Take a fresh look at your lifestyle.

مقياس الأمة

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين, وبعد:

ما هو المقياس الصحيح الواجب على الأمة إتباعه ؟

منذ إن ابتُليَ المسلمون بضياع دولتهم ، وغياب من يرعى شؤونهم ، وإمامهم في العشرينيات من القرن الماضي ، على يد الطاغوت مصطفى كمال أتاتورك وبمؤازرة ودعم وبتخطيط من دول الكفر جميعا قاتلهم الله ، سقطت الأمة في مستنقع الهاوية ، فسقطت قِيمها ، وانحدرت أفكارها, واستُبعِدت عقيدتها ، واحتُلت أراضيها، وديست كرامتها بفقدانها مقدساتها ، وأصبحت دويلات متناحرة تتنافس فيما بينها لا لخدمة دين الله ولكن لخدمة مخططات الغرب الكافر، ولا زال الغرب الكافر يجثم على صدرها برغم الصحوة الفكرية العتيدة ، والتي من أهم مظاهرها ، عودة الأمة لعقيدتها ، واعتزازها بإسلامها ، وتخليها عن أفكار القومية والوطنية والشيوعية الإلحادية , إلا إن الأمة لا زالت ترزح تحت نير بقايا أفكار هذا المستعمر نتيجة لديمومة وجوده بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، ولا يتوقع أن تختفي تماما أفكار الكفر هذه إلا عند زوال نظام الكفر، فمع رحيل هذا النظام ترحل معه بقايا أفكاره ، وربما تبقى بقاياها لما بعد رحيله ردحا من الزمان ، وهذا أمر ليس بغريب ، إذ لا يعقل أن يصبح المجتمع إسلاميا ، طالما أن نظام الكفر يطبق عليه . ومن جملة ما افقدَنا إياه وجود نظام الكفر هذا ، انه سلب الأمة مقياسها الصحيح عند الحكم على الأشياء أو عند الحكم على الأشخاص ، فتارة ترى الأمة تصفق لزعيم لمجرد انه وقف موقفا مغايرا لنظرائه من حكام المسلمين ، وتأخذ في كيل المديح له ، وتمجيده في اجتماعاتها ومجالسها ومنتدياتها ،علما بأنه لا يخفي علمانيته على سبيل المثال ، فهذا رجب طيب أردوغان ، حقيقة يقول بكل صراحة ووضوح ، بأنه رجل علماني ، ويحافظ على علمانية الدولة. إذن، لماذا أحبته جماهير الأمة؟ والجواب أن الأمة بحق برغم محبتها لدينها ، واعتزازها به ، إلا أنها فقدت مقياسها الصحيح منذ فترة ليست بالقليلة ، إي أنها في لحظة الحكم على الأشخاص أو الرموز أو الحكام ، لم ترجع إلى الميزان الصحيح حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ) أو آية (ومن لم يحكم بما انزل الله فأُولئك هم الكافرون ) وقوله تعالى: (ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الظالمون ) وقوله تعالى: (ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون ) وقوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) . بالله عليكم من في حكامنا الحاليين والسابقين أو في كثير منا من تنطبق عليه هذه الآية التي تعرف بآية المؤمنين ؟! حقيقة لو أن الأمة رجعت إلى المقياس الصحيح ، لما تاهت وانزلقت كل هذه المنزلقات ، فلو أنها رجعت إلى المقياس الصحيح لما أحبت عبد الناصر، ولا صفقت له ، وكذلك ما أحبت أبو عمار، علمانية ولما أحبت ألقذافي ولما صفقت للخميني، ولما هللت لمحمود احمدي نجاد، ولما زغردت لأردوغان ، ولكنها للأسف الشديد أحبت كل هؤلاء وصفقت وطبلت وهللت لهم جميعا . ولو كانت ترجع إلى مقياسها الصحيح لما فعلت ذلك. ثم إن الأمة فوق ذلك كله ، فقدت النموذج الصحيح ، فلم يعد تاريخها تاريخ خالد بن الوليد ، أو صلاح الدين الأيوبي ، أو عقبة بن نافع ، أو يوسف بن تاشفين, فكتب تاريخها محشوة بالأكاذيب والدجل الرخيص … كيف لهذه الأمة إن تحب من هو على شاكلة أردوغان ؟ وهي تستذكر وتستحضر مشهدا في معركة اليرموك، عندما طلب ماهان قائد الروم مقابلة خالد بن الوليد ، حيث اعتلى الاثنان صهوتي جواديهما ، ثم قال ماهان لخالد: ( نحن نعلم ما الذي أخرجكم من دياركم ، انه الجوع والعطش ، ولذلك نحن نعرض عليكم ، كسوة وألف درهم لكل منكم وفي العام القادم نعطيكم مثلها ثم تنصرفون عنا) أتدرون ماذا أجابه خالد ، قال له : (انه لم يخرجنا من ديارنا ما ذكرت ، ولكننا قوم نهوى شرب الدماء ، وقد علمنا إن لا أشهى ولا ألذ من دم الروم ،من اجل ذلك جئناكم) وبعدها قال الله اكبر، وكبر الجيش واحتدم القتال وأسفر عن النصر المبين الذي تحقق في معركة اليرموك الخالدة .

