خبر و تعليق روسيا تسعى لتعزيز وجودها في قرغيزستان
الخبر: بتاريخ 09/04/2010م نشر موقع “سي إن إن تورك” (www.cnnturk.com) خبراً جاء فيه: “لقد بسطت الحكومة المؤقتة التي تشكلت بعد الأحداث الدامية في قرغيزستان سيطرتها على الوضع، إلا أن أميركا لا تعترف بالإدارة الجديدة. لقد قيل أن الوضع أصبح تحت السيطرة في العاصمة بيشكيك التي توالت الأنباء عن وجود صدامات فيها بين النَّهَابِين والشرطة”.
التعليق:
بداية لابد من الإشارة إلى أن التمرد الشعبي الذي نشب في قرغيزستان بتاريخ 06/04/2010 بقيادة زعماء المعارضة القرغيزية تمخض عن إسقاط النظام، وقد أقر الرئيس المخلوع كرمان بك باقييف بأن الجيش وقوات الشرطة قد دخلوا تحت سيطرة الحكومة الجديدة المؤقتة. وفي المحصلة فقد تم تشكيل حكومة مؤقتة تترأسها روزا أوتونباييفا أحد زعماء المعارضة والتي ستحكم البلاد لمدة ستة أشهر.
كما هو معلوم فإن قرغيزستان تمتاز بموقع استراتيجي هام في آسيا الوسطى، فقرغيزستان تمتلك حدوداً مع الصين يبلغ طولها 858 كم، ما يجعلها محط نظر أميركا، التي إن تمكنت من بسط سيطرتها عليها فستكون قد تمركزت على الحدود الصينية. ولهذا فإن أميركا المهتمة بالصين وبالمنطقة ككل معنية في النفاذ إلى قرغيزستان والهيمنة عليها. وقاعدة ماناس العسكرية التي يرابط فيها أكثر من ألف عسكري أميركي تعتبرها أميركا بمثابة المركز الرئيس لحربها ضد المسلمين في أفغانستان. وروسيا التي تدرك ماهية المخططات والمشاريع الأميركية تبذل وسعها لإضعاف الوجود الأميركي هناك، وبالرغم من ولاء الرئيس المخلوع كرمان بك باقييف لروسيا إلا أنه كان قد حاز على أنصار من خلال المعونات الأميركية لقرغيزستان، فبدأ بإظهار تقربه لأميركا التي لم يرى منها أي مقابل وكان يخشى على الدوام من مغبة قيام أميركا بإسقاطه من الحكم، وكان يعد العدة لتسليم الحكم من بعده لولده ماكسيم المعروف بقربه من أميركا، ما دفع روسيا التي رأت فيه أنه بدَّل وجهته تماماً نحو أميركا لإسقاطه بالتعاون مع قادة المعارضة الموالين لها الذين قادوا التمرد الشعبي لإسقاط باقييف من الحكم وقد نجحوا في ذلك. فوفقاً للأنباء التي تناولتها وسائل الإعلام صرح أحد قادة المعارضة عمربيك تِكِبَاييف قائلاً: “لقد لعبت روسيا دوراً في إسقاط الحكومة”، وكانت رئيسة الحكومة المؤقتة الجديدة روزا أوتونباييفا قد هاتفت رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين وأعطته تقريراً عن الوضع قائلةً: “الوضع تحت السيطرة”، وصرحت روزا أوتونباييفا قائلةً: “إن روسيا شريك استراتيجي يحوز على أهمية رئيسية”، وكان المتحدث باسم فلاديمير بوتين قد صرح قائلاً: “لقد تحدث بوتين مع روزا أوتونباييفا بصفتها رئيسةً للحكومة المؤقتة”، ما يظهر للعيان بصورة واضحة أن روسيا هي التي تقف وراء التمرد الذي حدث.
وبهذا تكون روسيا قد اتخذت خطوة لتقوية وجودها في قرغيزستان مستغلة فرصة انشغال أميركا في مستنقع أفغانستان العالقة فيه، ووفقاً لما تناولته وكالة أنباء انترفاكس الروسية فقد أعلن رئيس الأركان العامة ماكاروف من خلال تصريحه أن ميدفيديف قد أعطى تعليماته لإرسال 150 مظلي عسكري إلى قاعدة “كانط” الروسية في قرغيزستان. وبالرغم من التصريحات الواردة من أميركا -حتى كتابة هذا التعليق- من أنها لا تعترف بالحكومة المؤقتة القرغيزية الجديدة إلا أن المرجح أنها ستعترف بها في وقت لاحق قريباً، ذلك أن الوضع الحالي لا يسمح للولايات المتحدة الأميركية المخاطرة بوضع قاعدة “ماناس” التي تعتمد عليها في حربها ضد المسلمين في أفغانستان، وهي تدرك أنها إن قامت بأي تحرك معارض، فستستخدم روسيا القاعدة الأميركية كورقة رابحة في يدها. إلا أن ذلك لا يعني بتاتاً أن أميركا ستصرف نظرها عن صراع النفوذ الذي تخوضه في المنطقة، ولكن انشغالها في مستنقع أفغانستان الذي علقت فيه جعل الفرصة سانحة لروسيا لتعزيز وجودها ونفوذها في المنطقة.
إن هذه البلاد الإسلامية ستبقى محط صراع نفوذ بين أميركا وروسيا حالها كحال سائر بلاد المسلمين إلى أن تقوم دولة الخلافة الراشدة التي ستضع حداً للكفار المستعمرين.
رمضان طوسون