خبر وتعليق وضع حزب العدالة والتنمية صعب للغاية
الخبر:
بتاريخ 08 تموز/يوليو 2010 نشر موقع صحيفة حريات التركية خبراً جاء فيه: “قررت المحكمة الدستورية إبطال تغيير بعض المواد جزئياً وهي المتعلقة بالمحكمة الدستورية وبالمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين. وذلك خلال دعوى إلغاء إجراء تغييرات على القانون رقم 5982 المتعلق بإجراء تعديلات على بعض المواد في دستور الجمهورية التركية. وقد اتخذ هذا القرار بأغلبية أربع أصوات من أصل سبعة أصوات. وسيتم طرح رزمة التعديلات الدستورية للاستفتاء العام بعد إزالة أجزاء المواد التي تم إلغاؤها منها”.
التعليق:
من خلال قرار المحكمة الدستورية هذا يكون قد وضح للعيان مصير الجزء المتعلق بالمحكمة الدستورية من رزم التعديلات الدستورية المصغَّرة التي قامت حكومة حزب العدالة والتنمية بإعدادها وتمريرها من البرلمان وفي المقابل قام حزب الشعب الجمهوري المعارض بالتقدم للمحكمة الدستورية لإبطال سريانها أو إبطال مفعول بعض موادها. وبالرغم من إلغاء المحكمة الدستورية -المعروفة بسيرها وفقاً للسياسات الإنجليزية في تركيا- الجزئي لبعض المواد فقط وعدم استجابتها لمطالب حزب الشعب الجمهوري المعارض بإلغاء كامل لها، فإنها قد رسخت بذلك المكاسب السياسية التالية التي كانت موجودة أصلاً:
1. إيقاف التطبيق: إن هذه المسألة المتمثلة بـ”مدى صلاحية المحكمة الدستورية بإيقاف تنفيذ القوانين التي أخذت حيزها القانوني ووضعت موضع التنفيذ أم لا” كانت ولازالت موضع نقاش وجدال. ذلك أنه لا يوجد ضمن صلاحيات المحكمة القانونية ما ينص على صلاحيتها إيقاف سيران قانون أخذ حيزه القانوني ووضع موضع التنفيذ. إلا أن المحكمة الدستورية العليا أكدت مجدداً بقرارها هذا امتلاكها تلك الصلاحية وقدرتها على تنفيذها.
2. قبول دعوى إبطال الرزمة قبل إجراء الاستفتاء العام عليها: إن جدال آخر كان قد استعر مؤخراً حول “ما إذا كان سيتم قبول فتح دعوى قضائية لإبطال رزمة التعديلات الدستورية قبل إجراء الاستفتاء عليها أم لا؟”، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أبطلت بقرارها هذا الطرح المتمثل بأن “فترة الاستكمال القانوني للرزمة لا تتم إلا بالاستفتاء عليها، ولذا لا يمكن أن يتم فتح دعوى قضائية لإبطالها ما لم تستكمل شروطها”.
3. إن المواد الثلاثة الأولى من الدستور تتعلق بضبط عملية إجراء تعديلات على الدستور. وحزب العدالة والتنمية الموالي لأميركا يركز على أنه لا يحق للمحكمة الدستورية التدخل بأسس التغييرات لأن ذلك يعد تعدٍ على صلاحيات المؤسسة التشريعية. إلا أن المحكمة الدستورية أكدت مجدداً أنها تمتلك صلاحية التدخل بالأسس، تماماً كما فعلت عندما تدخلت وألغت سيران مفعول قانون رفع الحظر عن ارتداء الخمار في الجامعات. وفي رزمة التعديلات الدستورية الأخيرة تدخلت المحكمة الدستورية في أساس القانون من خلال استخدام حكم المادة الرابعة من الدستور والتي تنص على أن: “حكم المادة الأولى من الدستور من أن شكل الدولة جمهورية لا يمكن تغييره. وخصائص الجمهورية التي تنص عليها المادة الثانية والثالثة من الدستور لا يمكن تغييرها”.
وعليه فإن العلمانيين الكماليين الموالين لإنجلترا الذين لازالوا يسيطرون على المؤسسة القضائية في تركيا لن يفسحوا المجال أمام حزب العدالة والتنمية العلماني الديمقراطي الموالي لأميركا القيام بأية تغييرات دستورية تؤثر على مركز قوتهم ونفوذهم. بل إن المحكمة الدستورية في قرارها الأخير أسقطت مخطط حزب العدالة والتنمية من خلال انتهاجها سياسة ماكرة حالت دون تمكن حزب العدالة والتنمية من المضي قدماً في مسعاه. ذلك أنه لو تم إلغاء المواد المتعلقة بتغيير هيكلية المحكمة الدستورية والمتعلقة بتغيير هيكلية المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين تماماً، لقام حزب العدالة والتنمية باستغلال ذلك كسبب جدير لإجراء انتخابات مبكرة رافعاً شعارات “وجود تدخل صارخ في سيادة الشعب”، “لا اعتبار للإرادة التي اختارها الشعب”، لذا فقيام المحكمة الدستورية بتمرير الرزمة وطرحها للاستفتاء العام بعد إزالة العبارات التي تمس بهيكلية كل من المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين من المواد ذات العلاقة أسقطت مخطط حزب العدالة والتنمية.
وفي الختام فإن وضع حزب العدالة والتنمية سيكون صعباً للغاية فيما يتعلق بالاستفتاء العام الذي يزمع إجراؤه شهر أيلول/سبتمبر المقبل، وفيما يتعلق بالانتخابات العامة المزمع إجراؤها العام المقبل.
رمضان طوسون