خبر وتعليق التهديد الإيراني زاوية العمل في السياسة الفرنسية في المنطقة
الخبر
في 25/8/2010 ألقى الرئيس الفرنسي ساركوزي خطابا في المؤتمر الثامن عشر للسفراء الفرنسيين في قصر الاليزيه بباريس أمام 180 سفيرا فرنسيا أبرز فيه خطوط السياسة الفرنسية الخارجية. وتطرق فيه أيضا إلى نواحي اقتصادية عالمية. وقد اتهم إيران بأنها “القلب في قوس الأزمات الملتهبة من أفغانستان حتى الساحل الأفريقي مرورا بباكستان والصومال واليمن، بل هي الأزمة السياسية الدولية العظمى، وأنها تغذي العنف والتطرف في المنطقة وأنها خصوصا تمثل التهديد الأساسي للأمن الدولي في ميدان انتشار الأسلحة النووية”. وحذر من “النتائج الخطيرة الناجمة عن برنامج إيران النووي، إذ يعني ذلك إما تعميم السلاح النووي في المنطقة وإما التدخل العسكري، وعلى أية حال نشوء أزمة رئيسية في العالم”. وقال أن “فرنسا تساعد الحكومات في دول الساحل الأفريقي من دون تحفظ، وأن باريس تقف إلى جانب الجزائر والمغرب وتونس وليبيا لأن حربهم ضد الإرهاب هي حربنا”.
التعليق
إنه يتبين من خطاب ساركوزي أن فرنسا وضعت إيران حجر الزاوية في سياستها الخارجية للتدخل في المنطقة الإسلامية وللقيام بالأعمال السياسية وربما العسكرية فيها، وتريد أن تجعل إيران وبرنامجها النووي هي سبب المشاكل. فقد حدد الرئيس الفرنسي الزاوية التي يريد أن تنطلق منها فرنسا لتحقيق أهدافها الاستعمارية. وهذا لا بد له لكل دولة تريد أن تقوم بالعمل لتحقيق أهداف معينة تخفيها أو تظهرها ولكنها تحدد الزاوية التي ستنطلق منها والنقطة التي سترتكز عليها. فأمريكا في عهد بوش الابن حددت القاعدة لشن الحرب على الإسلام والمسلمين وأوجدت مفهوم الإرهاب ومحاربته فجعلت سياستها الخارجية مبنية على محاربة الإرهاب ولكن مقصودها احتلال البلاد الإسلامية وفرض سيطرتها ونفوذهاعليها وضرب فكرة النهضة والتحرير التي بدأت تقوى وتزداد لدى أبناء الأمة الإسلامية لتحول دون نهضتها وتحررها من ربقة الاستعمار البغيض. وقد احتلت أفغانستان تحت تلك الذريعة، ومن ثم صارت تقول أن الباكستان هي الأخطر في العالم لأن طالبان تتمركز فيها والقاعدة تنطلق منها حتى استطاعت أن تخضع الباكستان لها فأصبحت كالخاتم في أصبعها تحركها كيفما تشاء لتجعلها تحارب نيابة عنها حربا شرسة ضد أهاليها المسلمين لا تقل شراسة عن شراسة الأمريكيين ضد هؤلاء الأهالي. وقد انتفلت إلى العراق من قبل، فقالت أن صدام ونظامه يغذيان الإرهاب وأنهما يملكان سلاح الدمار الشامل لتهديد العالم بأسره حتى تمكنت من احتلال العراق. والآن بدأت تحدد زاوية أخرى وهي اليمن لتبسط نفوذها عليها وتقول أنها الاخطر على أمريكا وعلى العالم لتمركز القاعدة فيها وأن القاعدة بدأت تتخذها كنقطة انطلاق للإرهاب في العالم بعدما كانت تنطلق من الباكستان.
