من التضليل السياسي امريكا ليست في حرب مع الاسلام
صرح الرئيس الامريكي باراك اوباما خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في مبنى وزارة الدفاع الامريكية ( البنتاغون ) يوم الجمعة بمناسبة الذكرى التاسعة للحادي عشر من سبتمبر , ان امريكا ليست في حرب مع الاسلام , وانه يدعو الى ادانة التطرف وعدم التسامح , وأمور اخرى ذكرها في كلمته تتمحور حول نفس الفكرة التى يحاول خداع وتضليل المسلمين بها , وهي بأن امريكا ليست في حرب مع الاسلام !!!
ومحاولة لفهم تصريحات اوباما في سياقها الصحيح فلا بد من فهم الاساس الذي تستند عليه هذه التصريحات والغرض منها سياسيا .
وكون امريكا هي الدولة الاولى في العالم , وهي دولة كبرى لها وزنها الدولي , كان لتصريحات مسؤوليها اهمية بالغة لفهم جزءا من نواياها ,
فتصريحات رئيس دولة كبرى كأمريكا , لن تكون الا تحقيقا لمصلحة امريكية بحتة , فلماذا اذن يحاول الرئيس الامريكي الظهور بمظهر الصديق للاسلام والاستمرار بالاعلان عن عدم وجود حربا امريكية على الاسلام ؟
ان الدول الكبرى تستخدم خططا سياسية تسعى من وراءها لتحقيق اهدافها , وهي في حالة امريكا , اهدافا استعمارية بحتة , وهي بسبب ذلك فانها تدرس الكيفيات والطرق المؤدية لتحقيق خططها السياسية من خلال اساليب متعددة , بحسب الحاجة اليها وبحسب تحقيقها للنتائج المرجوة .
وان من ضمن هذه الخطط السياسية , والتى تعتبر سياسة عامة , هي العداء للاسلام ومنع وصوله للحكم باقامة الخلافة .
وحتى تنخرط أمريكا عمليا بالعمل على وضع العوائق امام وصول الاسلام الى الحكم واستئناف الحياة الاسلامية , فانها تتنوع باساليبها السياسية المتلونة والتى تصب في نفس الغاية , بالاضافة الى تسخير قواتها العسكرية ايضا حال اللزوم , لتحقيق سياساتها العامة والتى منها العداء للاسلام ومحاولة منع قيام دولته .
وان من هذه الاساليب السياسية الخبيثة والتى تعتبر سياسات خاصة تحقق من خلالها سياساتها العامة , هو الاستمرار بنشر التصريحات الكاذبة للمسؤولين الامريكيين وتكرارها , املا في تصديق الناس لها , ولو لسبب كثرة التكرار , والمحاولة من خلال ذلك تضليل الامة الاسلامية املا في ان يتحقق بذلك جزءا ولو يسيرا من منع وصول الاسلام الى الحكم , وذلك بالتقليل من حدة كره المسلمين للسياسات الامريكية الاستعمارية , ورغبتهم بالانعتاق من ربقة استعمارهم , ومحاولة مد جسور من الثقة بين القاتل والضحية .
فاساليبها متعددة لا تقف عند سقف معين , بل انها مستعدة لتغيير هذه الاساليب كلما انكشفت وظهرت للامة , وابتكار اساليب اخرى والابداع في ذلك , لتصب جميعها في بناء العوائق امام المسلمين لمنع اقامة دولتهم او تأخير قيامها ما استطاعت لذلك سبيلا .
الا انه من جانب آخر , هنالك الواعون على السياسات الامريكية وخباياها , ويعملون بجد واجتهاد على كشفها للامة الاسلامية وفضح خططها السياسية واساليبها دونما كلل او ملل , وهو ما يدخل ضمن كشف خطط الاستعمار , والذي يعتبر من اهم الاعمال السياسية للحزب المبدئي , لما في ذلك من دفاع عن الامة وتحصينها من مخالب أعدائها لكي لا تكون لقمة سائغة لكل شر يراد بها .
واضافة للكشف المستمر لاساليب امريكا في محاولة تضليلها للامة الاسلامية , فان اعمالها السياسية والعسكرية تظهر بشكل واضح مدى الحقد الصليبي المتجذر في نظامها الحاكم , ولا سيما اعمالها العسكرية , فانها لا تدع مجالا للشك في نواياها واستعمارها .
فمنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 , عملت امريكا على تحقيق كل ما استطاعت دبلوماسيتها وادارتها وجيوشها تحقيقه خدمة لمصالحها الاستعمارية , لدرجة انها كشرت عن انيابها الحقيقية وضربت بعرض الحائط أكاذيبها السابقة المتعلقة بما تدعيه من شرعية دولية وقانون دولي ,
وهذا قطعا لا يعني ان امريكا قبل هذا التاريخ كانت سياستها مختلفة , بل على العكس , فهي دولة استعمارية من الطراز الاول , صيتها الدموي يسبقها , الا انها عملت بعد هدم البرجين على تجيير الحدث بكل ما تعنيه كلمة تجيير من معنى , لتحقيق مصالحها الداخلية والخارجية , وما زالت تحاول ان تضرب على ذلك الوتر لا سيما داخليا كلما لاحت لها فرصة لذلك , لتضمن دعم شعبها لها ولاطماعها في العالم , وخارجيا للظهور بمظهر الضحية المعتدى عليها .
