ما بال المسلمين
عجبا للمسلمين يقبلون ويندفعون نحو المندوبات ويُحجمون عن أهم الفرائض ما بالهم؟ ما خطبهم؟ هل أصابهم مَسٌ؟ أم ماذا جرى لعقولهم؟ يُقبلون على مندوبٍ مثل العمرة وصلاة التراويح وغيرهما من المندوبات بشراهةٍ لا مثيل لها، بل و يُقبلون بشراهة على أوامر الله التي يجيزها رويبضات هذا العصر من الحكام العملاء المأجورين الذين لا يرقبون في مسلم إلا ولا ذمة.
بينما هذه الحالة من الشراهة والاندفاع تختفي بل وتتلاشى عند معظمهم عندما يأتي ذِكر أعظم الفروض وأهمها على الإطلاق ألا وهو فرض تطبيق شرع الله.
هذا الفرض الذي بدونه لا تستقيم فرائض الإسلام.
نعم عند ذكر تاج الفروض تُفاجأ وإذا بك أمام إنسان آخر، عجباً عجباً عجباً!!!
ترى لماذا هذا السلوك أيها الإخوة؟ ولماذا هذا الإحجام أيها الأحبة؟
حقيقة أن الأمر يدعو للحيرة بل وللكثير من الدهشة، إذ كيف لعاقل أن يصدق؟
أن يقوم المسلمون بتقديم المندوب على الفرض، هذا أمر غريب ومدهش، فالمندوب لا يجوز أن يقدم على الفرض ولا بأي حال من الأحوال، فما بالكم إذا تعلق الأمر بأهم وأعظم الفرائض وهو تطبيق شرع الله .
هذا الفرض الذي قدمه صحابة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه على فرض دفن حبيبهم رسول صلى الله عليه وسلم.
ألم تقرؤوا أو تسمعوا بوصية أبي بكر رضي الله عنه لما حضرته الوفاة أوصى عمر رضي الله عنه قائلاً:
إني أوصيك بوصية إن أنت قبلت عني : إن لله عز وجل حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل، وإنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة .
هذا الفرض أيها الإخوة تَرْكُهُ يترتب عليه إثمٌ كبير لا يُغني عنه إقبالكم على المندوبات مهما كثرت، فالله سبحانه وتعالى يقول: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
ثم، ها هو رسولكم الكريم الذي تَدّعون محبته وتَدّعون التأسي به يقول: “من مات وليس في عنقه بيعه مات ميتة جاهلية” هل تسمعون؟ هل تقرؤون؟ هل تبصرون؟ هل تدركون معنى ميتة جاهليه؟ لعل الأمر كذلك!!!
ثم ليس هذا فحسب أيها الإخوة الكرام، فالصحابة رضوان الله عليهم كما ذكرت لكم آنفا وأكررها لكم ولو للمرة المليون لعلها تكون حافزا لكم أن كنتم حريصون على طاعة الله وحريصون على الامتثال لأمره وان كنتم حريصون على رضوانه جلت قدرته، أقول: صحابة رسول الله أجّلوا دفن رسول الله مدة ثلاثة أيام مع إدراكهم الأكيد بان إكرام الميت دفنه، فما بالكم إذا كان الميت الرسول الأعظم محمد صلوات الله وسلامه عليه ؟
أيها الإخوة المسلمون: حَرِيٌّ بكم أن تتفكروا في كل ذلك وتشغلوا عقولكم قليلا فالأمر جد خطير .
ثم، ألا تعلمون ماذا فعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضوان الله وسلامه عليه بعد أن طُعِن وشَعَرَ بدُنوِّ أجله، لقد طلب من ست نفر من الصحابة الكرام أن يتوصلوا إلى خليفة للمسلمين في غضون ثلاثة أيام وطلب من بعض المسلمين أن يقطعوا رؤوسهم إذا مرت الثلاثة أيام دون اتفاق على خليفة للمسلمين.
هل لاحظتم أهمية الأمر؟
هل تدبرتم عظم هذا الفرض؟
هذا الفرض أيها الأخوة يجب أن يحتل قمة سُلَّم أولوياتكم.
خلاصة القول أيها الإخوة الكرام،
الفرق كبير ما بين الفرض والمندوب ولا تزاحم بينها
هناك تزاحم بين فرض وفرض أعظم فيؤخذ الفرض الأعظم أولاً ، وعلينا بطاعة رب البشر في كل ما أمر.
يقول رب البشر جل وعلى في سورة المؤمنون: { …. أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } البقرة85