سلوكياتنا بين العادة والعبادة-ح2- طلبات أهل العروس
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا العظيم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،،
حياكم الله مستمعينا مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير ،،
ونقدم لكم من استوديو البث المباشر لإذاعة المكتب الإعلامي ::
حلقة جديدة من حلقات “سلوكياتنا بين العادة والعبادة “
قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}الروم21 فمن المعروف وحسب الشريعة الإسلامية أن الزواج نصف الدين وباستمرار ه استمرار للحياة ولكن هناك بعض الحواجز والمنغصات التي تحول دون ذلك ومنها ما ذكرناه في الحلقة السابقة غلاء المهور الذي يساهم كثيراً في إحباط الكثير من الخطبات والزيجات وينتهي الأمر عند ترك الشاب للزواج أو البحث عن فتاة أخرى أقل مهراً إن وجدت أما الفتاة فتمضي في طريقها إلى مثلث العنوسة.
وأهم سبب في تأخر الزواج طلبات أهل العروس فعلى سبيل المثال هناك عائلات يوجد فيها أكثر من خمس فتيات بسن الزواج وأكبر فإذا جربنا وسألنا أي واحدة منهم لماذا لم تتزوجي بعد تؤكد بأنها لم تجد العريس المناسب هذا جوابها في البداية وبعد حين تعترف بأن أهلها هم اللذين يقفون في وجه سعادتها وبعد حين آخر تعترف بأن والدتها بالذات تريد لها عريسا يملك كل شيء من منزل خاص وسيارة وجميع وسائل الترفيه وطلبات أهل العروس التي تفوق إمكانية الشاب ظاهرة حاصلة في مجتمعنا وهي حتمية سواء كان العريس غنيا أو فقيرا فمجرد أن دخل الشاب إلى أهل الفتاة يستقبل من أم العروس بوابل من الطلبات التي لا يمكن تلبيتها إلا بمزيد من الاحتراق لأنه من العادات السيئة التي جرى الناس على إتباعها هي عادة البذخ والإسراف في مصاريف العرس وذلك من مهر وذهب وملابس وحفلات فثوب العروس من أفخر الأنواع والثياب الأخرى من محل مشهور ومعروف ومجوهرات تليق بالعروس وشقة مفروشة ولا تسكن مع أهلك ومتقدم مبلغ باهظ ومتأخر مبلغ كذا وحين الطلب كذا الكل صامت فقط أم العروس تصول وتجول وتفصل كما تشاء ولا تترك دوراً لغيرها فكأنها هي العروس فمن أين يأتي هذا الشاب المسكين بكل هذه الطلبات إذا كانت حالته المادية وسطى أو دون ذلك فيصبح في دوامة من الحيرة والقلق نفقات الزواج ضخمة جداً بالنسبة له لا يستطيع تأمينها فإما أن يترك الفتاة ويبحث عن أخرى أيسر إن وجدت أو يستدين لتغطية النفقات والأمر في الحالتين مر.
إن هذا ليس إلا مرض نفسي خلقناه نحن بأيدينا وزرعنا بذور أزمته في مجتمعنا فقد آن الأوان لكي يفهم الآباء والأمهات واجباتهم بوصفهم مربين ينشؤون النفوس ويقررون المصائر ويدفعون إلى الصراط المستقيم أو قرارة الجحيم وأن يدركوا واجباتهم إزاء جيل الشباب الذي يتوقف عليه المصير وأن يدركوا أن الأبوة والأمومة مهمة مقدسة عليها واجبات ولها تبعات وآن الأوان لنبذ هذه الطلبات الخرافية والتعجيزية والنظر إلى الزواج بأنه نصف الدين وسنة الحياة وحياة دائمة ومشتركة ومقدسة وباستمراره تستمر الحياة وليس سلعة للبيع والتجارة وأن نتقيد لو بشيء قليل مما يقوله الشرع الإسلامي الذي ينبذ ولا يرضى بكل هذه الأمور.
أيها الأخوة الكرام
إن الرغبة بالزواج وتكوين أسرة هو هدف كل شاب وفتاة ، ولكن غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج ومتطلباته التي يكون لأهل العروس ضلع كبير فيها ، وعدم القدرة على تحقيق ذلك، تجعلهم ينظرون للحياة بنظرة سلبية قد تؤدي بهم إلى الانحراف والانجراف وراء النزوات والشهوات.
فهنالك من يطلب مقدار كيلو غرام من الذهب لابنتهم غير المهر واللوازم الاخرى، وهنالك من يطلب من العريس ان يحضر سيارة من نوع الليموزين لكي يزف ابنته فيها. ولكن اغرب ما مر علي ان يطلب اهل العروس مبلغا ضخما من العريس مقابل رد اعتبار .
