من إرث مفكرينا وعلمائنا حملة الدعوة -ج3- المرأة في الإسلام
وقد عرفت لجنة مركز المرأة في الأمم المتحدة العنف الأسري بأنه “كل القيود التي تحد من حرية تصرف المرأة بجسدها، سواء كانت هذه القيود أخلاقية أو دينية وأن مظاهر العنف ضد المرأة العذرية، أي بقاء الفتاة عذراء حتى تتزوج. وإن من العنف الإصرار على تزويج الفتاة من ذكر لأن من حق الفتاة ممارسة الشذوذ واختيار جنس الشريك”.
كما تطالب لجنة مركز المرأة بإلغاء المهر على اعتبار أنه ثمن للفتاة وإنه يحط من قدرها. وقد جرى التأكيد على هذه القرارات في الجلسة الرابعة والخمسين، للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة المنعقدة في الفترة من 1-12 آذار 2010 تحت عنوان بكين +15.
ولقد شارك في هذه الجلسة ائتلاف المنظمات النسائية الإسلامية بوفد غير رسمي. تقول المهندسة كاميليا حلمي، رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل بعد مشاركتها في ذلك الاجتماع، أن الفعاليات أثناء المؤتمر انقسمت إلى نوعين من الفعاليات:
أ) الجلسات الرسمية التي تضم الوفود الحكومية.
ب) الأنشطة الجانبية: فعاليات مختلفة و ورش عمل وندوات وحلقات نقاشية.
وبالنسبة للجلسات الرسمية فقد قامت الوفود الحكومية بتقديم تقارير عما أنجزته في سبيل تطبيق وثيقة بكين، وذلك من خلال الاستبيانات التي تم تعميمها عليهم في أواخر عام 2008 بهدف التعرف على مدى التزام الحكومات بالتطبيق وما واجهته تلك الحكومات من عقبات حالت دون التطبيق الكامل، ثم الاقتراحات المقدمة من تلك الحكومات للتغلب على تلك العقبات، وكشفت المهندسة كاميليا النقاب على أن معظم التقارير أجمعت على أن العقبات تتمثل في الأديان والقيم والثقافات، وأضافت قائلة إن الأمم المتحدة تحاول إرغام العالم كله على تجرع ثقافة بعينها يغلب عليها الطابع العلماني اللاديني، ضاربة عرض الحائط بالخصوصيات الدينية للشعوب غير الغربية، واستبدالها بثقافة معادية للأديان والأخلاق.
وهنا لا بد للمرء أن يطرح الأسئلة التالية: من يقف وراء هذه الاتفاقية السوداء بالتمويل والتشجيع والرعاية؟ وما الغاية من ترويج الانحلال الأخلاقي والرذيلة؟ ومن المستفيد من هدم الدين والقيم والأخلاق الرفيعة؟ ومن يضغط على الحكومات لتنفيذ هذه المخططات الإجرامية؟ ومن يمول هذا النشاط الإجرامي؟
والجواب تتولى هذا النشاط من داخل الأمم المتحدة ثلاث جهات هي 1) لجنة مركز المرأة 2) شعبة النهوض بالمرأة 3) لجنة السيداو.
وهناك جهات تابعة للأمم المتحدة وهي جهات كثيرة نذكر بعضها:
1- اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا.
2- برنامج الأمم المتحدة الإغاثي.
3- صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة.
4- صندوق الأمم المتحدة للسكان.
5-
وهناك منظمات دولية منها:
1- منظمة العمل الدولية.
2- منظمة الصحة العالمية.
3- منظمة اليونسكو.
4- البنك الدولي.
5- صندوق النقد الدولي.
6- منظمة التجارة العالمية.
7-
ومن الحكومات:
1- الولايات المتحدة
2- بريطانيا
3- فرنسا
4- هولندا
5- ألمانيا.
وعدد من وكالات الأنباء العالمية والفضائيات والصحف المشهورة.
هذه هي الجهات الراعية وهي كما نرى جهات معادية للإسلام وللمسلمين، أما الغاية التي تهدف إليها هذه الجهات، فنترك الإجابة عن هذا السؤال لما نطقت به افواه بعض المسئولين الغربيين.
1- دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق صرح لصحيفة نيويورك تايمز في شهر تشرين الثاني 2003 عن شن حرب العقول وحرب الأفكار لتغيير مدارك العرب والمسلمين، ودعا إلى ضرورة كسب تلك المعركة وعدم الاكتفاء بالاعتماد على القوة العسكرية وحدها. ثم عاد وكرر ذلك لصحيفة واشنطن بوست يوم 27-3-2006، حيث قال: ” نخوض حرب أفكار مثلما نخوض حربا عسكرية، ونؤمن إيمانا قويا بأن أفكارنا لا مثيل لها، أن تلك الحرب تستهدف تغيير المدارك، وأن من المحتم الفوز بها وعدم الاعتماد على القوة العسكرية وحدها.
2- صرح توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق في مؤتمر صحفي عقده يوم 17/4/2007 ” إن الوقت قد حان لتتوحد إدارات الحكومة البريطانية من اجل تحقيق النصر في حرب الأفكار، وأضاف إذا كنتم تريدون أن تنقلوا الحرب إلى أرض أعدائكم فعليكم أن تهزموا أفكارهم إلى جانب هزيمة مخططاتهم”.
