كلمة في ذكرى هدم الخلافة 1431هـ
ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لسان يفقهوا قولي،
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى أل محمد وصحبه أجمعين وبعد،،،
إن المصيبة والزلزالُ الأعظمُ والطامة الكبرى التي ألمت بالمسلمين بل والعالم اجمع تكاد توازي الفاجعة التي أصابت الأمة الإسلامية عند موت سيدها محمد صلى الله عليه وسلم بل أرى أنها اشد وطأة وأعظم مصيبة ونحن مع قول ابنته الطاهرة فاطمة رضي الله عنها في موت أبيها صلى الله عليه وسلم،
قل للمغيب تحت أطباق الثرى إن كنت تسمع صرختي و ندائيا
صبت علينا مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
عندما ألتحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ترك وراءه دولة قائمة وكتاب ربه وسنته صلى الله عليه وسلم بين الناس، فانتشر الإسلام بالعالم, كما ينتشر الدم المتدفق من القلب إلى أنحاء الجسم عبر شرايينه.
أما مصيبتنا وفاجعتنا في هدم دولتنا, لا توازيها فاجعة, فالمصيبة كما قيل وكما هو واقعها تبدأ كبيرة على الإنسان، ثم تبدأ تصغر تدريجيا حتى تتلاشى إلى ان تزول ويزول أثرها، مثل مصيبة الموت تبدأ كبيرة عندما يموت ألقريب أو العزيز، ولكنها مع الزمن تخف وطأتها حتى تتلاشى فينشغل عنها الكبير ويكبر عنها الصغير، وتصبح ذكرى وأحيانا قد يضحك الإنسان عند ذكراها.
أما مصيبة هدم الخلافة، بدأت عظيمة ولا زالت تكبر كل يوم، بل كل لحظة حتى يومنا هذا، وستبقى آثارها مدمرة في كل يوم، ولا تزول الآثار حتى تعود الخلافة للحياة مرة أخرى.
انظروا لواقع الأمة الإسلامية قبل هدم دولتهم وانظروا واقع المسلمين في هذا الزمان، كان للأمة الإسلامية دولة واحدة، وقائداً واحد ا, وراية واحدة، وعملة واحدة، وحدودا واحدة، وجيشاً واحدًا، ونظرة مستقبلية واحدة.
أما حال المسلمين اليوم،
أكثر من 50 دولة لا بل دويلات هزيلة
وأكثر من 50 حاكما، وأكثر من 50 علما
وحدث عن العملات وأنواعها
وكل فرد من أفراد المسلمين له همه لوحده.
أيها الناس: الخلافة جعلت العالم الإسلامي أقوى الأمم على وجه الأرض وأرقاها حضارة .
فتحت رايتها سارت الجيوش المنتصرة فهزمت قوى الإمبراطوريتين الرومية والفارسية، وحررت الشعوب من حكمهم الظالم.
وتحت رايتها انتشر العلم والمعرفة في بقاع العالم.
وتحت رايتها أصبح للإنسان رجل أو امرأة العزة والكرامة.
أما تحت راية حكام اليوم وجيوش اليوم ضاعت فلسطين وأقصاها، وبغداد وعزتها، والأندلس وعمرانها ، وأفغانستان وخيراتها.
وبالأمس القريب كل حكام المسلمين وجيوشهم لم يستطيعوا حماية قافلة الخير المتجهة لغزة.
ايها المسلمون، من هدم دولتنا ؟
أهو مصطفى كمال؟ أم هم الانجليز ؟ أم العملاء والخونة ؟
لقد كان الغادر مصطفى معول هدم في يد الانجليز هو أداة من أدواتهم لهدم دولة المسلمين .
فعلى الأمة الإسلامية وخاصة خاصتها من المثقفين والعلماء والعاملين العمل على إعادة الإسلام إلى واقع الحياة وآن يدركوا أن ألعدو الأول هم ساسة الانجليز والأمريكان في هذا الزمان.
فالإنجليز هم الذين هدموا دولتنا ومزقوا بلادنا ووضعوا عليها من الخونة والعملاء حكاما على رقاب العباد.
أما الأمريكان فهم في هذا الزمان يصولون ويجولون ويخططون لنهب البلاد وإذلالها وقهر أبنائها والعمل على عدم عودة الخلافة الإسلامية مرة أخرى للحياة .
والذي يندى له الجبين ويدمي القلب قبل العين، أن من أبناء هذه الأمة من ابناء العمائم واللحى وضعوا أيديهم في أيدي الانجليز وغدروا بدولتنا فطعنوها وأطلقوا الرصاص في ظهرها فاردوها قتيلة.
أيها المسلمون، ما اثر سقوط الخلافة على العالم ؟
لقد كان لسقوط الخلافة الإسلامية الآثار السيئة الوخيمة على الأمة الإسلامية بل وعلى العالم أجمع، فبسقوطها, ظهرت مبادئ سيئة الفكرة، جائرة القوانين، ظالمة للناس، مثل الرأسمالية والشيوعية أما الشيوعية فقد هلكت واندثرت.
