كلمة في ذكرى هدم الخلافة-1431هـ
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه و سلم
لم تمر على المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم مصيبة اكبر من مصيبة هدم الخلافة الإسلامية ففي السابع و العشرين من شهر رجب لسنة 1342 هـ قام أحد عملاء الانجليز مصطفى كمال عليه من الله من يستحق بإلغاء الخلافة الإسلامية و إقامة الجمهورية العلمانية مكانها و إخراج الخليفة من البلاد.
و بذلك تكون قد سقطت آخر دولة خلافة للمسلمين على الأرض و لم يبق لهم دولة تمثلهم و بذلك سقط ظل دار الإسلام عن الأرض الذي كان يستظل المسلمون شرقا و غربا تحت ظله.
أننا في إحيائنا لهذه الذكرى الأليمة ذكرى هدم الخلافة الإسلامية لا نعلن الحداد عليها في اليوم الذي يقابل يوم هدمها و لا نضيء الشموع و لا نقف منتكسي الرؤوس لدقائق معدودة كعادة الغرب بل الهدف منها تذكير المسلمين بواجب العمل لإقامة الخلافة و استئناف الحياة الإسلامية.سائلين المولى عز و جل أن يمن علينا بنصر من عنده و يكرمنا بإعادة دولة الخلافة.
فمنذ أن هدمت دولة الخلافة و بلاد المسلمين ممزقة إلى ست و خمسين دولة لا وزن لها بل إن بعض بلادها محتلة، و خيرات المسلمين ينهبها كل طامع من نفط و غاز و معادن إلى غير ذلك من ثروات و ما عاد للمسلمين من معتصم يذود عن أعراضهم و أرضهم ، و أصاب الأمة الوهن و طمع فيها أعداؤها حتى تجرأ بعضهم بالتطاول على الإسلام و القران و على الرسول صلى الله عليه و سلم، و مما زاد البلاء هو خروج فئة من العلماء من بيني جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا يبررون للكفار تطاولهم على الإسلام و يلوون أعناق النصوص ليجدوا فسحة للتواصل مع الكافرين تحت مسميات شتى من حوار الأديان إلى حوار الحضارات إلى حقوق الإنسان.
إن المتتبع لقضايا الأمة يصل إلى حقيقة مفادها أن لا خلاص و لا حل لمشاكل الآمة و قضاياها إلا بعودة الخلافة السلامية.
و الخلافة رئاسة عامة للمسلمين في الدنيا لإقامة أحكام الشرع و حمل الدعوة الإسلامية إلى العالم فرض على المسلمين القادرين و الأدلة على ذلك كثيرة :-
ففي القران قوله تعالى ( فاحكم بينهم بما انزل الله و لا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ) و ( وان احكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهواءهم و احذرهم أن يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك )
فخطاب الله تعالى لرسوله خطاب لأمته ما لم يرد دليل يخصصه به.
و في السنة قال عليه السلام ( من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، و من مات و ليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) و البيعة لا تكون إلا لخليفة.
و هاهم الصحابة الكرام قد أجمعوا على لزوم إقامة خليفة للرسول صلى الله عليه و سلم فبايعوا أبو بكر و عمر و عثمان و علي بعد وفاة كل واحد منهم ، و قد ظهر ذلك جليا من تأخيرهم لدفن الرسول صلى الله عليه و سلم و اشتغالهم بنصب خليفة له مع أن دفن الميت واجب. و لا يجوز أن تترك الأمة أكثر من ثلاث أيام بدون خليفة و إلا فإنها تأثم على ذلك فما بالكم بغياب الخلافة الأرض مدة تسعين سنة.
تسعون سنة و المسلمون يقدمون التضحيات دون جني الثمر ،تسعون سنة وقضايا الأمة بيد أعدائها تسعون سنة و المسلمون كالأيتام على موائد اللئام قد نزع الله تعالى مهابتنا من قلوب أعدائنا و أصابنا الوهن. وقد خسر المسلمون بفقد الخلافة عقول مبدعيهم ، و جيوشهم، و وحدتهم .
ان الخلافة هي الحصن الحصين و الحبل المتين و ملاذ الخائفين فيها عدالة السماء و فيها الرغد و الحياة و هي السبيل لإعلاء كلمة الله في الأرض.
و القعود عن إقامة خليفة للمسلمين من أكبر المعاصي لأنها قعود عن القيام بفرض من أهم الفروض في الإسلام ،فرض يتوقف عليه إقامة أحكام الدين ، ووجود الإسلام في معترك الحياة . وحمل الإسلام للناس لإخراجهم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد.
فهلا أفاق المسلمون من عميق سباتهم و شمروا عن سواعد الجد لإعادة خلافتهم مبعث عزهم فان وعد الله حق و آت شاء من شاء و سخط من سخط قال تعالى (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) الحج 40-41
إن حزب التحرير يقود الآن الدعوة العالمية للخلافة، بعد أن احتضنته الأمة و وصلت دعوته إلى مشارق الأرض و مغاربها ، و قد حان الآن الوقت للأمة أن تعمل سويا مع حزب التحرير من اجل توجيه ضربتها الأخيرة إلى الأنظمة الفاسدة التي تقف عقبة أمام الخلافة الإسلامية أمل الأمة.
فيا حكام المسلمين ليس لكم و الله إلا أن تعودوا إلى دينكم وتتخلوا من الغرب الذي لا يكن للأمة إلا كل عداوة قال تعالى ( و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى )
فانتم تنتسبون للإسلام لا إلى الغرب و ربكم واحد و قبلتكم واحدة فلا تكونوا العائق لإقامة الخلافة.
و يا جيوش المسلمين أما آن لكم أن تتخذوا من أسلافكم قدوة لكم ،خالد بن الوليد و سعد بن معاذ ، و شرحبيل بن حسنة و نور الدين زنكي و محمد الفاتح فما استأسد علينا أعداؤنا إلا بترككم الجهاد في سبيل الله و حمل راية لا اله إلا الله
إن حزب التحرير يستنهض هممكم و يستنفر عزائمكم لإقامة دولة الخلافة فلا حل جذري لقضايا الأمة إلا بها فلم البحث عن حلول أخرى ساقطة انصروا حزب التحرير الذي يعمل ليل نهار لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستعيد للأمة اعتبارها و عزتها
قال تعالى: ( إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو أنس