منارات على طريق الدعوة-ح2-نور في نفق مظلم
فى وقت تُشن فيه حملة شرسة ضارية وحرب ضروس هَوْجَاء على الإسلام وأهله شاء الحكيم الخبير جل وعلا أن يبزغ نور يشرق وأمل يتجدد أضحى حقيقة كبيرة لا تنكر بل وأفزعت هذه الحقيقة المشرقة العالم بأسره مما دعا خبراء الغرب للتفكير في كيفية التعامل مع المارد القادم.
فها نحن نرى كوكبة كريمة وثلة مباركة ظهرت بفضل الله فى كل بقاع الدنيا في بنغلادش وفي إندونيسيا وفي تركيا آخر عاصمة للخلافة العثمانية وفي الأردن وسوريا وفلسطين بل في عمت القارات الخمس، هذه الكوكبة كحبات الندى على الزهرة الظمأى أو كنسمات ربيع باردة معطرة بأنفاس الزهور تأتى هذه الكوكبة لتنضم إلى ركب الدعاة الكريم الموغل فى القدم الضارب فى شعاب الزمان من لدن نوح عليه السلام لتمضى على طريق المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم مستقيمة الخُطى ، ثابتة الأقدام تجتاز الصخور والحجارة والأشواك نعم ، تسيل دماء وتتمزق هنا وهناك أشلاء ولكن الركب الكريم والموكب المبارك فى طريقه لا ينحنى ولا ينثنى ولا ينكص ولا يحيد لأنه على يقين أنه طريقه هو طريق الحق وواثق ثقة مطلقة بنهاية الطريق بانتصار الحق ومحق الباطل فالحق ظاهر خالد والباطل زاهق زائل ولن تستطيع جميع الأفواه ولو اجتمعت أن تطفئ نور الله – عز وجل – ولن يتمكن هذا الدخان الكثيف الأسود المتصاعد تباعاً من أوعية الغل والحقد والحسد المتأججة فى قلوب أعدائنا أن يحجب نور الله – جلَّ وعلا – فهيهات هيهات أين نور السُّهى من شمس الضحى؟! وأين الثرى من الثريا ؟!
ولكن لكى تستمر مسيرة هذا الركب الكريم على طول الطريق لابد له من دعاة مخلصين صادقين متجردين لقيادة هذا الركب الطيب بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح – رضوان الله عليهم – وببصيرة نافذة ، ووعى حاضر، وفطنة عميقة لكل المؤامرات الموتورة وألوان الحرب المسعورة التى تشن فى الليل والنهار لوقف هذا الركب الزاحف الممتد.
دعاة كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تكون خلافة ثانية على منهاج النبوة إشارة لما جاء في حديث صلى الله عليه وسلم ” …. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة” أي أن الخلافة بإذن الله ستقام بأيد أمثال أهل الخلافة الراشدة الأولى، أي أمثال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكان لا بد من حملة دعوة مخلصين لله، صادقين مع رسول الله، لا يخشون في الله لومة لائم، يتقربون إلى الله بما افترض، ويأخذون من النوافل ما شاء الله، دعاة لا يعيشون لأنفسهم وذواتهم بل يعيشون لدعوتهم ودينهم مؤثرين التعب والنصب على ما يراه الآخرون راحة وسكونا وكيف يستريحون ويسكنون وهم يرون دماء أمتهم الجريحة تنزف بغزارة فى كل مكان.
فالدعوة هى همهم بالليل والنهار هى فكرهم فى النوم واليقظة هى شغلهم فى السر والعلن يضحون فى سبيلها بالوقت والجهد والمال بل وبالمهج والأرواح ويستعذبون فى سبيل إبلاغها البلاء والفتن والمحن والتعذيب ويخوضون بدعوتهم معركة تلو معركة مع الشر والباطل والضلال ومع الشهوات والأهواء والشبهات ولا يعرف حجم هذه المعارك إلا من عرف حجم الباطل وقوته .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله سبحانه قال: «من أهان لي ولياً فقد بارزني بالعداوة، ابن آدم لن تدرك ما عندي إلا بأداء ما افترضته عليك، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأكون قلبه الذي يعقل به، ولسانه الذي ينطق به، وبصره الذي يبصر به، فإذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته، وإذا استنصرني نصرته، وأحب عبادة عبدي إلي النصيحة».