وأما الرأسمالية فها نحن البشر نكتوي بنارها حيث تستأثر قلة من الناس بقوت بقية الناس وتستعبدهم، وتنهج نهج الطامعين والحاقدين للناس كافة بل أن ساسة الغرب طمعوا وسرقوا حتى شعوبهم واستعبدوهم .
إن ما تبلغه ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر 48 دولة، كما أن ثروة 200 من أغنى أغنياء العالم تتجاوز نسبتها دخل 41% من سكان العالم مجتمعين،
هذه هي الرأسمالية العالمية
هذا هو عدل الديمقراطية
أما في عالمنا الإسلامي فحدث عن ظهور القومية والوطنية وضعف الرابط الإسلامي بين الناس، وليس لمفهوم الحرام والحلال اثر في سلوك أبنائه رغم أنهم يقرؤون كتاب ربهم صباح مساء ( إنما المؤمنون أخوة ) وقول نبيهم ( لا فرق بين عربي على أعجمي إلا بالتقوى) ولكن هذه الأفكار الإسلامية ليس لها وجود في حياة المسلمين.
أما حكام المسلمين فقد نصبتهم ساسة الغرب من البريطانيين أو الأمريكان فهم عملاء يعملون لصالح أسيادهم فنهبوا خيرات شعوبهم وشرعوا الدساتير والقوانين التي تحكم قبضتهم على رقاب الناس فربطوا كل حركة لمواطنيهم بهم.
أيها الأخوة: لقد ذكرت كتب التاريخ أن (عروة بن الورد ) كان صعلوكا في الجاهلية يمتهن السرقة، ولكن كان فيه نخوة الجاهلية, يسرق من الأغنياء، ويطعم الفقراء ، أما حكام اليوم لن يبلغوا نخوة صعلوك الجاهلية إنهم يسرقون من الفقراء ليطعموا الأغنياء.
أيها الناس: هل تعود دولة الخلافة في هذا الزمان وفي هذه الظروف والأوضاع السياسية العالمية ؟
وهل تعود دولة الخلافة إلى واقع الحياة في ظل الهيمنة الأمريكية على العالم ؟
وهل تعود الخلافة في ظل التشرذم والتمزق الإسلامي ؟
إن لعودة الخلافة لواقع الحياة دليلين:
دليل عقلي ودليل شرعي:
أما الدليل العقلي أولا أن الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية بل والعالم أجمع سئم الأنظمة الوضعية من رأسمالية وغيرها بل وطفح الكيل وبلغ السيل الربا من الظلم والاستعباد والقهر، وأيقنت البشرية أنها أصبحت حقل تجارب لتلك الأنظمة والأفكار، بدأ الإنسان المسلم وغيره يبحث عن نظام بديل ليحق الحق ويحفظ للإنسان حياته وكرامته وأصبحت الأصابع والأيادي تشير للإسلام بديلا عن هذه الأنظمة .
ثانيا من نواميس الكون أن الظلم لا يدوم، وهل هنالك أكثر ظلما من الواقع الذي تعيشه البشرية جمعا.
ومن نواميس الكون أن أنظمة الخونة لابد أن تحين ساعتهم يوما ما وستسقط هاماتهم ويكبوا في مزابل التاريخ .
أما هيمنة أميركا تكشفت عوراتها وبان زيفها ونراها تتخبط من قلة وعي إدارتها وظلمهم للعالم . وستسقط وتنهار من داخلها قبل ضربها من خارجها؟
أما حكام العالم الإسلامي فلن يدوم حكم لأحد أولا وثانيا فقد انكشفت أوراقهم فهم يتسترون خلف ستار شفاف انكشفت خيانتهم وظهرت بشاعة ظلمهم لشعوبهم وسيأتي يومهم عما قرب بإذن الله.
أما الدليل الشرعي:
قال تعالى : ((وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم).
وقوله عليه الصلاة والسلام ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منه).
وقوله عليه الصلاة والسلام : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبرٍ إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز به الله الإسلام وذلاً يذل به الكفار.
أما تاريخ سيرة الصحابة رضوان الله عليهم وموقفهم عند موته ودفنه صلى الله عليه وسلم.
وأي عمل أعظم من دفن الميت وليس أي ميت انه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعظم ما حصل في سقيفة ( بني ساعده) عندما خاطب أبى بكر الصديق الصحابة الأطهار (أيها الناس من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت إلى أن قال ولا بد لهذا الدين من قائم يقوم به فنادوه الناس من كل جانب صدقت يا أبا بكر)
و قول النبي : أمتي أمة مباركة لا تدري أولها خير أم آخرها.
فيا أيتها الأمة المباركة هيا للعمل لعودة الخلافة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو جعفر