بين الحقيقة والسراب – النقد الإعلامي – ح21
أهلاً بكم معنا لنستمع إلى ما آل إليه الإعلام من خداعٍ وتدليسٍ على الأمة ، حتى يوقع بها في الدرك الأسفل بين الحضارات ، ويجعل منها أمةً تابعةً لا تنتج ولا تتحرك ..
إنه من خلال الحلقات السابقة لسلسلة بين الحقيقة والسراب ، اتضح لنا جميعاً أن الإعلام ما ترك وسيلةً أو طريقة إلا وعمد إليها في ضرب الأمة وبث السموم فيها ، وعندما أقول الإعلام أقصد به ذلك التابع المتأرجح بين هوى الحكومات المضلة وسطوة المستعمر المستغلة ، ولأننا نعيش فترةً من الزمن غلب فيها صوت الناعقين وطغى كان لزاماً علينا أن نسكتهم وننطق بكشفهم حتى يتسنى للمتلقي العادي أن ينظر بعين الحقيقة للأمور من حوله دون أن يبقى مستغلاً من قبل إعلامٍ تابع .
وحتى نستطيع الوقوف على حقيقة أي خبر والمراد منه أو من إذاعة بعض البرامج عبر الفضائيات ،أو المقصود من المقالات التي تنشر عبر الصحف والمجلات ، لا بد من معرفة المستفيدين من التزييف الإعلامي والتلفيق فيه والكذب على المتلقي ..
ولو نظرنا في بعض الإحصائيات لمعرفة المسيطرين على الإعلام وجعله يصب في بوتقة خدماتهم ، نرى أن هناك من الإحصائيات ما يفيد أن المواطن يتابع ما يحدث في بلده وفي باقي أنحاء العالم من خلال نشرات الأخبار التلفزيونية التي تشكل أهم مصدر إخباري لنسبة 85% من الشعوب .
وإذا بحثنا أكثر وجدنا أن أكثر وكالات الأنباء انتشاراً هي CNN والتي يرأسها اليهودي جيرالد ليفين وABC وهي أيضاً تحت رئاسةٍ يهودية لمايكل إزينار وكذلك وكالة CBS ويرأسها كذلك يهودي وهو إيريك وابر ، وهناك وكالةٌ رابعة وهي NBC ويرأسها اليهودي أندرو لاك ، ولو نظرنا للصحف العالمية لوجدنا أن النيويورك تايمز وواشنطن بوست وكذلك وول ستريت جورنال ،كلها تحت إمرةٍ يهودية لكلٍّ من أرثر أوكس سالزبرج وكاثرين ماير وبيتر كان على الترتيب..
كل هذا يدل على أن القرار الإعلامي الأكبر بيد اليهود ، وقد يُقال بأنه يمكن تجنب خطر هذه الوكالات والصحف بعدم متابعتها والأخذ من الإعلام العربي ، لكننا نعلم تماماً أن الإعلام الصادر في الدول العربية هو مجرد ناقلٍ عن تلك المؤسسات الإعلامية الغربية ، ففي أكثر من مرة نقلت الجزيرة والعربية وغيرها أخباراً عن النيويورك تايمز ووكالاتٍ غربيةٍ أخرى ممن يطلق عليها عالمية.
ومع التطور والتقدم التقني لوسائل الإعلام ، استغلت الجهات المتحكمة في صنع القرار حياكة الرسائل الإعلامية بكل أشكالها من أخبار أو دراما أو برامج متنوعة سواءً كانت للأطفال أو أفلام أو حتى غنائية فإنها كلها تصب في نشر مبادئهم وثقافتهم وطراز عيشهم وتغيير الحقائق وقلبها لخدمة أسيادهم.
وظل الإعلام التابع يعتمد على التزييف للحقائق خصوصاً فيما يعني قضية الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية ، فإن الإعلام لا يكاد يذكرها وإن فعل فعلى استحياء ، أو أن يقوم بما هو أبشع من ذلك بأن يصف فكرة الخلافة بالحلم أو أنها مستحيلة ، بل وضرب القائمين عليها من خلال إلصاق شبهاتٍ بهم ما أنزل الله بها من سلطان .
ويظل الإعلام المسيطر عليه يدعو لفكرة فصل الدين عن الحياة ، وإن بحث قضايا المجتمع شجع الفساد ونشر الرذيلة من خلال ما يسمى ببرامج الإرشاد التي هي تمهيدٌ لقبول الناس بفكر الغرب وثقافته ، فنراه يروج للعلاقات الغير شرعية ، وسفور المرأة وخروجها عن إذن وليها من باب الحرية ،وغيرها من الأفكار الهدامة .
لذا كان لزاماً تربية عقليةٍ نقديةٍ لا ترى الأمور والحوادث كما هي في ظاهرها ولا تسرع إلى قبولها أو ردّها، بل تغوص في العمق وتنظر إلى ما وراء الظواهر، وتحيط بما يحيط بها، وتعرضها على ميزان العقل ومحك الفكر القائم على أساس الشريعة الإسلامية ، لتقوم بعملية التحليل والموازنة والتنقية،
فتميّز بين الأمور وتكشف الزائف من الحقيقي، وتَعزل الخطأ عن الصواب، وتَقبل بعدها أو تردّ.