بالله عليكم هل يعقل لأناس هذا تاريخهم أن ينظروا ولو مجرد النظر لواحد مثل اردوغان؟ لا يعقل ذلك مطلقا، فالمدعو اردوغان ..هذا البطل الشعبي، ماذا فعل عندما قتل الصهاينة اليهود (إخوة القردة والخنازير) سبعة من الإبطال المسلمين الأتراك, هل حرك بعضا من طائراته لقصف إسرائيل؟…ماذا فعل بالله عليكم هذا البطل الهمام؟ لقد فعل ما يفعله الضعفاء الأنذال الجبناء ، ذهب إلى مجلس الأمن يستجدي أعدائه وأعداء أمته … نعم ذهب إلى أعدائه وأعداء أمته ، هذا هو اردوغان. ولو كان فيه كرامة لفعل فعل المعتصم عندما استغاثت به امرأة مسلمة في عمورية وقد كان عائد من غزو ، اتقرأون جيدا كان عائد من معركة ، ماذا فعل المعتصم عندما تناهى إلى مسامعه أن امرأة مسلمة استنجدت به ؟ أقسم أن لا ينزل عن صهوة جواده قبل أن ينتقم لهذه المرأة المسلمة ، لم يقل قبل أن اثأر لهذه المرأة المسلمة ، بل قال أنتقم ، والفرق بينهما كبير . لماذا لم يذهب إلى مجلس الأمن ، أو من هم في مقام مجلس الأمن في تلك الأيام؟ لأن الإستعانة بالكفار حرام، ولان هذه شيم قادة المسلمين أيها الأحبة ، ولأنهم أسياد قرارهم بأيديهم. وهي ليست كصفات إي حاكم من حكام المسلمين اليوم لأنهم عبيد ، لا يملكون قرارا دون الرجوع لأسيادهم الأمريكان أو الأوروبيين . دعونا من سيرة هؤلاء الحكام، ولنعد إلى امتنا الكريمة ، والسؤال الأول وهو لماذا أحبت وصفقت الأمة لاردوغان ومن هم على شاكلته؟

نُجيب ونقول بان الأمة وبحكم انه ليس لديها المقياس الصحيح وبفقدانها لمقياسها الصحيح فقد تاهت وضاعت وغرقت وأغرقت نفسها في أوهام ما انزل الله بها من سلطان , فقد لجأت إلى مقياس آنيٍّ بدائيٍّ ساذج ، ألا وهو مقارنة السيئ بمن هو أسوأ منه ، فهي بالتأكيد تحكم على اردوغان قياسا على حسني مبارك ، وهذه آفة الآفات وهي مصيبة المصائب .

نتمنى على امتنا الكريمة والمعطاءة أن ترجع إلى عقيدتها وتتمسك بها فهي المقياس الصحيح وأن تعمل مع العاملين المخلصين لنهضتها بتحكيم شريعتها السمحاء فتنجوا من قهر وذل وهوان الدنيا وتنال ثواب الآخرة ورضوان بارئها عليها.

لمثل هذا فليعمل العاملون
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبو محمد العامر