رسالة العيد – سلوكيات خاطئة في العيد
زارنا شهر رمضان المبارك مثل كل عام مع أن زيارته هذه السنة كانت زيارة سريعة خاطفة وكأننا لم نشعر بها ،، فالأيام تمضي كلمح البصر ،حيث صارت السنة كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم واليوم كالساعة والساعة كحرق السعفة” مضى رمضان وأتى العيد بما يحمله من فرحة الصائم الأولى يوم فطره بعد تلبية أمر ربه بالصوم،، وما يحمله من امتداد لخير وبركة شهر رمضان والتي نسأل الله أن لا يحرمنا من خيرها وبركتها ، وأن يعيدها علينا في ظل الخلافة الراشدة الثانية .
إخواني الكرام ،، أخواتي الكريمات:
لا شك أن عيد الفطر موسم من مواسم الخير الذي تزف فيه الملائكة البشرى إلى المؤمنين، عن أبي سعد بن أوس الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم ( إذا كان يوم الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطُرُق فنادوْا : اغْدُوا يا معشر المسلمين إلى ربّ كريم ، يمُنُّ بالخير ثم يثيب عليه الجزيل ، لقد اُمرتم بقيام الليل فقمتم ، واُمرتم بصيام النهار فصمتم وأطعتم رَبَّكُم ،فاقبضوا جوائزكم ، فإذا صلُّوا نادى منادٍ : ألا إنّ ربكم قد غفر لكم ،فارجعوا راشدين إلى رحالكم ، فهو يومُ الجائزةِ ،ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة ) قال الحافظ المنذري : رواه الطبراني في الكبير، ويُسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة ويوم العيد يوم فرح وسرور لمن طابت سريرته، وخلصت لله نيته .
فالعيد هو شعيرة من شعائر الإسلام ومظهر من أجلِّ مظاهره ، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال: «كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى » رواه أبو داود والنسائي .
وإنَّ لهذه الأيام أفعالاً خاصة تميزها عن باقي الأيام ، حيث تكثر الزيارات وتبادل الهدايا والدعاء والتوسيع على الأهل والأحباب. وهي مناسبة جليلة وجب علينا الاستفادة من معانيها الكبيرة بعد أن أنعم الله علينا برحمته وكرمه ومنحنا العمر والصحة لنعيش في ظلال ورحمة وروعة هذا الشهر, إنها مناسبة لنؤكد أننا نريد أن نعيش هذا العيد عيدا بمعناه الحقيقي ، نتجنب فيه بعض السلوكيات السلبية التي يقتضي الحذر منها والتي تمارس في العيد ويعتبرها البعض أساسيات وعادات وجب القيام بها . وما هذه السلوكيات إلا نتيجة مفهوم خاطئ وخطير ، حيث تظن بعض النساء وكذلك الرجال أن رب رمضان يختلف عن رب شوال ، ورب شوال ليس هو رب باقي الأشهر، وأن عيد الفطر هو إجازةٌ من كل شيء ، حتى عن التكاليف الشرعية بحجة أن اليوم يوم عيد ، ويوم فرح وسرور ، مع أن الواجب أن يفرح المسلم في هذه الأيام بما أحل الله من المباحات والطيبات ، وأن يشكر الله على إتمامه نعمة الصيام بطاعته والتزام أمره ، فهو يوم من أيام الخير بل والاستزادة من العبادة ، والتضرع إلى الله عزّ وجلّ عله يستبدل الضيق الذي يعيشه المسلمون بفرجٍ من عنده ، وهذه الذلة التي أثقلت ظهورهم بعزٍّ وتمكين ونصرة قريبة بإذن الله ..
وسأتحدث اليوم بإذن الله عن تلك السلوكيات التي تقوم بها النساء خاصة ، في هذه المناسبة وما يماثلها من مناسبات ، ومن أول هذه الممارسات تكون قبل العيد بأيام ، حيث تقوم النساء بالانشغال عن أيام العتق من النار بالتنظيف والتحضير المبالغ به قبل العيد ، فتنهمك بهذه التحضيرات بدل أن تستغل الأيام الأواخر من شهر رمضان بزيادة العبادة والتقرب إلى الله ، وتبذل جهدها علها تعوض ما فاتها من تقصير في أداء النوافل وزيادة الطاعات .
ويوم العيد نرى تهاون المرأة في أداء صلاة العيد التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ورغّب بها فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ 🙁 أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِين، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ . قَال: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا .) طبعا مع مراعاة عدم الخروج متجملات متعطرات مظهرات لبعض الزينة ، لما في ذلك من الإثم والفتنة والخطر العظيم ما لا يخفى ، فهن وإن كُنَّ أُمرْنَ بالخروج إلى المصلى ، إلا أنهن أمرن أن يخرجن تَفِلاتٍ أي غيرَ متطيِّبات ، ويلحق بالطيب سائر ما يدعو إلى الفتنة ، كالزينة الظاهرة والتكسر في المشي وغير ذلك .
ومن هذه الممارسات الخاطئة ما تقوم به النساء من التوسع في المباحات من لبس وأكل وشرب حتى يتجاوز الأمر إلى الإسراف في ذلك ، والله جل وعلا يقول : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } (الأعراف31 (فنرى مغالاة في الشراء سواء الملابس أو الطعام أو الهدايا ، دون مراعاة وضع الزوج المادي ، وكأن الأمر عندها من أساسيات الحياة ، صحيح أن العيد هو موسم الفرح والسرور ، وأفراح المسلمين وعيدهم إنما هو برضا خالقهم ومولاهم ، لا كما يعتقد الكثير ، أن العيد مقتصر علي طعام وشراب ولهو ولعب وثياب ، وإنما هو أيام شكرٍوذكرٍ وتهليل ، فليس العيد لمن لبس الجديد وتفاخر بالعدد والعديد.. إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد وعمل جاهداً للتقرب إلى ذي العرش المجيد .
ومن السلوكيات الأخرى ما تقوم به أيضاً بعض النساء من أمور مبتدعة حول تخصيص يوم العيد لزيارة المقابر والسلام على الأموات وما يصاحب ذلك من من تبرج واختلاط وكذلك انتهاك حرمات الأموات من الجلوس على القبور ووطئها بالأقدام وغير ذلك من الأمور المخالفة لهدي المصطفى عليه السلام.
ولا ننسى اعتبار البعض أن صلة الرحم والتواصل معهم وزيارة الأهل والأصدقاء حكرٌ وحصرٌ على شهر رمضان المبارك والعيد, وتتوقف بعد انتهاء هذا الشهر المبارك وهذا العيد السعيد ،،فلا يزورون أرحامهم وأهليهم إلا يوم العيد وبقية السنة يبقون في طي النسيان ،، مع أن صلة الرحم والتزاور يجب أن يكون دائماً وليس مقتصراً على أيام خاصة فقط . مع الحرص هنا على عدم تجاوز الشرع بالنسبة للتبرج والاختلاط المنهي عنهما شرعاً وهنا التي يتهاون بهما الكثيرون في أيام الأعياد .
فانتبهي أختي لنفسك وراجعي سلوكياتك ،، واجعلي ميزان أعمالك الحلال والحرام ، وليس العادات والتقاليد فالحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع .
تقبل الله طاعتكِ وجعلك وإيانا من عتقاء شهر رمضان وأبلغنا وإياك العيد القادم وقد تحقق وعد الله وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم ،،
وكل عام والجميع بخير .