فجيوش امريكا الغازية ما زالت تقبع في افغانستان منذ سنوات , تقتل الناس وتنتهك الاعراض , وتزرع الفتن ما ظهر منها وما بطن .
اما العراق , فكان له نصيب الاسد في تفنن الجيش الامريكي بتعذيب اهله وقتلهم وترويعهم وسرقة ثرواتهم , وما زالت قواته جاثمة على صدورهم ,
منهم عشرات الالوف من النظاميين , واضعافهم من المرتزقة , بالاضافة للشركات الامنية القاتلة . وهي تحاول الاستمرار ببسط هيمنتها عليه مع الظهور بمظهر الصديق , ولكن آنى لها ذلك والامة تعي خبثها .
واما الباكستان , فالطائرات الامريكية مستمرة وبشكل شبه يومي في قتل المسلمين وتفجير بيوتهم الآمنة وقتل اطفالهم ونساءهم في معظم المناطق الحدودية مع افغانستان , حتى في الوقت الذي كانت الفيضانات تجتاح بيوت المحتاجين , كانت امريكا تقصف بيوتهم وممتلكاتهم فكانوا يفترشون الماء ويلتحفون قصف الطائرات , هذا بالاضافة لهيمنتها السياسية على نظام الحكم الباكستاني وتوجيهه لمحاربة شعبه لينوب عنها ويحمي ظهرها في افغانستان .
وفي فلسطين , تظهر صورة امريكا ونفاقها السياسي بشكل جلي , في علاقتها مع كيان يهود , ودعمه ومده بسبل الحياة , لادراكها بأهمية هذا الكيان المسخ ليكون رأس حربة للغرب في بلاد المسلمين , فحتى عندما تقشعر ابدان شعوب الارض المسلمة والغير مسلمة من اعمال يهود , فتجد امريكا لا ترضى حتى في ادانتها ولو لفظيا …
اما دعمها للانظمة الطاغوتية في بلاد المسلمين , فانها ايضا تظهر النفاق السياسي الغربي بعمومه , فمقياس قبول امريكا للانظمة الدكتاتورية , هو مقدار ما تساهم به هذه الانظمة بتحقيق مصالح امريكا الاستعمارية .
وحقيقة الامر , ان المقال لا يتسع لذكر كل ما تقترفه امريكا من جرائم بحق المسلمين يوميا , فغوانتنامو , وابو غريب , وسجون السي آي ايه السرية , وفرض الرؤية الامريكية في مناهج التعليم , وتبني وسائل اعلام كأبواق لسياساتها الاستعمارية بشكل مباشر وغير مباشر , وشراء الذمم من اصحاب النفوس الرخيصة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية , ومحاربة النظام الاجتماعي في الاسلام والعمل على افساد ثقافة المسلمين ومحاولة فرض الطراز الغربي في العيش بالقوة , وفرض القوانين الاقتصادية والمالية التى تحقق لها الهيمنة المطلقة على شعوب المنطقة وتبعيتهم , وعقد مؤتمرات الاملاءات المسماة حوار الاديان الهادفة الى ابعاد المسلمين عن دينهم وتغيير مفاهيمهم , كل هذه الامور لا تتعدى كونها غيض من فيض على حرب امريكا الهمجية على الاسلام والمسلمين .
فبماذا يهذي اوباما عند تصريحه بان امريكا ليست في حرب مع الاسلام ….
حتى انه في حديثه وبنفس المؤتمر الصحفي عن عدم جدوى حرق المصحف الشريف من قبل حاقد صليبي آخر , كان سبب طلبه بعدم الحرق , هو سلامة الجنود الامريكيين في العراق وافغانستان , اي انه وبكل صلف وحقد أعمى , لا يرى بحرق المصحف الشريف من خطأ لولا الخوف على سلامة جنده الجبناء , فكانت البغضاء تخرج من فيه , وما يخفي صدره أعظم .
ان امريكا في حالة حرب وعداء للاسلام والمسلمين , وهي تمثل قمة الهرم في عداءها الصليبي الحاقد , وترتعد فرائصها من وحدة المسلمين وعودة خلافتهم , لادراكها بأن كنسها من بلاد المسلمين , والقضاء على نفوذها الاستعماري , وهيمنتها وجبروتها بل واعادتها الى رقعتها الجغرافية , لن يكون الا بايدي جند الخلافة , وستنحدر باذن الله عز وجل من قيادتها للعالم الى حضيض الدول الباءدة , الى ان يأذن الله سبحنه بفتحها وفتح بيتها الابيض على يد من ابتعثهم الله سبحنه لاخراج اهلها من عبادة الدولار الى عبادة رب العباد .
اللهم اجعل هذا اليوم قريبا .
كتبه
علاء المقدسي