3- قالت كونداليزا رايس- مستشارة الأمن القومي الأمريكي سابقا في مقابلة مع صحيفة الواشنطن بوست” إننا ضالعون في حرب أفكار أكثر مما نحن منخرطون في حرب جيوش”.
4- يرى الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان أن الغرب الذي انتصر على النازيين ثم انتصر على الشيوعيين في الحرب الباردة، قادر عل أن يهزم الأصوليين الإسلاميين، لكن ينبغي أن تكون حرب الأفكار داخل المجتمعات الإسلامية ذاتها وإشراك المعتدلين فيها.
5- قالت باتريك رينولد أملي ممثلة سفير الاتحاد الأوروبي، في ندوة عقدت في فندق راديسون ساس عمان شهر 10/2008 أننا نسع إلى تغيير القوانين المتعلقة بالمرأة لكي نتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، واستكمال المصادقة على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وهناك الكثير من المجتمعات التي تحمل أسماء مختلفة كلها تسعى لنفس الغاية والهدف، وتطلق المهندسة كاميليا حلمي على القائمات على هذه الجمعيات بأنهن وكلاء الأمم المتحدة وإنهن متمردات وساخطات، يجدن الكذب والحيل في سبيل تحقيق أهدافهن، وأطلقت على منظمات المجتمع المدني التي تدعمها الأمم المتحدة بأنها منظمات السرطان.
وقبل أن ننهي هذه الكلمة لنا أن نتساءل، هل حققت هذه المؤسسات والجمعيات المختلفة التي ترعاها الأمم المتحدة أو هل حققت الحكومات الغربية من خلال قوانينها السعادة والطمأنينة للمرأة في الغرب، وقضت على جميع أشكال العنف ضدها.
ونترك لبعض التقارير الرسمية البريطانية لتعطينا بالأرقام الجواب على سؤالنا هذا :
1- في إحصائية الجرائم لوزارة الداخلية البريطانية المنشورة في تموز 2009 أن 2.114000 جريمة سجلت خلال ال 12 شهر السابقة للإحصائية وأن 51488 إساءة واعتداء جنسي سجلت خلال نفس المدة.
2- نشرت ال بي.بي.سي. على موقعها بتاريخ 14/7/2007 ما يلي:
أ) 40% فقط من الفتيات من عمر 20-24 تعيش مع ذويها.
ب) ربع الأطفال عام 2006 يعيش مع واحد من الأبوين.
ج) 44% من المواليد هم نتيجة علاقة دون زواج- مع الأخذ بعين الاعتبار أن معظم المواليد نتيجة الزواج هم من أسر إسلامية حيث يوجد في بريطانيا 2.700.000 مسلم باكستاني.
د) 7 مليون شخص يعيشون بمفردهم.
ه) 155.000 حالة طلاق عام 2005 مع ملاحظة قلة المتزوجين زواجا شرعيا، وفي أحدث تقرير صادر عن وزارة الداخلية البريطانية كانون ثاني 2010 نقرأ الأرقام التالية:
أ) 64% من السكان عانوا عنفا اسريا عام 2008 وعام 2009 منهم 35% عانوا عنفا لمدة شهر و 33% عانوا عنفا لمدة عام.
ب) 27% من المعترضين للعنف ادخلوا المستشفيات في حالة طارئة و 11% تم تحويلهم للطب العصبي.
ج) 22% من المتعرضين للعنف اضطروا لأخذ إجازات من وظائفهم لمدة شهر و 60% اضطروا لأخذ إجازة لمدة أسبوع.
وحسب تقرير آخر لوزارة الداخلية البريطانية صادر عام 2002 فإنهم يتلقون 570.000 مكالمة سنويا تتعلق بالعنف 89% من هذه المكالمات من نساء تم تعنيفهن.
اكتفينا بهذا القدر من الأرقام والإحصائيات خشية الإطالة، وهناك أرقام أخرى لدول مثل اسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا لا تقل سوءا عن هذه الإحصائيات.
وفي الختام، فإنني أذكر والذكرى تنفع المؤمنين. لقد صدقنا كفرة الغرب في السياسة، فتفرقت الأمة أيدي سبأ وضاعت المقدسات، وأصبحت الحال تغني عن المقال. وصدقنا الغرب الكافر في الاقتصاد فأصبحنا من أكثر أمم الغرب فقرا، ونحن أغناها مواردا. والآن لم يبقى لنا من خصوصياتنا كمسلمين إلا حرمات بيوتنا وغرف نومنا، ويريدون أن يسدوا لنا النصيحة فيدخلوا في فراشنا وينصبوا أنفسهم حكما بين الابن وأبيه وبين المرأة وزوجها.
فهل نصحو قبل فوات الأوان؟ قال تعالى” وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ” النساء. وقال تعالى” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ(50) ” آل عمران.
لقد أكرم الله العرب الأميين بالإسلام، فسادوا الدنيا وقادوها وأصلحوها بالإسلام. وهو رسالة رب العالمين ورحمته للناس أجمعين، وهو أمانة سنسأل عنها يوم القيامة. قال تعالى: ” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ” البقرة. وقال تعالى” قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ” الأنعام.
اللهم اهددنا وأهد بنا واجعلنا هداة مهدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.