خبر وتعليق الرأسمالية تثبت عجزها التام عن تلبية حاجات النّاس في بنغلادش
ها قد بدأ فصل الصيف والناس في مختلف المدن البنغالية يكتوون بلهيبه في ظل النقص الحاد في الغاز والماء والكهرباء. وأكثر المتضررين من هذا النقص القطاع التجاري والعائلات والطلاب الذين يدرسون لامتحانات الثانوية العامة، مما دفع الناس إلى القول أنّهم لم يشهدوا مثيلاً لهذه الأزمة من قبل.
ففي ثاني أكبر مدن بنغلادش ” شيتاغونغ” التي يسكنها أكثر من أربعة ملايين، والذين لا تتعدى حاجتهم اليومية من المياه ال (550 مليون لتر)، إلا أنّ كمية المياه التي تصلهم لا تتعدى ثلث هذه الكمية، وبسبب تقطع التيار الكهربائي فإنّ كمية المياه التي تصلهم أقل من ثلث الكمية المطلوبة وهي (15 مليون لتر) فقط. وكذلك النقص الحاد في الغاز، فحاجة الناس في نفس المدينة من الغاز تبلغ 366 مليون قدم مكعب، إلا أنّ ما يصلهم لا يتعدى ال 200 قدم مكعب، وبهذا يتضرر القطاع التجاري بشكل كبير. وبالنسبة للكهرباء فهناك نقص حاد فيها يتراوح ما بين 200 إلى 350 ميغاوت يومياً.
أما في العاصمة دكا، فالحال أسوء من ذلك، فالتيار الكهربائي لا يصل النّاس سوى 10 ساعات في اليوم، باستثناء المناطق التي يسكن فيها الحكام، حيث لا ينقطع في مناطقهم. وبالنسبة للماء فحاجة الناس في العاصمة 250 مليون لتر يوميا، إلا أن القدرة الإنتاجية لا تتعدى ال 200 مليون لتر، وبسبب انقطاع التيار الكهربائي فإنّ الإنتاج الفعلي لا يتعدى ال 160 مليون لتر، وبهذا فإنّ العجز في إنتاج الماء يتراوح ما بين 80 إلى 90 مليون لتر يومياً، حتى يوم الجمعة وهو يوم العطلة الرسمية فإنّ الماء ينقطع لأكثر من 8 ساعات بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وقد نقلت الصحف أنّ بعض المناطق في العاصمة لم يصلها الماء منذ أكثر من 15 يوماً.
إنّ القدرة الإنتاجية للتيار الكهربائي لا تتجاوز ال4000 ميغاوت بالرغم من أنّ الحاجة الإجمالية للكهرباء تبلغ 5200 ميغاوت، أي بنقص 1200 ميغاوت. وقد وعدت الحكومة الحالية النّاس في فترة الانتخابات الماضية بأنّه إن تم انتخابها فإنّها ستتبنى سياسة عاجلة تحل من خلالها مشكلة الكهرباء خلال ثلاثة أشهر، وأنها ستتمكن من رفع إنتاج الكهرباء ليصل إلى 5000 ميغاوت عام 2011 وأنها ستصل إلى 7000 ميغاوت عام 2013. وقد مر على قدوم هذه الحكومة 15 شهرا إلا أنّها لم تف بما وعدت به، وفي الاجتماع الأخيرة للحزب الحاكم والذي عقد برئاسة الأمين العام لحزب رابطة عوامي، وأعضاء البرلمان (النواب) من مدينة دكا، أعربوا عن تخوفهم من تعاظم الرأي العام ضد الحكومة، وقالوا بأنّ الأزمة الحادة في الكهرباء والماء والغاز والتي تعصف بالبلاد، لم تمر على البلاد منذ أكثر من 50 عاماً، ما يشير إلى اعترافهم بفشلهم في الإيفاء بوعودهم. وفي الإجابة عن سؤال أحد الصحفيين لوزير المالية ” أبو المال المحيث” عن أزمة الطاقة المزعجة في اجتماع ما قبل إقرار الميزانية في وزارة المالية قال ” إنّ زيادة إنتاج الطاقة خلال ثلاث سنين ربما لن يتحقق”.
نعم، إنّ هذا هو أقصى ما تستطيع الحكومة الرأسمالية الديمقراطية الحالية تقديمه لسد حاجات الناس الأساسية. وللمفارقة فإنّ الحكومة تمكنت من إنتاج الحد الأقصى من الطاقة الكهربائية (4000 ميغاوت) في يوم 14/4/2010 وهو يوم رأس السنة البنغالي، وذلك ليتأكدوا من عدم انقطاع الأغاني والمجون والمهرجانات وخشية إفساد مسيرة تماثيل الأسد والقط والنسر والغزال والفيل تشبهاً بالمشركين الهندوس، في جو احتفالي واختلاط بين الرجال والنساء، وللتأكد من عدم توقف محطات التلفزيون الحكومية والخاصة عن بث الفساد والفتنة والفاحشة على مدار اليوم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، خير أمة أخرجت للناس!.
على أية حال، فإنّ إغراق الناس في يوم “الأذى” بالمجون لم يمكّن الحكومة من تضليل الناس عن مآسيهم اليومية، لذلك فقد تظاهر الناس في مختلف المدن ضد الحكومة للاحتجاج على عدم توفير الماء والغاز والكهرباء، فقد سُيرت أكثر من 20 مسيرة في البلاد ومن بينها مسيرات عدة نظمت من قبل أعضاء ومؤيدي حزب التحرير. وقد خرجت ربات البيوت في مناطق مختلفة ومعهن جرار الماء ويحملن يافطات احتجاجية. وفي مناطق عديدة خرج الرجال والنساء إلى آماكن تواجد مضخات المياه ومحطات توليد الكهرباء للاحتجاج على تقصير الحكومة.
وفي تحرك لهذه الحكومة المفلسة والفاقدة لأدنى شعبية عند الناس تجاه هذه الأزمة، طلبت من التجار استخدام مولدات كهرباء خاصة أو عدم فتح محالهم التجارية في ساعات الليل، ومنعتهم من استخدام المكيفات، وأثارت الضغناء بين المرضى والمستشفيات والإدارات العامة والمؤسسات التعليمية والفنادق..الخ. ولفشل الحكومة في تزويد النّاس بالماء وفشلها في تهدئة الرأي العام عمدت هذه الحكومة، عديمة المسئولية، إلى نشر الجيش لحماية مضخات المياه اعتباراً من الأول من نيسان 2010. وسيراً وراء إتباع السياسة غير المسئولة للحكومة فقد عمدت الحكومة إلى رفع أجور الرئيس ورئيس الوزراء وأعضاء البرلمان بنسبة 80%.
باستمرار الناس في العيش بضنك، وبعد أربعين عاماً مرت على البلاد، حكم مجيب الرحمان وضياء، ودكتاتورية أرشاد وديمقراطية حسينة وخالدة، فأنّهم جميعا أثبتوا فشلهم في توليد الكهرباء الكافي للناس! وأنّهم غير قادرين على توفير الماء الصالح للشرب! وأنّهم عاجزون عن استخراج الغاز وتزويد الناس به بالرغم مما مَن الله سبحانه وتعالى به على أهل بنغلادش من خيرات ومقدرات!
لقد آن الأوان لخلع الرأسمالية من جذورها، وآن أوان الإطاحة بالسياسيين الذين تبنوا الكفر وحكموا به.
عبد الله أبو حمزة
عضو حزب التحرير/ بنغلادش