المصالحة في افغانستان بمقاييس غربية
أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي(الناتو) أندرس فوغ راسموسن، دعمهما “الكامل” لجهود الرئيس الأفغاني حامد كرزاي للمصالحة مع بعض عناصر حركة طالبان , وقد اشترط الامين العام للناتو راسموسن شروطا لتتحقق المصالحة ( الوطنية ) في افغانستان وهي ان تنبذ تلك العناصر السلاح وتقطع علاقاتها بالجماعات المسلحة وتتعهد باحترام الدستور الأفغاني الديمقراطي وحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة.
والحقيقة ان اوراق المصالحة الغربية اصبحت عابرة للقارات , وهي بمجملها لا تختلف عن بعضها البعض من زاوية الاهداف التى ستتحقق من وراء تنفيذها , سواء اكانت في فلسطين ام في الصومال ام في السودان ام في افغانستان , وهي بذلك تثبت بانها مؤامرات غربية حيكت من اجل هدف واحد , وهو القضاء على المقاومة المسلحة في اي بلد من البلدان الاسلامية ومحاولة جر المقاومين الى طاولة المفاوضات التى تتحكم الدول الغربية بلاعبيها ومحاورها ونتائجها , وتضمن من خلالها الاستمرار بهيمنتها العسكرية او السياسية او كلتاهما معا .
فالغرب ممثلا بحلف الناتو وقواته العسكرية , وعلى رأسها القوات الامريكية المحتلة لافغانستان , اصبحت تتلقى الضربات تلو الضربات بشكل شبه يومي , مما ادى الى زعزعة ثقة الجنود المحتلين بقوتهم , والتخوف من الهزيمة النكراء , ولا سيما بالنسبة لامريكا التى بدأت تفقد هيبتها بشكل متسارع نتيجة الهزائم المتتالية التى يتلقاها جنودها في افغانستان , والتى قد تؤدي الى تزحزحها عن قيادة العالم في حال هزيمتها الشاملة في حربها هناك .
وهذا كله جعل امريكا والغرب برمته يبحث عن افضل السبل للقضاء على المقاومة الفذة للمجاهدين المسلمين في افغانستان , لتخفف عن جنودها من تلقي الضربات , ولتبعثر اوراق المقاومة الافغانية وتنزع عنها الغطاء الشعبي والاسلامي , املا في ابعاد الناس عنها وعن حمايتها .
ومن النظر لشروط الامين العام لحلف الناتو لتحقيق المصالحة مع بعض عناصر طالبان , فان اول ما يظهر في الصورة هو الاسلوب القديم المتجدد للغرب , سياسة فرق تسد , اي جعل المقاومة تنقسم على نفسها لتصبح اجنحة متناحرة تقاتل بعضها بعضا , وهذه الصورة تظهر جلية في الصومال وفلسطين . اما شروط القبول لمن سيجنح للغرب , فهي تتتركز في نقاط اولها نبذ السلاح , اي افراغها من محتواها الذي قامت من اجله , وهو المقاومة , وثانيها الطلب منها بان تقطع علاقتها بالجماعات المسلحة , وهو تثبيتا لسياسة فرق تسد , وعزلها عن محيطها الطبيعي , والشرط الثالث ان تحترم الدستور الافغاني , وهو بهذه الحالة دستور الكفر الذي ارتضته امريكا لافغانستان , وهي بذلك تطمئن لاحتواء من يقبل بهذا الشرط احتواءا مطلقا , كون امريكا هي المتنفذ الحقيقي في افغانستان وهي من يضع السقف السياسي واللعبة الديموقراطية , فبالتالي تضمن لعميلها كرزاي ونظامه البغيض من الاستمرار بتحقيق مصالح امريكا والغرب .
اما الشرط الاخير المتعلق بحقوق الانسان وحقوق المرأة , فكان الاجدى ان يطالب راسموسن من باريس ولندن وبيرن بذلك , فحقوق المسلمين في الغرب اصبحت مهضومة , وحقوق المراة المسلمة اصبحت جريمة , الا ان راسموسن بطلبه هذا انما يقول لمن يرغب بالانضواء تحت جناح المصالحة , بان عليك اولا التخلي عن افكار الاسلام والتبرأ منها , والقبول بالافكار الغربية لكي ترضى الدول الغربية عنه .
ان الواجب على المتلبسين بالعمل الجهادي الرائع في افغانستان عدم الوقوع في الفخاخ الغربية التى توضع لهم , وعليهم عدم القبول باي مظهر من المظاهر الكاذبة وان كانت كلماتها براقة كالمصالحة الوطنية وغيرها , فهي لا تخرج عن كونها اساليب مفضوحة للايقاع بهم والنيل منهم .
والواقع يظهر بمدى الضعف الذي بدأ يدب في صفوف الجيوش الغربية المحتلة وعلى راسها امريكا , ولم يبق لها الا الفرار واعلان الهزيمة , فالصبر الصبر ايها المجاهدون على قتالهم , لعل الله سبحنه يأذن بالنصر , فتأتيكم جحافل جند الخلافة لتقتلع شأفة امريكا الى الابد .