليا وتنخفض في المناطق شبه المدارية نتيجة لزيادة جفاف هذه المناطق , وسيكون التوسع الحراري بمعنى تمدد المياه عند ارتفاع الحرارة السبب الرئيسي لارتفاع منسوب المياه إلى جانب المناطق الجليدية التي تتعرض للذوبان .
لكن أكبر خطر هو احتمال ذوبان صفائح الجليد في غرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية.
وإذا حدث ذلك فمن الممكن أن تغرق جزر وأن تغمر المياه كل سواحل العالم ويقول بعض خبراء البيئة إن أدلة حديثة عن ذوبان جليد جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية بصورة أسرع مما كان متوقعا يشير إلى أن ارتفاع مناسيب البحار سيصل إلى الجزء الأعلى من النطاق الذي يترواح بين 9 سنتيمترات و88 سنتيمترا والذي توقعته لجنة مناخية تابعة للأمم المتحدة بحلول عام 2100.
كما سيؤدي تغير المناخ إلى زيادة في الأمراض وتنوع الآفات الزراعية إضافة إلى تغييرات في نوعية المحاصيل الزراعية ومواعيد الزرع وممارسات الحرث .
هذا بالإضافة إلى التأثيرات السلبية المباشر أو الغير مباشرة على صحة الإنسان وامتداد الأمراض الاستوائية والمعدية مثل : الملاريا والحمى الصفراء والتهابات الدماغ الفيروسية إلى أماكن ومناطق جديدة.
( أفادت دراسة نشرتها المجلة العلمية الشهيرة ساينس SCIENCE ، إن ظاهرة الاحتباس الحراري التي تعاني منها الأرض ستزيد من مخاطر انتشار الأوبئة بين الحيوانات والنباتات البرية والبحرية مع زيادة مخاطر انتقال هذه الأمراض إلى البشر .
يقول العالم (( درو هارفيل )) من جامعة ( كورنل ) ورئيس فريق البحث العلمي (( إن مولدات المرض من فيروسات وجراثيم وطفيليات ، تصيب مجموعة متنوعة للغاية من الكائنات ، منها المرجان والمحار والنباتات البرية والعصافير والبشر
لقد كرس الباحثون دراستهم طوال سنتين حول العلاقة بين التغير في درجة الحرارة ونمو الفيروسات والجراثيم وغيرها من عوامل الأمراض ، مع دراسة عوامل نشر بعض الأمراض مثل القوارض والبعوض والذباب ، وقد وجد انه مع ارتفاع درجة الحرارة ، يزداد نشاط ناقلات الأمراض – حشرات وقوارض – فتصيب عدد أكبر من البشر والحيوانات ، وقد وجد أن فصول الشتاء المتعاقبة والمعتدلة حراريا فقدت دورها الطبيعي في الحد من مجموعة الجراثيم والفيروسات وناقلات المرض ، كذلك فقد لوحظ أن فصول الصيف في العقد الأخير من القرن الماضي زادت حرارة وطولا ، مما زاد من المدة التي يمكن للأمراض أن تنتقل خلالها إلى الأجناس الحية الشديدة التأثر بالتغييرات الحرارية وخصوصا في البحار والمحيطات ، تقتصر على مشكلة مرجان أبيض وفقد لونه كما يقول حماة البيئة، أو بعض حالات الملاريا المتفرقة التي يمكن السيطرة عليها ، الأمر له أوجه كثيرة ومتفرقة ونحن قلقون
لقد تناولت الدراسة حياة الكثير من الطيور والحيوانات التي تأثرت بفعل ارتفاع الحرارة ، ويذكر الباحثون على سبيل المثال طيور ( الأكيبا ) في هاواي ، حيث تعيش هذه الطيور على ارتفاع يبلغ 700 متر في جبال جزيرة ( ماوي ) ، محتمية بالبرودة على هذا الارتفاع من البعوض والحشرات التي تدمر حياتها , ، غير أن ارتفاع الحرارة جعل البعوض يصل إلى مثل هذا الارتفاع جالبا معه جراثيم الملاريا التي أصابت أعـداداً كبيرة من هذه الطيور وفتكت بها ولم تترك منها إلا عددا ضئيلا .
وأشار العلماء إلى أن القارة السمراء هي الأقل مساهمة في تكوين الانبعاثات الغازية إلا أنها ستكون الأكثر تضرراً.
ومن مظاهر تأثير الاحتباس الحراري على القارة، بدء ذوبان الثلوج في أعلى قمم أفريقيا، جبل كليمنجارو وظاهرة التصحر التي تجتاح مناطق الساحل شمال غربي القارة، بجانب الكوارث البيئة الأخرى التي تشهدها أفريقيا من قحط وفيضانات وانقراض أنواع عدة من الحيوانات والنباتات.
تقول وكالة الفضاء الأمريكية – ناسا – أن مساحة ثقب الأوزون وصلت، هذا العام، إلى ثمانية وعشرين مليون وثلاثمائة ألف كيلومتر مربع , وهذا يعني أن الثقب أصبح يعادل ثلاثة أضعاف مساحة الولايات المتحدة
وكان حجم الأوزون قد سجل قبل سنتين رقما أقل من ذلك أي سبعة وعشرين مليون ومائتي ألف كيلومتر مربع
وقد أصيب علماء وكالة الفضاء الأمريكية الذين يعكفون على دراسة طبقة الأوزون منذ السبعينات بالصدمة من الزيادة الكبيرة في حجم الثقب
ويقول الدكتور مايكل كوريلو، مدير برنامج بحوث طبقات الجو العليا التابع للوكالة، إن تلك المعلومات تعزز القلق من هشاشة طبقة الأوزون التي تغلف الأرض .
ومعروف أن طبقة الأوزون الجوية تحمي كرتنا الأرضية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة ، وبذلك يعتقد أن اضمحلال الأوزون يساهم بدرجة كبيرة في الإصابة بسرطان الجلد في بلدان مثل أستراليا , لكن الآمال معلقة على بروتوكول مونتريال الموقع عام سبعة وثمانين والذي يفرض قيودا على انبعاث المواد الملوثة الخطرة مثل كاربونات الكلور والفلور والبروميدات وغيرها، في أن يؤدي إلى عودة طبقة الأوزون إلى حالتها الطبيعية بحلول عام ألفين وخمسين .
لكن الأبحاث الأخيرة تشير إلى أن المشكلة قد وصلت إلى حدود أبعد مما كان متوقعاً وذلك بسبب الاحتباس الحراري.
اعداد : ام مؤمن