والآن تأتي فرنسا وتلعب نفس اللعبة وتعين إيران بأنها مصدر الأزمات الملتهبة من أفغانستان مرورا بالباكستان واليمن والصومال حتى الساحل الأفريقي وأنها تغذي العنف والتطرف بل أنها الأزمة السياسية الدولية العظمى كما وصفها رئيسها ساركوزي. فهو أي ساركوزي بتحديده الزاوية التي ستنطلق منها فرنسا يريد أن تتدخل بلاده في شؤون البلاد الإسلامية بذريعة محاربة التمدد الإيراني الذي اصطنعه ويمد يده لمساعدة هذه البلاد تحت هذه الذريعة لتقوية النفوذ الفرنسي فيها أو إعادته إليها، وهو يعلن بصراحة أن فرنسا تدعم دول الساحل وهي الجزائر والمغرب وتونس التي استعمرتها سابقا لعقود طويلة ويضيف إليها ليبيا المستعمرة الإيطالية السابقة والإنكليزية لاحقا. فدول الساحل الأفريقي أو ساحل البحر المتوسط المواجه لفرنسا ولأوروبا كان مطمعا للاستعمار الفرنسي قديما وحديثا. ويشمل هذا بالإضافة الى تلك الدول مصر التي احتلها عظيم فرنسا السابق نابليون لمدة قصيرة وتشمل فلسطين التي كسرت شوكة عظيمها هذا وردته عن اسوارها وسواحلها وجبالها فشجعت أهل مصر على الجهاد لطرده، وتشمل سوريا التي استعمرتها سابقا ولبنان الذي اقتطعتها منه وما زال لها فيه بعض النفوذ. وقد تطرق ساركوزي في خطابه إلى لبنان حيث أكد حرص بلاده على دعم سيادة واستقلال لبنان وذكر أنه يتعين على جيرانه احترام ذلك ويقصد بذلك سوريا التي طهرت من النفوذ الفرنسي ولكنها وقعت تحت النفوذ الانكليزي وأخيرا في ظل عائلة الأسد منذ أربعين عاما قد وقعت تحت النفوذ الأمريكي.
ولذلك سنسمع الكثير من نغمة التهديد الإيراني والتمدد الشيعي وخطر إيران وبرنامجها النووي والقيام بتهديدات ربما تصل إلى حد التدخل العسكري كما هدد ساركوزي بذلك تحت هذه الذريعة التي جعلها زاوية العمل السياسي لفرنسا في المنطقة. وقد بدأت فرنسا للترويج لذلك منذ بضع سنين، وتساعدها في ذلك بريطانيا بعملائها وبإعلامها التي تستهدف من ذلك الحفاظ على نفوذها في المنطقة وعلى عملائها فيها الذين يؤمنون لها البقاء فيها. وتستهدف بريطانيا أيضا العودة إلى إيران بعدما فقدت نفوذها فيها عند سقوط الشاه ونظامه اللذين كانا عميلين لها. وقد جاء ساركوزي في خطابه هذا للتأكيد على ذلك وعلى الاستمرار في حملته هذه التي تجعل إيران زاوية العمل وللقيام بأعمال أخرى والتي نوه إليها مثل التدخل العسكري.
والوعي على ذلك ضروري جدا حتى لا ينساق الناس في المنطقة من مثقفيهم ومفكريهم وسياسيهم وعامتهم وحركاتهم وتنظيماتهم وراء هذه النغمة فيروجوا لها ويبدأوا بتكرار شعاراتهم وأضاليلهم بالقول بالتهديد الإيراني والتمدد الشيعي وبخطر البرنامج النووي الإيراني الذي يهدد المنطقة وينشغلوا بذلك وينسوا العدو الحقيقي وهو قوى الاستعمار الغربية وخاصة الأمريكية والإنكليزية والفرنسية وأداتهم في المنطقة كيان يهود. بل يرتموا في أحضان هذه الدول التي هي بمثابة الذئاب للاحتماء من أخيهم الذي حولته الدول الاستعمارية إلى عدو وهمي يهددهم.