خبر وتعليق – تموز شهر حافل في السياسة الباكستانية
كان شهر تموز حافلاً بالأحداث السياسة في باكستان، بدءاً بانفجار قنبلة في داربار ومروراً باجتماع وزيري خارجية باكستان والهند ثم زيارة هيلاري كلينتون لباكستان وأفغانستان.
فبعد انقضاء شهر حزيران الذي سلم الناس فيه نسبياً من أي هجوم انتحاري أو انفجار لقنبلة موقوتة، وما أن كان الأول من تموز حتى شهدت البلاد واحداً من أعنف التفجيرات في تاريخ لاهور. وكان الرقم الحقيقي للقتلى والجرحى أعلى مما أُعلن عنه رسمياً وهو 75 قتيلاً و 200 جريح. وكانت هذه العملية بداية لحملة مدروسة تضمنت الاعتقالات في البنجاب حيث كان الكثير يتوقعون ذلك لبعض الوقت. وكان رحيل الجنرال ماكريستال وتنصيب ديفيد بترايوس قد أجبر الولايات المتحدة على تجميد العملية الجديدة في المناطق القبلية. لذلك قامت بشيء جديد في البنجاب. وقبل يوم واحد فقط من الانفجار اجتمع المسئولون في الحكومة الإقليمية العليا برئاسة شهباز شريف، رئيس وزراء ولاية البنجاب لمناقشة استراتيجيات، للحد من نشاط “المسلحين والمحظورين” في ولاية البنجاب. وقد كان انفجار القنبلة في الوقت المناسب لمثل ذلك الاجتماع للبدء بهذه العملية التي لا تحظى بشعبية.
إنّ أهداف الولايات المتحدة في باكستان تشمل القضاء على جميع الفصائل التي يمكن أن تشكل مقاومة للهيمنة الأمريكية، سواء كانت متشددة أو غير ذلك. فهذا هو السبب في أنها بدأت حرب شاملة ضد سكان المناطق القبلية الذين عُرف عنهم حملهم للسلاح والقتال الشرس، فهم يحبون الإسلام وعلى استعداد دائم للقتال من أجل الإسلام. وبعد عمليات القتل الجماعي للناس في المناطق القبلية تحول تركيز الولايات المتحدة نحو الجماعات الجهادية والأحزاب السياسية غير العنيفة مثل حزب التحرير الذي لديه القدرة على تعبئة الناس ضد الهيمنة الأمريكية في ولاية البنجاب. وقد تمكنت الولايات المتحدة من زيادة الانقسام الطائفي إلى حد ما، من خلال بعض العلماء ومشايخ مدرسة البرلفي، فهم يأملون أن يؤدي هذا إلى بناء رأي عام بين المدرسة الفكرية (الحنفية والممزوجة بالصوفية) لصالح هذه العمليات والاعتقالات. وقد تم اعتقال أحد أعضاء حزب التحرير في لاهور في سياق هذه العمليات.
الحدث الآخر الكبير الذي حصل في تموز، وكان موضع نقاش هو لقاء وزيري خارجية الهند وباكستان وقد كانت باكستان في حاجة ماسة لأي تقارب من أي نوع، إلا أنّ فصيل داخل الحكومة الهندية موالٍ لبريطانيا عكر صفو اللقاء، حيث تمكن ذلك الفصيل من إفساد ما كانت الولايات المتحدة تدعمه.
والحدث السياسي الثالث الذي حصل خلال شهر تموز وهو الأكثر أهمية هو زيارة هيلاري لباكستان. حيث كانت الزيارة لمتابعة الحوار الاستراتيجي الذي بدأته الولايات المتحدة للتستر على مخططاتها للتحكم بباكستان عن قرب. فقد تعلمت الولايات المتحدة على مدار سنوات من الخبرة أن حكام باكستان غير أكفاء وغير مؤهلين للحكم في باكستان. وحتى إذا كانوا يريدون تنفيذ تعليمات الولايات المتحدة بإخلاص فإنّهم لا يستطيعون القيام بذلك بسبب عدم قدرتهم المطلقة. ومن هنا أخذت الولايات المتحدة على عاتقها التعامل مباشرة مع البيروقراطية في باكستان وإدارة الأمور بصورة مباشرة من خلال رجالها. فالولايات المتحدة الآن تدير مباشرة شؤون حوالي 13 قطاعا، وهي الزراعة والاتصالات والدبلوماسية العامة، والدفاع والاقتصاد والتمويل، والتعليم، والطاقة، والصحة، وتطبيق قانون مكافحة الإرهاب، والأسواق، والعلم والتكنولوجيا والأمن والاستقرار الاستراتيجي وعدم الانتشار، والمياه، وتطوير المرأة.
وهكذا فإنّ الولايات المتحدة تعمل على إفساد شبابنا تحت ستار “التعليم” ، وفرض القيم الغربية تحت ستار ” تطوير المرأة” ، والتجسس علينا تحت اسم “تطبيق القانون” ومكافحة الإرهاب، وعلمنة قواتنا العسكرية تحت ذريعة “الدفاع”، وبث الدعاية المسمومة وهم يرتدون عباءة جميلة من “الدبلوماسية العامة”، وأخيراً وليس آخراً استنشاق أسرارنا النووية تحت ستار “حظر الانتشار النووي”. لا شك في أنّ “الحوار الاستراتيجي” ليس سوى “استسلام استراتيجي”. فهيلاري لم تحصل فقط على تقرير عن كل هذه القطاعات للتأكد من أن كل شيء يعمل وفقا للخطة بل هي أيضا لم تنس أن تهدد شعب باكستان بأنّه ينبغي عليه أن يكون على استعداد لعواقب وخيمة إذا هاجم أي عنصر من المجاهدين الولايات المتحدة وتمكن من الرجوع إلى باكستان، كما ذكرت أيضا بأنّ أسامة بن لادن في باكستان. كل هذا الضغط كي لا يفكر أحد في ترك هذه الحرب الأميركية على الإرهاب. كما أيدت تمديد مدة قائد الجيش الحالي سنتين، وهو الأمر الذي نفته لاحقا من خلال سفارة الولايات المتحدة لأسباب واضحة.
من هنا يتبين أنّ الولايات المتحدة تركز بشكل كبير على باكستان، وهذا يكشف عن مدى قلقها الكبير إزاء تزايد العداء لأميركا، وكذلك التأثير على المجتمع الباكستاني تجاه الإسلام الذي يسمونه ب “المتطرف”.
وعلى كل حال، فإنّ أمريكا تواجه الهزيمة على غرار معركة المرجة، وكذلك في جبهة الرأي العام في الشارع الباكستاني. كما أنفضح عملاء أمريكا الواحد تلو الأخر وهي تجد الآن صعوبة في إدارة دولة كبيرة مثل باكستان التي لديها جميع المتطلبات الأساسية لتصبح دولة إسلامية قوية، الخلافة. والأمر متروك لأهل القوة في باكستان ليدكوا الولايات المتحدة، العجوز الشمطاء في الغرب وهي على فراش موتها. وكل ما عليهم القيام به هو إعطاء النصرة لإقامة الخلافة وعندئذ فقط سيُمحى اسم أميركا من كتب التاريخ بإذن الله.
نفيد بوت
الناطق الرسمي لحزب التحرير في باكستان