كلمة في شهر رمضان
قال تعالى: “شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس و بيّنات من الهدى و الفرقان…. ” و قال جل شأنه: “و إذا سالك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون” و قال عز من قائل: “كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”.
فكيف كان النبي صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام و من تبعهم بإحسان يستقبلون شهر رمضان و يعيشونه و كيف نحن اليوم نستقبله و نعيشه؟ مما لا شك فيه أن كلا منا يعرف ذلك إلا من لا يعرف رمضان و يعرف فضله و بالتالي لا يهتم بأمر المسلمين في ماضيهم ولا حاضرهم..
فمن عرف ذلك حقا نجده يختلف عن غيره في سلوكه بين الناس.. و من لا يعرف أن حياة المسلمين في عصر النبوة و الصحابة و التابعين و بالتالي يعرف حياة المسلمين اليوم.
لقد فهم الصحابة رضي الله عنهم معنى قوله تعالى والذي نزل فيه القران: “.. لعلكم تتقون”. فشهر رمضان فرصة لتحقيق التقوى و عرفوا معنى كلمة التقوى و لذلك اختلفت حياتهم مع الرسول صلى الله عليه و سلم كل الاختلاف باعتبارهم مجتمعاً إسلاميا عما نحن عليه اليوم فهم صوّام قوّام مجاهدون في سبيل الله حق الجهاد تحت راية إمام أو أمير مسلم لا وقت عندهم للتفكير طويلاً للحصول على أفضل المطعومات و السهرات لأنهم يريدون تحقيق التقوى التي أمر الله بها عباده في رمضان و غير رمضان فهم عبّاد في الليل فرسان في النهار يتخيرون هذا الشهر الكريم لملاقاة أعداء الله و إكرامهم في شهر الله الكريم بالشهادة و الفوز بالجنة و هي غاية أمانيهم إرضاء لوجهه الكريم أو العزة في الدنيا و هذا ما عرفوه من قول رسولهم الكريم: “لقد أظلكم شهر كريم” و نحن نعرف المعارك التي خاضها المسلمون في رمضان و حقق الله لهم فيها النصر و التمكين بفضل الله وكرمه و أهم هذه المعارك هي معركة بدر الكبرى و فتح مكة و معركة طبريا و حطين و غيرها الكثير.
هذا ما عرفوه من كلمة التقوى، بل أهم ما عرفوه. فهل عرفنا نحن اليوم أم عرفنا أن نختار أطايب الطعام و أسوأ المسلسلات أو السهر و هناك لكي نستمتع بالليل و ننام في النهار إلا ما كان من اجل الحصول على لقمة العيش.
ولا ننسى أننا نقيم الصلوات و نتلو القران في الليل و النهار و ندعو الله في نهارنا و ليلنا أن يحقق لنا أمانينا و أية أمانٍ. لعل من أهمها بل الأهم عندكم هو الرزق و العلو في الدنيا و بعدها المغفرة و الرضوان و لكن أي ثمن قدمنا من اجل المغفرة و الرضوان هل هو مجرد الصيام و القيام و قراءة القران و الاستمتاع بمسلسلات القتل و التدمير و انتهاك الأعراض و سلب الأموال صباح مساء في كل بلاد المسلمين. و الأهم من ذلك كله و هو سبب هذه الفظائع كلها و هو تعطيل حدود الله و تمزيق بلاد المسلمين و تنصيب حكام جلادين لا همَّ لهم سوى الاستمتاع بالمحرمات و تنفيذ أوامر أسيادهم الكفرة من كبت الأنفاس و ملاحقة المؤمنين المخلصين العاملين لتحقيق كلمة التقوى كما يريدها الله و رسوله من تطبيق شرع الله وتوحيد بلاد المسلمين تحت راية واحده راية لا اله إلا الله محمد رسول الله و هم يعرفون تماما بان الصلاة و الصيام و القيام دون إيجاد من يحاسب عليها و يرعاها لا تكفي ولا تغني عن كلمة قول الحق و الجهر بها في وجوه الظلمة و من وراءهم ولا تقيم حكماً من أحكام الله ولا تحرر شبرا من ارض المسلمين المغصوبة و المنكوبة من أولها إلى أخرها بسبب عدوهم ناهيك عن العبر و الآيات التي تحل بنا أو قريبا منا من كوارث ربانية من زلازل و فيضانات تنبيها لأولي الألباب فهل المسلمون مدركون لكل هذا و بالتالي لما يجب عليهم أن يفعلوه في استقبال هذا الشهر الكريم فعقدوا العزم و شدوا المئزر في العمل مع العاملين لإقامة شرع الله بمبايعة إمام على ذلك لتحقيق وحدة المسلمين و عزتهم و النصر على عدوهم و بالتالي يكونون قد حققوا قول ربهم حقا “لعلكم تتقون” و ضمنوا إجابة رب العالمين إذا دعوه في الاستجابة لأمره. “و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون”
فالخلافة الخلافة أيها المسلمون فهي أمر ربكم و بشرى نبيكم و سلطان فروضكم و تحقيق عزتكم و النصر على أعدائكم و لا تكونوا ممن قصروا في ذلك فينطبق عليكم قول نبيكم :” ومن مات و ليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية” لا تنسوا ا هذا الإثم بسبب تقصيركم منذ تسعين عاماً أعاذنا الله وإياكم من ذلك و جعلنا ممن يستجيبون لقول ربهم و يعملوا لرفع هذا الإثم العظيم عن رقابهم : “يا أيها الذين امنوا استجيبوا لله و الرسول إذا دعاكم لما يحييكم…” و اعلموا أن النصر بيد الله و أن بشائر النصر واضحة لمن يسمع ويرى و ما كان بيد الله فهو قريب و الله نسأل أن يتقبل منا و منكم الصيام و القيام إنه سميع مجيب و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
**
ابو الوليد