الشتات وحق العودة الى اين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وامام المتقين وآله وصحبه اجمعين , والحمد لله على نعمة الاسلام , ونعمة اتخاذه الزاوية الخاصة للنظر للأحداث السياسية لفهمها والحكم عليها من منطلق الاسلام .
فقد كشف رئيس وزراء كيان يهود السابق ( ايهود اولمرت ) “إن الولايات المتحدة وافقت على إيواء نحو مئةِ ألف لاجئ فلسطيني ومنحهم الجنسية الأميركية ، في إطار صفقة سلام بالشرق الأوسط كانت مطروحة للنقاش منذ أواخر 2007”. خلال محاضرة أدلى بها قبل عدة ايام في مدينة تل الربيع المحتلة .
وبحسب تعبيره فان ذلك كان مرتبطا بموافقة كيان يهود على ا ستيعاب عدد من اللاجئين الفلسطينيين لا يتجاوز عشرين الفا , بضمان انهاء الصراع وعدم مطالبة الفلسطينيين باي مطالب اخرى في هذا الموضوع .
بالطبع فان اولمرت يعرض بذلك جزءا يسيرا مما حدث خلف الكواليس المعتمة , حيث تباع فيها قضايا الامة في سوق النخاسة السياسي , فيكون العرض والطلب والبيع والشراء والمبادلة لما يسمى بقضايا الحل النهائي ومنها قضية اللاجئين , والذين يقدر عددهم بخمسة ملايين فلسطيني يعيشون خارج فلسطين فيما يسمى بالشتات …
وقد لوحظ وخلال ما يقارب عقدين من المفاوضات الفاشلة بين كيان يهود وسلطة دايتون- مولر , ان المفردات السياسية الفلسطينية هي في تغير مستمر , وبمؤشر هبوط دائم , ليترجم بذلك التنازلات تلو التنازلات , حتى وصل سقف المطالبات الى ارضية منحدرة يسهل على قادة يهود ان تدوسها متى شاءت .
فبالنسبة للخطاب الفلسطيني الرسمي السابق بخصوص اللاجئين , فقد كان دائما مطالبا بعودتهم الى ديارهم وارضهم ضمن اتفاقيات الحل النهائي , وكان ذلك يعتبر مطلبا اساسيا , الى ان انحدر مؤشر المطالب ليصبح الطلب : حلا عادلا لمشكلة اللاجئين , وبالطبع فان تغير هذا المطلب للصيغة الجديدة ليس حديثا او وليد الساعة , بل كان نتيجة لاملاءات خلف الكواليس في سوق النخاسة , حيث تتغير فيه المفردات السياسية من حق العودة الى الحل العادل , وان الحل العادل بحسب مفرداتهم هو الحل الذي ترتضيه هذه السلطة المارقة ومن خلفها امريكا وكيان يهود .
والحديث هنا ليس حول اسباب كشف اولمرت لهذا العرض الامريكي في الوقت الحالي , بل حول حجم الخيانة لهذه السلطة المجرمة بحق اهل فلسطين , وقبولها الذليل بما تمليه عليها أمريكا عدوة المسلمين , وتخاذلها وتنازلاتها المتلاحقة ومحاولاتها المستمرة لترويض اهل فلسطين على القبول بتنازلاتها عبر التغيير التدريجي لمفرداتها السياسية .
فأهل فلسطين الذين هدمت قراهم وبلداتهم , ودمرت اراضيهم وطردوا وشردوا من مدنهم , وارتكبت بحقهم افظع المجازر بمؤامرة حاكتها قوى استعمارية غربية وشهدت عليها انظمة رسمية جاثمة على صدور الامة الاسلامية , فتشتتوا في بقاع الارض في مخيمات يفتقر بعضها لأدنى الخدمات الانسانية , والذين وعدوا عبر عقود من الزمن بحق العودة , مما جعل بعضهم يحتفظ الى الان بمفتاح بيته بالرغم من ضياع قريته بأكملها , فان هؤلاء وبحسب مفردات الحل العادل الذي ترتضيه امريكا والسلطة الفلسطينية , سيكون لبعضهم حق العودة الى امريكا !!!
فالعرض الامريكي السخي , كان بنفي مئة الف من اللاجئين الفلسطينيين الى مسافة ثلاثة الاف ميل من شواطئ يافا وعكا , لينسوا اسم فلسطين , ارض آبائهم واجدادهم , مسرى نبيهم , وحاضنة أقصاهم , ومن يدري كيف اقتسم وحوش الغاب توزيع الباقي , لا سيما وان التوجه الحكومي لكيان يهود يومئ بطرد سكان فلسطين من مناطق ثمانية واربعين الى خارج حدود هذا الكيان المسخ , سواء عبر مبادلة اراض او تسويات اخرى .
ان القوى الغربية قامت بتجميع الملايين من الشعب اليهودي من شتى بقاع الارض عبر مؤامرة استعمارية تخر منها الجبال , استطاعت تنفيذها بعد ان هدمت الخلافة , لتشكل بذلك قاعدة متقدمة للغرب برمته , وما زالت تمده بسبل الحياة ليكون رأس حربتها في المنطقة , وهي توفر له شتى السبل لجلب المزيد من هؤلاء الاوباش الى ارض فلسطين .
وبالمقابل فان هذه القوى وبتواطئ الانظمة العميلة في المنطقة , وعلى رأسها السلطة الفلسطينية الخائنة , فانها تعمل على تفريغ فلسطين من اهلها والتآمر عليهم واغراقهم بالمؤامرات الرامية لحماية امن يهود عسكريا وديموغرافيا واقتصاديا ….
ان ارض فلسطين المباركة والمجبولة بدماء المجاهدين والصحابة الابرار , ستحررها باذن الله جنود الخلافة القادمة قريبا , ولن تجني سلطة دايتون المارقة الا الخزي والعار في الدنيا والآخرة , والعقاب الشديد على يد خليفة المسلمين على ما اقترفته من خيانة بحق اهل فلسطين , وسيكون زوالها بزوال كيان يهود , فهي ليست اكثر من مشروع امني لحفظ امنها , اما امريكا المجرمة , فهي باذن الله الى زوال , فمبدأها العفن يترنح منتظرا من يلقي به الى حتفه , وسيفتحها الفاتحون لنشر الخير في ربوعها , و اما اللاجئين من اهل فلسطين , فهم باذن الله سيدخلونها مهللين مكبرين مع طلائع التحرير , صارخين جاء الحق وزهق الباطل , ان الباطل كان زهوقا , ليعودوا الى ديارهم وارضهم حامدين الله سبحنه وتعالى على نصره .
اللهم نصرك الذي وعدت .