Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق – لماذا لا يمكن أن يحدث مجتمع متعاون أو متضامن في بريطانيا

 

كان هناك الكثير من الكلام هذا الأسبوع حول إنشاء “مجتمع متعاون” في بريطانيا، بعد خطاب رئيس وزراء المملكة المتحدة ديفيد كاميرون. حيث جاء في خطابه أنه ينبغي تشجيع الأفراد والمجتمعات المحلية على القيام بالمزيد لبعضهما البعض وعلى الدولة ان تفعل الاقل ، قد رحب كثير من الناس بهذا الطرح بحيث انهم يشعرون بانخفاض روح التعاون الاجتماعي والاتكال على الدولة في كل شئ وان حلَّ مشاكلهم لا يكون على عاتق الدولة وحدها . لكن تحقيق هذه الصورة للمجتمع المتعاون والمتضامن بحيث تحل المشاكل الاجتماعية المحلية في بريطانيا صعب وذلك للعديد من الاسباب :
اولا :فقد المصداقية السياسية :
ان كثيراً من الناس يظنون ان الدعوة الى مجتمع متعاون او متضامن يأتي في إطار استخدام لغة ذكية من اجل تبرير حالة تخفيض الانفاق العام والتقشف. و بعبارة اخرى هي مصيدة للمجتمع او الشعب الحر. كما أنهم يدعون الى تحمل اعباء الدولة من انشاء المؤسسات العامة و دعمها مثل المدارس و الشرطة. وهذا يعني استعباد الشعب لخدمة مصالح الخاصة ثم يتحول الشعب الضعيف الى اداة تنفيذ سياسة خاصة .
ثانيا:القيم المهيمنة على المجتمع في المجال الروحي
لا يزال العديد من الناس العاديين في بريطانيا يتطوعون لمساعدة الآخرين والمساهمة في الاعمال الاجتماعية ، وهذا العمل كان واضحاً في المجتمع ذي الطابع الديني والذي كانت تسيطر عليه الكنيسة ، وكانت الكنائس قائمة على كثير من المدارس والمستشفيات والمؤسسات الخيرية ولكن هذا التدخل انخفض في السنوات الخمسة الماضية ويعود هذا الانخفاض لسبب طغيان العلمانية وفكرة ان الشخص يجب ان يكون حراً . وسادت فكرة حب الذات والانانية في التعامل مما ادى الى التعارض بين هذه الافكار وفكرة الكنيسة التعاونية والتضامنية ، واصبحت هذه الافكار متجذرة في المجتمع البريطاني واصبح عندهم مصطلح انا ومن بعدي الطوفان . ومن جهة أخرى فإن هناك فكرة في الثقافة العامة ووسائل الاعلام وحتى على مستوى الافراد تقول أن البقاء للأقوى . فكيف يمكن لمثل هذه الافكار والمفاهيم ان تُزال ان كانت النظرة الطبيعة للانسان والمخلوقات بشكل عام نظرة قائمة على المبدأ والمفهوم الخطأ عن الإنسان والحياة. فما الذي يجعل الفرد يساعد غيره وما الذي يدفع الفرد ان يتحمل مسؤولية الآخر ان كانت النظرة أنني رجل حر صاحب مبدأ حر؟
ثالثا:عمق المشاكل الناجمة عن النظام الرأسمالي
اذا غضينا الطرف عن القيم فإن لدينا نظام قائم على فكرة المؤسسات وعلى اساس المال ورأس المال ، ويهيمن على السوق والمال ويشجع على الربح بكل الوسائل و الاساليب و يدعم و يحث على تحقيق أكبر قدر ممكن من المتع الحسية ، فأين سنجد القيم الروحية و الإنسانية او الاخلاقية بين سطور هذا النظام ؟ ونتيجة لتطبيق هذا النظام لعقود على المجتمع اصبح في داخله فجوة كبيرة بين القيم والمبادئ والنظام المطبق عليهم .
كان الاسلام مطبقاً في العالم الإسلامي لعقود طويلة وكان هناك إجابات على طريقة تشكيل المجتمعات وعلى ماذا تقوم . وإن القيم السامية الموجودة في الإسلام حملها المسلمون الى الغرب معهم عندما هاجروا هناك ، ولكن اصبح الامر عليهم صعباً ، ففي بريطانيا مثلا هناك انفصال بين النظام وبين القيم المتداولة فيه . وهم ليسو محصنين ضد هذه الأمراض الاجتماعية الموجودة في داخل هذا المجتمع واصبحوا يبحثون كغيرهم عن حلول لمشاكلهم الخاصة والناتجة عن هذا النظام الفاسد. و بما انهم مسلمون فعليهم ان يعودو الى إسلامهم من اجل الحل حيث أنه الوحيد الذي يمكن ان يوفر حلولاً لهذه المشاكل ، وهي حلول ناتجة عن القيم السامية التي جاء بها الاسلام والشريعة الاسلامية والتي تحمي الارواح و الممتلكات والمعتقدات والانسان كانسان. ان قيم الاسلام هي الكفيلة بحل كافة مشاكل البشر بسبب نظرتها للانسان والحياة ، وابلغ مثال في فهم القيم القائم عليها الاسلام هذا الحديث النبوي الشريف :
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروراً على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا ، فإذا تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً» رواه البخاري .
وهناك اعتراف متأصل في الاسلام على صيانة الفرد والمجتمع والحفاظ عليهم وهذا من صميم الأحكام الشرعية التي جاء بها الاسلام ، وايضا فإن الاسلام حث على التعاون ومساعدة الفقراء و المحتاجين والضعفاء وجعل من مسؤولية الدولة ايضا القيام على شؤون رعاية المحتاجين والضعفاء .

كتبه للإذاعة
تاجي مصطفى