خبر وتعليق البلد الاسلامي اوكرانيا بين النفوذ الامريكي والهيمنة الروسية
في هذه الايام يجري الحديث والجدل في اوكرانيا حول مشروع دمج شركة غاز بروم الروسية العملاقة مع شركة نفط ـ غاز اوكرانيا. حيث رحبت الرئاسة والحكومة واحزاب قوى الائتلاف البرلماني الحاكم بهذا المشروع باعتباره خطوة لتقوية العلاقات مع الجارة روسيا ولتقوية الاقتصاد المحلي الهش. فيما قامت احزاب المعارضة برفض ذلك باعتباره وسيلة للهيمنة الروسية على اوكرانيا وللتحكم المباشر في شبكات الغاز الى اوروبا عبر اراضيها مما يعني ذلك انه سيشكل ورقة ضغط روسية قوية على اوكرانيا وعلى دول اوروبا. والجدير بالذكر انه في 28/4/2010 كان البرلمان الاوكراني قد وقع على اتفاقية تجديد تواجد الاسطول الروسي في منطقة القرم اي في البحر الاسود حتى عام 2042 مقابل منح روسيا خصم 30% من سعر الغاز الذي تزود به اوكرانيا. وعدت هذه الاتفاقية من اكبر الانتصارات الروسية.
التعليق
اننا نلاحظ ان روسيا بعد انتصارها على جورجيا وانتزاعها منها اوسيتيا الجنوبية وابخازيا في آب/اغسطس 2008 قد وجدت في نفسها الشجاعة لتقوم وتعمل على اعادة نفوذها في بعض المناطق التي فقدتها مثل اوكرانيا، فاستطاعت ان تعيد عملاءها الى سدة الحكم في اوكرانيا في الانتخابات التي جرت في شباط/فبراير الماضي، فبدأ هؤلاء العملاء يمررون لروسيا ما تريد، وروسيا بدأت تستغل الازمات المالية والاقتصادية في هذه البلاد بسبب إمدادات الغاز التي تزودها بها. ولهذا السبب تظهر امريكا عجزها عن دعم هذه الدول مما ادى الى سقوط عملائها في تلك الانتخابات، بل ان معارضتهم اصبحت ضعيفة لا يستطيعون افشال مشاريع الحكومة المتعاونة مع روسيا.
ولقد رأينا روسيا تصطنع ازمات الغاز مع روسيا البيضاء، مع العلم ان روسيا هي المسيطرة في روسيا البيضاء، ولكن يظهر ان روسيا تصطنع هذه الازمة ومن ثم سرعان ما تتوصل الى حل مما يظهر ان الازمة مصطنعة وهدفها هو اشعار هذا البلد حاجته لروسيا واشعار امريكا والغرب ان روسيا مسيطرة في هذه المنطقة حتى تبعد محاولاتهم لكسبها واخذها من روسيا، وتشعر الدول الكبرى الاخرى ودول العالم ان روسيا دولة كبرى تتحكم في دول اخرى فيجب ان تعتبر وتعطى قيمة الدولة الكبرى، لأن روسيا كما اعلن رئيسها ميدفيديف في 12/11/2009 ان هدف روسيا هو ان تصبح دولة عظمى. فنلاحظ اعمال روسيا تتجة نحو هذه الوجهة. وهذا ما نرى من اعمال لها في قرغيزيا حيث قلبت عميلها باكييف بعدما بدأ يسهل للامريكيين نشاطهم في المنطقة، واتت بعملاء صادقين لديها حتى تحكم سيطرتها في قرغيزيا وتمنع تغلل النفوذ الامريكي اليها.
فروسيا ورثت الاتحاد السوفياتي الذي كان دولة عظمى وبعد مرور عقدين من الزمان على انهياره بدأت تخطط لتعود دولة عظمى وتأخذ بالاسباب والمسببات التي تؤدي الى هذا الهدف. وفي هذا السياق ونحن نحي ذكرى هدم الخلافة في شهر رجب الخير ان نقول، انه كان حري بالدول التي اقيمت على انقاض الدولة العثمانية التي كانت دولة عظمى ان تعمل على اعادة امجاد تلك الدولة، لتصبح دولة عظمى واحدة لا ان يبقى حكامها اذلاء تحت رحمة الدول العظمى والكبرى وعملاء خانعين لها ولا يفكرون قطعا في مثل هذه النهضة، بل يسحقون كل محاولة من ابناء الامة لاعادة امجادها. مع العلم ان الدولة العثمانية هي امتداد للدولة الاسلامية العظمى التي دامت 13 عشر قرنا والتي استمرت دولة اولى بلا منافس حوالي سبعة قرون، وما ان تسقط عن هذا المركز الى ان يقوم ابناؤها ويعيدوها الى مركزها كدولة عظمى. ومنطقة القرم ومنها اوكرانيا كانت جزءا من هذه الدولة العظمى حيث دخل الاوكرانيون بقيادة قائدهم دورشينكو طواعية في حمى الدولة العثمانية عام 1668 وكان الاسلام قد بدأ يدخل اليها وينتشر قبل هذا التاريخ بقرون عدة عن طريق التجار المسلمين، وقد عمل الروس في عهد الاتحاد السوفياتي ومن قبل في عهد القياصرة على محو اثار الاسلام من هذا البلد ونكلوا بالمسلمين شر تنكيل وقتلوا الكثير منهم وهجروا الملايين منهم أيضا، فكان حري بالمسلمين ان يفكروا ويعملوا على اقامة دولتهم العظمى ليعيدوا هذه البلاد وغيرها من بلاد القرم الى حمى الاسلام لا ان يتركوها للاعبين ساعين للاستعمار أو ساعين لايجاد الهيمنة والنفوذ، لانها تعتبر احد بلادهم، فواجب عليهم تحريرها، ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا باقامة الخلافة الراشدة وبجعلها دولة عظمى كما ارادها زارع بذرتها الخيرة ومنبت شجرتها الطيبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.