ولتقريب الصورة أكثر أضع بين أيديكم آراء بعض الشباب في الزواج ومتطلباته، يقول احدهم: هذا الأمر هو ما يجعل الشاب يعيد النظر في موضوع الزواج، وهو من أكثر الأمور التي “تنفر” الشباب من الإقبال على الزواج، فلو قام الأهل بتيسير أمور زواج ابنتهم عندما يأتيها من لديه خلق ودين، فسيكون ذلك عملا خيرا في سبيل تأسيس بيت جديد.
ويضيف: في إحدى المرات قال لي والد العروس: يجب أن تحضر لابنتي سيارة لأن ابنتي ليست على استعداد أن تمشي على رجليها.
ويقول آخر: عندما تطمئن نفسك إلى إنسانة تحمل صفات جميلة وأخلاقا نبيلة ، يأتي الهم الكبير وهو طلبات الأهل، فلم يبقَ شيء إلا وطلبوه مني وبالتفصيل. التجهيزات للزواج، المهر، ليلة الفرح وحيثياتها من القاعة ومكانها. الضيافة. السكن. إلخ ، وهذا ما يجعل الشباب يعزفون عن الزواج.
ويذهب آخر إلى ابعد من هذا فيقول: عندما ذهبت لطلب يد فتاة ، قال لي والدها انه لا يوجد له أي طلبات فهي حياتنا وكل ما فيها سيكون لنا. ففرحت كثيرا لهذا الرد الرائع والذي لم أكن أتصوره. لكنني صدمت من طلبات العروس غير المنطقية، حيث قالت لي: قبل الموافقة يوجد لي بعض الشروط التي أحب أن تنفذها: يجب أن تحجز لنا ليلة الفرح في فندق مع عشاء، والأسبوع الأول لن ادخل إلى المطبخ وكل طعامنا يأتي من أرقى المطاعم. فإذا وافقت سنتمم الزواج.
وهنا لا بد من ذكر بعض آراء الفتيات بما هو حاصل تقول إحداهن: يجب تثقيف الشباب والفتيات المقبلين على الزواج بما قد يواجههم أثناء البحث عن الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة أو مبالغة أهل العروس في الطلبات. ويجب أيضا تثقيف الأهالي في هذا المجال وعدم التعنت والمبالغة في المهر أو تكليف الشاب بأمور فوق طاقته حتى لا يقضي بقية عمره يسد الديون التي تراكمت عليه جراء هذا الزواج.
وتقول أخرى “ربة منزل” إن حب المظاهر ومجارات الأقارب والأصدقاء، احد أهم أسباب عزوف الشباب عن الزواج، وهذا يحدث من قبل الفتاة التي اعتادت على حياة الترف في محيطها الأسري، ومن ثم تتفاجأ بكثرة المسؤوليات وبنمط مختلف للحياة التي تعودت عليها، وبذلك تضع شروطا كثيرة أمام الشاب المتقدم لها، وفي مقدمتها وجود خادمة في المنزل، وهذا سيسبب له إرهاقا ماديا هو في غنى عنه، فلذلك يضطر للبحث عن عروس أخرى.
أيها الأخوة الكرام
إن الزواج هو من أعظم الروابط الإنسانية بين نوعى البشر الذي خلقهم المولى عز وجل (ذكر وأنثى) وهو أطهر وأشرف وأنبل هذه العلاقات وبشكل مطلق وهو طريق الفلاح والخلاص من شرور الشهوة وملذاتها لذلك يقف الشيطان حائلا دون إتمامه بأن يوسوس في نفوس وآذان البشر لوضع العراقيل والعراقيل دون إتمامه والتمسك بالعادات الغير السوية ووضع الشروط التي يكون من شانها عدم إتمام الزيجة، ونلخص أهم المشاكل التي يتعرض لها أي شابين منذ بداية الزواج حتى إتمامه
1- عدم قبول أهل العروس للعريس للأسباب الآتية:- ا-عدم امتلاك العريس لشقة مناسبة لأهل العروس..ب-التغالي في طلبات أهل العروس من شبكة ومهر وأثاث..ج-تمسك أهل العروس بان يكون عريس ابنتهم في مركز اجتماعي أفضل حتى لو كان هذا المركز يفوق مركزهم دون النظر لأهلية العريس من النواحي الدينية والسلوكية……وترجع تلك الأسباب لعدم كفاية إيمان أهل العروس بالمولى عز وجل وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القائل :” إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ”.(رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم)
أما الزوج الصالح الذي يروض زوجته ويعمل بالكتاب والسنة وبحديث سيدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام:” وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا”(رواه مسلم والبخاري). وكذلك الحال بالنسبة للزوجة الصالحة التي تعرف حدود ربها وتعمل بما أمرها به المصطفى عليه الصلاة والسلام القائل ..(عن الزوج) هو جنتك ونارك. هؤلاء هم الفائزون والفائزات بالدنيا والآخرة.
وفي الختامِ أُحيِّيكُم مستمِعينَا الكرام وإلى لقاءٍ آخرَ وسلوك آخر نضعه على الميزان والسَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُهُ