من أقوالهن عبر ودروس -ح4- إساءة تفسير النصوص
حياكم الله مستمعينا الكرام من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .وأهلاً بكم معنا مجدداً في برنامجنا هذا من أقوالهن عبر ودروس .
اليوم سنتوقف مع فاطمة الزهراء وقد خطب علي بن ابي طالب ابنة أبي جهل عليها ، ولنسمع المسور بن مخرمة حيث قال إن عليا خطب بنت أبى جهل ، فسمعت بذلك فاطمة ، فأتت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالت يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك ، هذا على ناكح بنت أبى جهل ، فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسمعته حين تشهد يقول ” أما بعد أنكحت أبا العاص بن الربيع ، فحدثني وصدقني ، وإن فاطمة بضعة مني ، وإنى أكره أن يسوءها ، والله لا تجتمع بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبنت عدو الله عند رجل واحد ” .
وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في ذلك على منبره هذا ، فقال : ( إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها .وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله أبدا .(فترك علي الخطبة .
إن أعداء الإسلام يستغلون هذه الحادثة حسب أهوائهم لمحاولة النيل منه والافتراء عليه وعلى بعض أحكامه الشرعية وأقصد به هنا تعدد الزوجات ، كيف تقولون أن التعدد مباح وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل به لابنته !! وها هو يخاف عليها من عواقب الغيرة فيمنع علياً من الزواج عليها بأخرى .وهل لأنها ابنته لا يرضى لها ما يرضاه لغيرها من نساء المسلمين !! أي عدل في الدين هنا ؟!
من يقول هذا قصير الفكر قليل التبصر ، يجعل الواقع مصدر تفكيره بدل أن يكون موضع تفكيره ،، فهو لم ير إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض أن يتزوج علي بأخرى في وجود فاطمة ، لكن ما هو الواقع ولِمَ كان هذا الرفض فلا يعنيهم ذلك .
إن رفض الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن إنكاراً للحكم الشرعي ولم يكن يحرم حلالاً ولا يحل حراماً بل حتى لا تكون الزوجة الثانية بنت رأس الكفر وتعيش مع السيدة فاطمة رضى الله عنها وأرضاها بنت الرسول صلى الله عليه وسلم في نفس السكن فيؤذيها ذلك، فالاعتراض كان على الزوجة نفسها وليس على الزواج بحد ذاته حتى لوكانت هناك مشاعر غيرة طبيعية موجودة عند كل النساء .ولكن هذا لا يمنع التسليم بالحكم الشرعي بمشروعية تعدد الزوجات والتسليم به كحكم شرعي وكما قال الله في كتابه العزيز 🙁 فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) .
وهذا من المفاهيم التي دخل عليها التشويه والتضليل والإفساد والذي غذته وسائل الإعلام بحيث صورت الزوجة التي يتزوج زوجها بثانية على أنها المظلومة الضعيفة التي خانها زوجها وهدركرامتها وتعدى على حقوقها ، فهو قد قام بجرم كبير يستحق عليه العقاب والهجران والتعويض فهي ربما تقبل له والعياذ بالله الوقوع في الحرام ولا يتزوج بأخرى ، وإن حكومات الضرار أيضاً كان لها دور في هذا ففي عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة تطبَّق قوانين تبيح الزنا وتمنع تعدد الزوجات مثل تركيا،أذربيجان وتونس التي كانت أول دولة عربية تجرم تعدد الزوجات في العام 1956 ، فيما تشترط قوانين بلدان أخرى منها ليبيا و المغرب حصول الزوج على إقرار خطي يقضي بموافقة الزوجة على زواج زوجها من أخرى .
وهناك مفهوم خاطئ سائد آخر وهو انه يجب أن يكون هناك سبب ضروري للرجل في الزواج مرة أخرى او ثالثة وكذلك أن العدل بين الزوجات هو شرط من شروط هذا التعدد لا يجوز بدونه ،، فان انتفى العدل او انتفى السبب فلا يحق للرجل الزواج مرة ثانية ، وهذا الكلام غير صحيح من ناحية شرعية فإن العدل بين الزوجات ليس شرطا في الزواج , ولكن العدل بين الزوجات هو فرض من الله عز وجل يؤثم تاركه ، والعدل يكون في كل الأمور الزوجية باستثناء الميل القلبي فهو مما لا يمكن العدل فيه .
لذلك فمن أراد أن يتزوج بأكثر من واحدة عليه أن يقوم بهذا الفرض برغم عدم كونه شرطا في زواجه ومن غلب على ظنه عدم قدرته على أن يعدل بين زوجاته , أي لا يستطيع القيام بالفرض، فلا يقدم على الزواج بثانية لئلا يقع في الاثم ، وهو إثم عدم العدل المفروض وليس إثم الزواج بأخرى كونه مندوباً ، رغم عدم كونه شرطا لزواجه .
فيا أختي لا تسمحي لهم بتسميم أفكارك بتلك السخافات التي يتشدقون بها عن حقوق المرأة وأن الزواج بثانية هو إهانة لك تستوجب طلب الطلاق وتشتيت الأسرة ، واتبعي شرع الله تعالى في كل أمور حياتك وشؤونها ، وسلمي بحكمه تعالى حتى لو لم يوافق أهواءك ومشاعرك قال تعالى :
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) .فتفكري فيه تنالي الخير والفلاح في الدنيا والآخرة .
اللهم اجعلنا من يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وممن يطبقون أحكامك بطاعة وتسليم .
ولننتبه لمن يفسرون النصوص والأحكام الشرعية حسب أهوائهم وميولهم بعيداً عن واقع هذه الأحكام في محتول لتشويه الإسلام خسئوا وضلوا ،
مسلمة