أينعت رؤوس الحكام فحان قطافها
إن واقع بلاد المسلمين من اندونيسيا شرقا الى المغرب غربا , يندى له الجبين , ويتحرق عليه القلب الما وكمدا لما آلت اليه احوال الناس من ذل واضطهاد , تحت حكم حفنة من مغتصبي سلطان الامة , حكام تجرأوا على شرع الله , فظلموا واوغلوا في الظلم .
فالغرب , ومنذ ان استطاع بمكره ومؤامراته التى استمرت قرابة قرنين , من ان يهدم خلافة المسلمين , نصب عليهم حكاما عملاء مأجورين منتفعين , وغلفهم بانظمة وقوانين جائرة كافرة , تضمن له حماية وتأمين مصالحه الاستعمارية , وتحافظ على هيمنته المطلقة , سياسية واقتصادية وامنية وثقافية , لينهب ثروات المسلمين , ويتحكم بطريقة عيشهم .
وبالرغم من التغيير الذي حصل في سلم الدول الكبرى الفاعلة في المنطقة منذ ان هدمت الخلافة , فارتقت بعض الدول مكانة وهيبة وتدنت اخرى , الا ان جميع هذه الدول المتصارعة اجمعت على قاسم مشترك لم تتخلى عنه , الا وهو الحفاظ على النظام السياسي الناتج عن اتفاقيات سايكس بيكو , ومنع اي تغيير في الانظمة الحاكمة قد يؤدي الى ظهور دولة تتخذ الاسلام اساسا للحكم فيها , مما يضمن بذلك الحفاظ على المصالح الغربية وتثبيت الفرقة بين ابناء الامة الاسلامية .
حتى انه في حال وصول الصراعات في المنطقة بين القوى الدولية الفاعلة الى حد الحاجة لتغيير الحاكم , كانت الضمانات دائما بعدم تغيير نظام الحكم , وان تطلب الامر تغييرا في نظام الحكم , كان التغيير شكليا منمقا تحت عباءة الدول الاستعمارية , لتضمن استمرارها بالهيمنة , والحفاظ على مصالحها .
ان الامة الاسلامية اليوم تمر بأدق فصول علاقتها بحكامها , ولنطلق عليه : فصل قلعهم وكنسهم عن عروشهم , فبعد انتهاء عصر المزايدات الكاذبة , والانتصارات الوهمية , والشعارات الفضفاضة الزائفة , كشف المستور , وزالت الضبابية , وانقشع النور , لتظهر عورات الحكام على الملآ , وتتضح صورتهم الحقيقية وضوح الشمس , وولوغهم في الخيانة والعمالة , واستمراءهم الذل والمهانة , وجرهم لشعوبهم الى كل شر يراد بهم . حتى ان عرق الحياء قد قطع , فلم يبق لهم ماء وجه يحفظونه , ولا كرامة ينتصرون لها .
ان الشعوب الاسلامية شيوخا ونساءا واطفالا ورجالا , تلعن حكامها صباح مساء , حتى اصبح ذلك كالخبز اليومي لهذه الشعوب المقهورة , وهي بذلك تعبر عن مدى السخط على هؤلاء الحكام , ومدى الحاجة للقضاء عليهم والتخلص منهم .
وبالرغم من محاولات الوسائل الاعلامية المستمرة , من الطنطنة لهم من اجل تلميعهم , وبالرغم من عزف هذه الوسائل في بعض الاحيان على وتر الاسلام كما هو الحال في تركيا , بهدف كسب الرأي العام . بالرغم من كل ذلك , الا ان الشعوب المغلوبة على امرها تعي ذلك تماما , وهي وان مالت الى بعضهم فان ميلها يكون للاسلام الذي يلبس بعض الحكام ثوبه , ولعدم توفر البديل امام هذه الشعوب , ولكن وبفضل المخلصين من ابناء هذه الامة , فان كشفهم وفضحهم اصبح منتشرا لدى كافة فئات الشعوب المسلمة .
ان جعبة الانظمة الحاكمة في بلاد المسلمين اصبحت فارغة , فليس لديها ما تقدمه لشعوبها , فكل الشعارات اندثرت , والوعود الكاذبة كشفت , فلم يبقى لها الا ان تطأطئ رأسها في الوحل , وتختبئ خلف جدران قصورها , وتبقى في جحورها كالافاعي السامة , تراقب بحذر ما سيؤول اليه مصيرها , وهي تدرك ان الغرب الكافر الذي نصبها جاثمة على صدور شعوبها , سوف يتخلى عنها لحظة امساك الامة بزمام امرها .
ان المطلب الوحيد للامة الاسلامية اليوم هو الوحدة , توحيد البلاد والعباد في دولة واحدة تحكم بشرع الله , وتجمع الثروات وتوزعها بالعدل بين الناس , وتصد الجيوش المستعمرة لبلاد المسلمين المحتلة , من كشمير الى بيت المقدس .
وان هذا المطلب لن تستطيع هذه الانظمة تحقيقه لشعوبها , بل انها وجدت من اجل عدم تحقيقه , لهذا فان الفجوة بينها وبين شعوبها اصبحت اكبر من ان تستطيع اي قوة في العالم من سدها , ولهذا لا يمكن لكل الخطط السياسية والاساليب الشيطانية من دمج الشعوب مع حكامها , وقد اثبتت تجارب بعض الجماعات في التوفيق بين الشعوب والحكام فشلها , بل واشمئزاز المسلمين منها .
لقد اينعت رؤوس الانظمة وحان قطافها …. ولن تخلو بلاد المسلمين من ابطال ترنوا اعينهم لنصر الله سبحانه , فمصر الكنانة اهلا لتلد ابطالا كبيبرس وقطز , يقطفون رأس مبارك ونظامه , والشام وتاريخها المشرق لن يخلو من ضباط مخلصين يعيدون مجد صلاح الدين ونور الدين , ويقطفوا راس الاسد ونظامه , اما الباكستان وجيشه الذي يعد سابع اكبر جيش في العالم, فلن يخلوا من جنرالات يعيدون مجد سيد الانصار سعد بن معاذ واسيد واسعد ويقومون بقطف راس زرداري ونظامه البغيض , وهذا كله غيض من فيض , فابطال الاسلام منتشرون في كافة بقاع البلاد الاسلامية , من وسط افريقيا وشمالها , الى الجزيرة العربية , وتركيا , الى وسط اسيا وجنوب شرقها , وشبه القارة الهندية ….
فقد حان موسم القطاف , والله نسأل ان يعجل بنصره وقيام دولة الخلافة التى تحكم بشرعه .