Take a fresh look at your lifestyle.

أمريكا تُعِد بنغلادش لضمها إلى حربها ضد الإسلام

 

في السادس والعشرين من أيلول أصدرت وزارة الخارجية البنغالية تصريحا صحفيا قالت فيه بأنّ الولايات المتحدة دعت بنغلادش إلى إرسال قوات عسكرية إلى أفغانستان للمساعدة في الجهود الرامية إلى إيجاد الاستقرار في البلد الذي مزقته الحروب، أفغانستان، وقد جاء هذا الطلب في نيويورك على لسان مبعوث أمريكا الخاص لباكستان وأفغانستان رتشارد هولبروك (وهو الذي يُعرف بالحاكم الفعلي لباكستان وأفغانستان) في حديثه لوزيرة الخارجية البنغالية ديبي موني، وبحسب ما جاء في البيان الصحفي فإنّ هولبروك قال بأنّ أمريكا بحاجة إلى مساعدة الأصدقاء من أمثال بنغلادش لفرض الأمن في أفغانستان، وأضاف بأنّه “بحاجة إلى مختلف أنواع المساعدات من مثل نشر قوات عسكرية أو مساعدات اقتصادية وتطويرية وتدريبية للقوات العسكرية”، وردا على هذا الطلب أكدت وزيرة الخارجية البنغالية أنّ الحكومة البنغالية متشجعة لبحث هذا الأمر بمزيد من التفصيل وأنّها ربما توافق على هذا الطلب، وقال البيان الصحفي أنّ مصادر وزارة الخارجية تفيد بأنّ هناك ضغوط دبلوماسية قوية تُمَارس على الحكومة البنغالية للموافقة على هذا الطلب.

التعليق
حينما كانت جنوب آسيا ليست من أولوية السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، كان تركيز أمريكا على بنغلادش من خلال مناوراتها مع الجيش البنغالي في سعيها للسيطرة على الوضع السياسي فيها، ولكن منذ العام 1989 وبعد انهيار الاشتراكية فإنّ مناوراتها مع الجيش البنغالي كانت من خلال ما يسمى بقوات حفظ السلام، وهذا طراز آخر للنيتو، وجاء هذا الطراز من المناورات بسبب محدودية القوات الأمريكية وقدرتها، وخصوصا الجانب العددي للجيش الأمريكي إلى جانب التكلفة المالية الباهظة التي تكبدتها أمريكا كدولة عظمى، لذلك كانت بنغلادش مصدراً للجنود رخيصي التكلفة تستخدمهم أمريكا في النزاعات العديدة في جميع أنحاء العالم، حتى بات الجيش البنغالي “جيش مرتزقة” في يد أمريكا بسبب نفاق الطغمة الحاكمة في بنغلادش، ومنذ ذلك الحين شاركت بنغلادش في قوات حفظ السلام في ناميبيا وكمبوديا والصومال وأوغندا ورواندي وموزمبيق ويوغسلافيا السابقة وليبيريا وهاييتي وطاجاكستان وأفريقيا الغربية وسيراليون وكوسوفو وجورجيا وتيمور الشرقية والكونغو وأثيوبيا.

ومع مطلع القرن الواحد والعشرين كانت علاقة الصداقة الإستراتيجية الأمريكية مع الهند دافعاً لأمريكا لإجبار الجيش البنغالي على تغيير وجهة نظره التاريخية المعادية للهند باستخدام شتى السبل، وكان السبيل الأكثر استخداما هو العصا، وهذا الذي جعل أمريكا تقف صامتة عام 2009 على تنفيذ الهند بالتعاون مع الشيخة حسينة لمجزرة حرس الحدود التي راح ضحيتها أكثر من 57 من خيرة ضباط الجيش البنغالي، وبهذه المجزرة تمكنت الهند من كسر إرادة الجيش البنغالي وأجبرته على تغيير موقفه المعادي للهند وإزالة أي تخوفات أمنية تهددها، وعلى صعيد أخر فقد لقنت أمريكا بنغلادش معنى الوقوف في وجهها في أي أمر كان.

وإلى جانب سياسة العصا هذه ومنذ تسلم الشيخة حسينة للحكم مجددا فإنّ أمريكا أرادت أن تربط قيم الجيش البنغالي بالجيش الأمريكي، لذلك شهدنا العديد من التدريبات المشتركة بين كلا الجيشين فيما عُرف بتدريبات القرش النمر 1و2و3و4 التي جرت في الخليج البنغالي.

في ضوء استخدام أمريكا لسياسة العصا والجزرة أمرت أمريكا القيادة البنغالية بالمشاركة بقوات عسكرية في حربها على الإسلام، والمثير للسخرية أنّ هذا الطلب جاء بينما المجاهدون الأفغانيون يلقنون أمريكا درساً قاسياً وهي الآن تواجه هزيمتها المحتومة، وعندما أدركت الدول المشاركة في النيتو بأنّ هزيمة أمريكا محتومة بدأت تنسحب من أفغانستان الواحدة تلو الأخرى.

إنّ إستراتيجية أمريكا في أفغانستان قد فشلت، حتى ورد على لسان الجنرال بترويوس في كتاب “حروب اوباما” قوله ” لا أعتقد أننا سنربح هذه الحرب، أعتقد أننا سنظل نقاتل، إنّ هذه النوع من الحروب يستمر إلى الأجيال القادمة”، وزيادة على ذلك فإنّ الجنرال ماكريستال قد وجه انتقاداته لاوباما وبايدن والمستشارين العسكريين قبل تنحيته من منصب قيادة القوات الأمريكية في أفغانستان والمنطقة.

وبالنسبة لأهل بنغلادش فإنّه من غير المقبول عندهم، بل والمفاجئ أن ترد وزيرة الخارجية على الطلب الأمريكي بالقول أنّ الحكومة مستعدة لبحث هذه المسألة بتفصيل أكثر، فهي قبلت الطلب الأمريكي، وقد لوحظ خلال الأسبوع الماضي نقاشات وتحركات دبلوماسية في دكا لبحث هذه المسألة، وفي الواقع فإنّ الحكومة سعيدة بوصف أمريكا لها بـ “بالصديق وقت الضيق”.

على المستأسدين الذين أصبحوا حكاماً في ظل غياب دولة الخلافة من أمثال شاه قرشي في باكستان، وديبي موني في بنغلادش وباقي حكام المسلمين، عليهم أن يعلموا بأنّ كل من الغدّار مشرف وزارداري قد ضحوا بأكثر من 30,000 مسلم وأكثر من 3000 جندي وجرح أكثر من 6000 جندي وتهجير الملايين من بيوتهم وخسارة أكثر من 45 مليار دولار حتى أوصلوا باكستان إلى حافة الإفلاس، وفوق كل ذلك فإنّه بتفعيل مشروع “الصداقة مع باكستان 2009” فقد قاموا بتسليم باكستان على طبق من فضة للأمريكان بالرغم من وجود سابع أكبر جيش في العالم فيها، وبالرغم من كل هذه العبودية والتبعية لأمريكا إلا أنّ أمريكا غير راضية عنهم، فكم هي ساذجة حكومة حسينة، إذ تظن بأنّها تستطيع أن تروي تعطش أمريكا لمزيد من دماء المسلمين!

محمد المأمون دكا- بنغلادش