تسعٌ وثمانونَ عاما منَ الحكمِ الجبري – الحلقة الثالثة –
…. وإن من مظاهر الانحسار الفكري , عدم تأثير اللغة في الناس فان النفس البشرية بطبيعتها تقدر البلاغة وتنساق وراء البلغاء لكن مشكلة الأمة الإسلامية أنها أصبحت في منأى عن فهم ما ينفعها نظرا إلا أنها صار تأثرها بالتعابير اللغوية ضعيفا وهذا عمق الضعف الفكري وابعد الهوة بين المسلمين ورجوعهم إلى فهم الإسلام , فعبارة مثل “نصرت يا عمر بن سالم” أو ” واحجاجاه ” أو ” قوموا فموتوا على مثل ما مات عليه محمد” أثرت في من سمعها ولازالت تؤثر في من يقرأها .
رابعا : تقدير الغربي وكل ما هو آت من الغرب على أنه رمز الحضارة والتقدم وتيسير الوصول لكل من يجري في ركاب الغرب من حيث الوظيفة والتحصيل العلمي , بل والوصول إلى أعلى الدرجات الحكومية .
خامسا : تمييع الأمة الإسلامية وخصوصا العرب والعمل على نزع الصفات الشعوبية التي ميزت العرب عن غيرهم وجعلتهم أهلا لحمل الرسالة بل وشعلة تضيء ظلام العالم , فمفهوم الكرم صار مغرم وخسارة ومفهوم التضحية صار تهور وتبدل مفهوم التفكير بالغير بالأنانية .
المرحلة الثانية من مراحل الحكم الجبري .
وهذه المرحلة هي :-
مرحلة إيجاد نواة إعادة الثقة والأمل في رجوع الأمة الإسلامية إلى سابق عهدها .
بعد الهزة الأولى وما مرت فيه امة الإسلام تتابعت الهزات والأمر الطبيعي أن بعد تتابع الهزات أن يقف المسلم حتى في أوج الهزة ليفكر والظاهر أن احتلال جزء من ارض فلسطين من قبل اليهود قد أثر في الأمة أيما تأثير , فجعل المسلمون يفكرون في السبب الذي أدى بهم إلى هذه الضربات المتوالية الموجعة فاهتدى , إلى أن أساس الانحدار كان آتيا بعدما انفرط عقد الأمة الإسلامية بإلغاء الخلافة , وقد تيقنوا أن الوطنية والقومية والعروبية صارت تسهل حصول مثل هذه الضربات وان الانهزام العسكري والاقتصادي إنما هو آت من غياب الخلافة , وإن أي حل غير هذا لن يجدي ولن ينفع .
فبدءوا بدراسة أفكار الإسلام دراسة عميقة مستنيرة واستطاعوا أن يميزوا الأفكار التي بثها الكافر ولبس فيها على كثير من المسلمين من الأفكار الصحيحة السليمة وأصبحوا يعلمونها للناس ويبلورونها في أذهانهم , وتضاعفت جهود المسلمين في العالم الإسلامي لأجل إعادة ثقة الناس بأفكار الإسلام ورغم ضعف المقدرات وتيقظ أعوان الكافر المستعمر على ظهور من يذكر المسلمين بالرجوع إلى الوحدة وتطبيق الإسلام إلا أن الله سبحانه وتعالى تكفل أن يجعل هذا الصوت مدويا في ربوع العالمين وصار هناك من يقف شوكة في حلق الكافر المستعمر بعدما أن كان يسرح ويمرح بعقول المسلمين .
ورغم التعذيب والتنكيل والدعاية المغرضة والإغراء بالمال والمناصب إلا أن نواة هذه الدعوة نجحت بفضل الله ومنه لإيجاد قاعدة شعبية في جميع أنحاء العالم الإسلامي كلها تنادي بإعادة تنصيب شرع الله .
وقد أرق هذا النجاح الدول الاستعمارية ومن ورائهم أدواتهم في البلاد الإسلامية , فأوعزوا إلى عملائهم بمحاربة هذه الدعوة , فأنفقت الأموال وأنشئت المعاهد لضرب أفكار الإسلام واشتريت الضمائر وافتعلت حركات وتحركات القصد منها صرف الناس عن هذه الدعوة وايقاعها في المآزق , لكن يأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن تسلم وأن تمضي في طريقها قدما لتعيش مرحلة الحكم الجبري في مد غريب عجيب رغم قلة مقدراتها , وإن بعض أبناء الأمة الإسلامية لو يعلمون كم أن الغرب يغلي من هذه الدعوة في عقر داره وهي لم تقم بعد ولازال يكتم عليها إعلاميا في بلاد العرب والمسلمين , ومع ذلك فالحرب مستمرة ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله )