الجولة الإخبارية 15-9-2010م
العناوين:
- صندوق النقد الدولي يثير الشكوك حول نجاح الانتعاش في الاقتصاد الرأسمالي
- أمريكا تبدي فرحها لنتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا
- فرنسا تعلن منع النقاب بعد منعها للخمار في خطوة أخرى لإرغام المسلمين على الاندماج
- أمريكا تهدد بالتدخل في السودان إذا حصلت عرقلة للاستفتاء على انفصال جنوبه
التفاصيل:
نُشرت مذكرة صندوق النقد الدولي التي بعثها إلى دول مجموعة العشرين في 10/9/2010 بمناسبة اجتماع مندوبي هذه المجموعة في كوريا الجنوبية يومي 4 ـ 5/9/2010 حيث جاء فيها: “بحسب التوقعات فإن الانتعاش سيتواصل مع بعض الضعف في النصف الثاني من عام 2010 ويتوقع أن يستمر في النصف الأول من عام 2011، لكن المخاطر تميل إلى أن يكون أضعف مما هو متوقع، لا سيما الشكوك المرتفعة بشأن الأسواق المالية مصدر قلق كبير”. وحذر الصندوق من أن: “أي اضطراب في أسواق سندات الخزينة الناجمة إما عن فشل عمليات إعادة التمويل أو عن نقص في رؤوس الأموال في القطاع المصرفي قد تزيد الضغط بشكل كبير على الماليات العامة وتؤدي إلى فقدان الثقة في الأسواق وتتسبب في تقليص جديد كبير لميزانية الدول التي تواجه صعوبات ما قد يسيء إلى الانتعاش العالمي”.
إن مذكرة صندوق النقد الدولي لمجموعة العشرين تكشف عن بعض أسباب الأزمة المالية وهذه دائمية في النظام الاقتصادي الرأسمالي مثل المديونية لدى الدول الرأسمالية حيث تصدر هذه الدول سندات خزينة بشكل دائم، أي أن الدولة تستدين بشكل دائم وإذا توقف الزبائن عن شراء هذه السندات لأي سبب من الأسباب فإن ذلك يسبب اضطرابا في الاقتصاد العالمي الذي يسيطر عليه المبدأ الرأسمالي، فمثلا مديونية أمريكا تعدت 14 تريليون دولار وهذا مبلغ ضخم، وكلها تتمثل بسندات خزينة تصدرها وتشتريها الدول والبنوك المركزية والشركات الكبرى؛ حيث إن الصين قد اشترت ما قيمته ترليون دولار من سندات الخزينة الأمريكية واستطاعت أن تبيع ما قيمته 200 مليار دولار في أوج الأزمة المالية عام 2008 ولكن بخسارة، فأية هزة تحدث لأمريكا ستؤثر على الثقة بها، وبالتالي تؤثر على شراء وتداول سندات خزينتها فيضطرب الاقتصاد في العالم كله. وكذلك أي نقص في التمويل، الذي يتمثل بتزويد البنوك برؤوس الأموال للإقراض والقيام بالمشاريع أو إنجازها، فأي نقص في ذلك يجعل الاقتصاد العالمي يضطرب أيضا. وهناك أسباب أخرى للاضطراب المالي ولحدوث الأزمات المالية والاقتصادية منها انخفاض قيمة العملة؛ لأن العملة ورقية غير مستندة إلى الذهب أو الفضة، وكذلك سوق الأسهم للشركات أي البورصة التي تصدر أسهما فتمتص أموال الناس أو تسرقها ومن ثم تقوم بعمليات احتيال بحيث تفقد هذه الأسهم قيمتها لأسباب عديدة، بالإضافة إلى الفائدة الربوية من رفعها وخفضها، ويلحق بذلك التضخم المالي الذي يتمثل برفع الأسعار مما يزيد الأعباء على عامة الناس ويسبب زيادة الفقراء والجياع في العالم. وهذه أمراض مزمنة في النظام الرأسمالي ولا يمكن أن يعالجها، ولكن أصحاب هذا النظام يعملون على التخفيف من وقعها أو يقومون بعمليات الترقيع وعمليات الإنعاش الصناعي لنظامهم الاقتصادي. وقد أشارت المذكرة بأن هناك خوفا من عملية الانتعاش الصناعية للاقتصاد الرأسمالي المريض.
——-
في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي جرى في 12/9/2010 والتي عرضها حزب العدالة والتنمية التركي الذي يرأسه إردوغان حيث صوت 58% بنعم من أصل 76% من الذين شاركوا في عملية التصويت التي قاطعها الباقون. فكان ذلك نصرا لإردوغان وحزبه حيث استغل مشاعر الناس المعارضة للدستور الذي وضعه العساكر عام 1982 بعدما قاموا بانقلاب في 12/9/1980. وتعتبر هذه النتائج مؤشرا على ضمان نجاح إردوغان وحزبه في الانتخابات العامة القادمة التي ستجري العام القادم. وكان من أول المباركين لإردوغان الرئيس الأمريكي أوباما، لأن ذلك يعتبر نصرا لأمريكا، وهي التي تعمل على إضعاف سيطرة الجيش على الحياة السياسية أو إنهائها حاليا بسبب سيطرة الكماليين الموالين للإنجليز على الجيش وعلى القضاء، حيث إن هذه التعديلات تمس هاتين السلطتين. ومن المعلوم أن إردوغان وحكومته وحزبه يوالون أمريكا. والجدير بالذكر أن الشعب التركي صوت عام 1982 على الدستور الذي وضعه الجيش بنسبة 92% ولم يتصد لذلك الدستور سوى حزب التحرير حيث قام ونقض ذاك الدستور وطرح مشروع الدستور الإسلامي المستنبط من الكتاب والسنة. وعلى إثر ذلك قامت سلطات الانقلاب العسكري يومئذ باعتقال العشرات من شباب الحزب.
وكذلك كان حزب التحرير من المعارضين للتعديلات الدستورية الحالية بسبب مطالبته بتطبيق الدستور الإسلامي. ومن المعلوم أن المواد الأساسية في الدستور التركي منذ تأسيس الجمهورية حتى اليوم مثل العلمانية التي تعني فصل الدين عن الحياة والنظام الجمهوري والديمقراطية التي تعني أن الشعب مصدر التشريع وما يسمى بانقلابات أتاتورك مثل محاربة العربية ومنع اللباس الشرعي ومنع تدريس الإسلام ومنع الدعوة للخلافة لا يمكن أن يجري تعديلها أو تغييرها حتى إن الدستور التركي ينص على أنه لا يجوز مجرد الاقتراح لتعديلها أو تغييرها لأن هذه المواد تعتبر أسس النظام الذي بناه الغرب على أنقاض الخلافة التي هدمها على يد أتاتورك. ولذلك يرى حزب التحرير أنه لا طائل من التعديلات حيث جرت تعديلات كثيرة منذ مجيء عدنان مندريس عام 1950 ، ولكن لم تتغير الدولة وبقي النظام العلماني هو السائد منذ 60 عاما وامتدادا لأول دستور وضعه أتاتورك عام 1924 بعد هدمه للخلافة.
——-
أقر مجلس الشيوخ الفرنسي في 14/9/2010 بأغلبية مطلقة قانونا ينص على منع تغطية الوجه في الحياة العامة والذي يعني منع البرقع أو النقاب للنساء المسلمات. وذلك بعد شهرين من إقرار مجلس النواب الفرنسي لذلك. وسيقدم هذا القانون إلى محكمة الدستور لإقراره بشكل نهائي. ويتضمن القانون فرض عقوبات على المرأة المسلمة التي سترتدي النقاب منها غرامة 150 يورو ويفرض على من يلزم ابنته أو زوجته على ارتدائه السجن مدة عام ودفع غرامة تصل إلى 30 ألف يورو. والجدير بالذكر أن فرنسا منعت ارتداء الخمار أي غطاء الرأس للمرأة المسلمة في المدارس والدوائر الحكومية قبل 5 سنوات. مع العلم أن فرنسا من الدول الرأسمالية التي تدعي إيمانها بالحريات العامة ومنها الحرية الشخصية الذي ينص عليها مبدأها، وبذلك تكون فرنسا قد ناقضت مبدأها في سبيل عدائها للإسلام وللمظاهر الإسلامية. ويظهر أن فرنسا تشن حربا على المسلمين الذين يقطنون في أراضيها والذين يعتبرون مواطنين ومنهم فرنسيون دخلوا الإسلام علما أن نصف المنقبات من المسلمات الفرنسيات، ولكنها تسير في حربها هذه خطوة خطوة. ومن المحتمل أن تكون هناك خطوات أخرى في هذه الحرب حتى تتمكن من دمج المسلمين في المجتمع بالثقافة الفرنسية التي تناقض الإسلام، لأن فرنسا على شاكلة الدول الأوروبية الأخرى قد تبنت سياسة دمج المسلمين في المجتمع على أساس الثقافة الأوروبية وترفض التعددية الثقافية لمواطنيها.
——-
بدأت أمريكا بتوجيه تهديدات للسودان ولحكامه إذا أرادوا الوقوف في وجه الاستفتاء القادم والذي وصفته وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون بأن النتيجته المحتومة هي انفصال الجنوب. وقد أرسلت مبعوثها الجنرال المتقاعد سكوت غرايشن لإرسال هذه التهديدات إلى المسؤولين في السودان، فقد نقلت وسائل الإعلام في 15/9/2010 تحذيراته وتهديداته حيث قال: “ستكون هناك سلسلة من التداعيات إذا تدهور الوضع في السودان أو إذا لم يتم إحراز تقدم من بينها فرض عقوبات إضافية”. وقال بلهجة العسكر: “قبل أقل من 115 يوما على الاستفتاء حول انفصال الجنوب دخل السودان في مرحلة دقيقة، على القادة السياسيين أن يختاروا بين التسوية والمواجهة، بين الحرب والسلام”. ونقلت صفحة الشرق الأوسط عن مصادر أمريكية باحتمال تدخل أمريكا في السودان إذا عادت الحرب إلى جنوبه في إطار السياسة الأمريكية العالمية والحرب ضد الإرهاب. وحذرت هذه المصادر الرئيس السوداني عمر البشير من عرقلة الاستفتاء المقرر إجراؤه في يناير/كانون الثاني المقبل. وقد شجعت صحيفة كريستيان سيانس مونيتور الأمريكية الرئيس أوباما على أن “يسلك مع قادة السودان طريق الإغراءات لا طريق العقوبات لأن قادة السودان عمليون وإذا ساهم أوباما مساهمة مباشرة في وضع سياسة السودان، وإذا قدم إغراءات مناسبة تقدر على كسب قادة السودان”. ومن ناحية ثانية أعلن النواب السود في الكونغرس الأمريكي على عقد جلسة لمناقشة وضع السودان والاستفتاء وانفصال الجنوب حيث سيلقي رئيس حكومة جنوب السودان الانفصالي سلفاكير خطابا أمامها وسيشارك مدعي محكمة الجنايات الدولية لويس أوكامبو في هذه الجلسة وذلك في خطوة لتصعيد الحملة ضد عمر البشير الذي يتهمه أوكامبو بالإبادة الجماعية في دارفور.
من كل ذلك يتبين أن أمريكا مصرة على فصل جنوب السودان عن شماله وأنها ستستخدم كافة أساليبها لتحقيق ذلك من تهديات مثل فرض عقوبات وتدخل عسكري وإغراءات، لأن الأمريكيين كما يظهر يعرفون طبيعة هؤلاء الحكام الذين يسمونهم قادة بأنهم عمليون أي واقعيون وبلغتهم براغماتيون أي يسيرون حسب الواقع وما تملي عليهم الظروف ويقبلون بما يحصلون عليه من أنصاف الحلول أو أقل من ذلك ويقبلون بالإغراءات وقد عبر عنها غريشن لوكالة رويترز بأنها حزمة جديدة تشمل التجارة والاستثمارات وتخفيف أعباء الديون، وكذلك يخافون من التهديدات الأمريكية بالتدخل العسكري المباشر كما هو حاصل في العراق وأفغانستان أو غير المباشر كما هو حاصل في الصومال. وأرادت أمريكا زيادة تهديداتها بأن طلبت مشاركة أوكامبو مدعي عام محكمة الجنايات الدولية الذي أصدر مذكرات باعتقال عمر البشير باتهامه له بالإبادة الجماعية في دارفور والمطالبة بمحاكمته، وما ذلك إلا تهديدا من أمريكا بأنها ستطلق الطوق من رقبة أوكامبو ليطارد البشير أو لينقض عليه حتى لا يحصل أي تنغيص لعملية فصل الجنوب. وكل هذه النتائج كانت بسبب تخاذل البشير نفسه ورجال نظامه ليتنازلوا وينصاعوا لأوامر أمريكا عندما وقعوا اتفاقية نيفاشا عام 2005 التي أقرت حق تقرير المصير لجنوب السودان وإجراء الاستفتاء على ذلك، فنالوا خزي الدنيا وخزي الآخرة.