بين الحقيقة والسراب – الانتخابات
أهلاً بكم في نقدٍ مستمر للإعلام المتخاذل الذي باع قضية أمته مقابل دراهم لا تسمن ولا تغني من جوع ، وبما أن الانتخابات تعج في شتى البلاد ، وقد أقلقت وسائل الإعلام راحتنا بأخبارها ومجريات أحداثها ، من بداية التسجيل للانتخابات وصولاً إلى الدعايات الإعلامية للمرشحين ثم تصوير صناديق الاقتراع ، ولا ننسى التشاحن الذي تثيره وسائل الإعلام بين المرشحين خلال المعركة الانتخابية كلٌّ حسب هواه ، حتى تصل لتغطية النتائج, مشيدةً بالحرية التي أعطيت للشعب أثناء التصويت ، مظهرةً أن ما يحصل هو حق في حين هو الظلم بعينه ، وتبدأ الوسائل الإعلامية إن كانت تابعة للرئيس المنتخب بذكر المناقب والإنجازات ، أما إن كانت معادية فتشعل فتيل الحرب بأن تحرض المعارضين على الحكومة الجديدة.
وليس ما أقوله كلامٌ مجرد بل له من الأدلة ما أتعب من تعداده ، وأبدأ من انتخابات السلطة والتي روج لها إعلامياً بأنها نجاحٌ باهر وأن من حق كل فلسطيني الانتخاب ، وبهذا يلفت الإعلام نظر الناس عن القضية الأساس نحو أمورٍ لا ضرورة لها بل لها من الضرر على الأمة ما يجعلها تتأخر في ذيل الأمم ، وحتى تستطيع السلطة أن تُقنع الناس بأهمية الانتخابات ، جعلت إعلامها ينشر صوراً لعجوزٍ تقوم بالتسجيل للانتخابات في نابلس ، وهم بذلك يوهمون المتلقي بأن هناك إقبالاً على الانتخابات ، في حين أن الحقيقة عكس ذلك تماماً .
وتزداد أهمية الإعلام في مثل هذا الأمر عند الدعاية الانتخابية ، فنجدها تمدح هذا وتلمع ذاك تبعاً للأجواء السلطوية المؤثرة عليها ، فمنذ مدة ونحن نرى وكالة معاً تقوم بدعايةٍ لفياض حيث نشرت له صورة وهو يساعد الفلاحين في حراثة الأرض ، ويلتقط له الإعلام صوراً من هنا وهناك فمرةً يفتتح مدرسة أو مشفى وتارةً يشارك في صناعة أكبر رغيف مسخن (وكأنه إنجاز).
ويبقى الإعلام آخذاً على عاتقه التغطية المتواصلة فيستمر في نقل أحداث الانتخابات منذ اللحظة الأولى لبدء التصويت ، فيجري المقابلات ويقوم بالتحليلات، ويتلاعب بالمتلقي من خلال الترويج لفوز هذا المرشح وهزيمة ذاك، إلى أن يأتي يوم النتيجة التي تكون محسومة مسبقاً من قبل أيادٍ خفية تحرك كاراكوزاتها لفوز عميلها ، وبعد ظهور النتائج يكون الإعلام بالمرصاد لإظهار فرح الشعب إن كان الفائز ممن يعنيها ، أو يبين سخط الأمة ويبرز المعارضين إن كان الفائز ممن لا ينال الرضى لديها ، وفي الحالة الثانية يسلط الإعلام الضوء على تحركات المعارضين وطريقة الحكومة الفائزة في التعامل معهم ، كما حصل في انتخابات الرئاسة الأخيرة في إيران حيث فاز أحمدي نجاد ذراع أمريكا ،ولحقت الهزيمة بموسوي ذراع بريطانيا ، فما كان من الجزيرة بتحريكٍ إنجليزي إلا أن تتبعت الأحداث التي جرت عقب الانتخابات ، وأذكت روح الفتنة ليس من أجل عيون المعارضين ، بل للتنغيص على أمريكا فيما حصلت عليه من الفريسة ، ومحاولة لأن تزجَّ برجالاتها في نظام الحكم .
وبهذا يلعب الإعلام دوراً لا يستهان به في مثل هذه الأمور التي ترفع أناساً وتحط آخرين ، مغيرةً مجرى الأمور حسب هوى المسيطرين عليها ..
ومن هنا يمكن إطلاق ما يسمى بالإعلام الولائي ، الذي يؤثر في المتلقي وآرائه حيث يحاول(الإعلام) منذ بداية النشر للعملية الانتخابية أن يقنع الناس بضرورة الانتخاب وأنها من الممكن أن تحدث التغيير ، ثم بعد ذلك يعمل الإعلام على توجيه سير العملية الانتخابية بحيث يشد الناس نحو مرشحٍ دون الآخر في محاولةٍ لكسب الأصوات ..
ومما نلحظه في فترة الانتخابات أن الإعلام لا يظهر إلا من يعنيه سواءً كان ممالقاً أم معارضاً ، في حين يمنع أي صوتٍ ينادي بمنع هذه المهزلة التي تسمى الانتخابات ، ألا وهي نداءات حزب التحرير ونشراته التي تبين للأمة فسادها وزيفها ، وكم من الناس تأثر به وقاطع الانتخابات فعلاً ، لكن إعلامٌ مسيس لا يظهر إلا من يغني على ليلاه.