Take a fresh look at your lifestyle.

الحوار الحي-أوروبا تعصف بها الأزمات

 تمر أوروبا بأزمات عده ، منها ما هو ظاهر ومنها ما هو ساكن سرعان ما تحركه الأحداث وتدفعه الى الواجهه، فمنذ ان عصفت الأزمه الماليه والأ قتصاديه بالولايات المتحده سنة 2008 ، تبعتها الدول الاوروبيه كأنها احجار الدومينو ، وعانت منها ولكن بتفاوت تاثير الازمه الاقتصاديه على هذه الدوله او تلك ، ثم بدأت هذه الازمات تطفو على السطح وتنفجر هنا وهناك في القاره الاوروبيه بشكل او بأخر وتنبؤ بأحداث وتطورات خطيره ، وانه وان كان طابع هذه الازمات اقتصادي ، الا انه ينم عن امراض  بدأت تظهر وتفتك في الجسم الاوروبي والحضاره الغربيه القائمه على مفاهيم ومثل وقيم زائفه وخداعه ، وقبل التطرق الى الاسباب والعوامل التي أدت الى هذا الحال الذي وصلت اليه الدول الاوروبيه ، لا بد من التعرض الى اعراض المرض الذي بدأ يسري في الجسم الاوروبي :

 

  • بدأت الشراره بدايه هذا العام في اليونان بسبب ازمه الديون اليونانيه وما رافقها من اجراءات تقشف ومظاهرات شعبيه واحتجاجات ، وشعور بالخوف من ان تمتد هذه الازمه الى دول اخرى في القاره الاوروبيه ، واذ بالأزمه اليونانيه تتطور اواخر هذا العام وتظهر على شكل رسائل وطرود ملغومه وعداوات مع بعض الدول الاوروبيه وتحديدا المانيا .
  • ثم انتقلت الازمه الى فرنسا على شكل تظاهرات شعبيه واسعه النطاق ، دعت اليها احزاب المعارضه والنقابات العماليه والطلابيه بحيث قدر عدد المتظاهرين حسب بعض المصادر بثلاثة ملايين ، وذلك احتجاجا على رفع سن التقاعد من ستين سنه الي اثنتين وستين ،وهذه التظاهرات الشعبيه ليست فقط تعبيرا عن الاستياء الشعبي من التعديلات التي ينوي الرئيس ساركوزي ادخالها لأصلاح ماليه فرنسا او من رئيس متعجرف انخفضت شعبيته بشكل كبير نتيجه لقراراته الموجه ضد المهاجرين والفقراء ووصفه لهم في أول سني رئاسته بالأوباش ولا تعبيراعن الا ستياء من طبقه سياسيه فشلت في رعايه مصالح شعبها ، بل هي اكثر من ذلك …….. انها تعبير عن قلق ناتج عن ازمه عميقه في المجتمع الفرنسي ومستقبل لا يبدو انه سيجلب الرفاهيه والامن للشعب الفرنسي .
  • اما بريطانيا فليست بأفضل حال من سابقتيها ، فقد بدأت في معالجه اوضاعها الداخليه والاقتصاديه واثار الازمه الاقتصاديه عليها نتيجة لحروبها مع امريكا في العراق وافغانستان والسير معها فيما يسمى بالحرب على الارهاب ، فانتهى عهد حكم حزب العمال وجاء الى الحكم ائتلاف المحافظين والاحرار ،واعلنت بريطانيا انسحابها من العراق واكمال انسحابها من افغانستان عام 2015 ،وبدأت بالأجراءات التقشفيه والتقليص في الميزانيه والانفاق العام ،لعل وعسى هذه الأجراءات والمعالجات تنقذ الاقتصاد البريطاني وسمعة ومكانة بريطانيا .

اما الاسباب والعوامل التي ادت الى هذه الازمات في الدول الاوروبيه وهذه الامراض في الجسم الاوروبي فهي :

 

  • 1- ان الاتحاد الاوروبي لم يرق الى مستوى النديه للولايات المتحده لا سياسيا ولا اقتصاديا ولا عسكريا ، مع وجود الاختلافات بين اعضائه وحتى بريطانيا لم تكن في يوم من ايام مخلصة لأوروبا ،ورضيت اوروبا بأن تبقى تحت المظلة العسكريه الامريكيه فيما يسمى بحلف الناتو ، ولم تشكل لها قوه عسكريه مستقله تحمي بها مصالحها التي تتناقض في كثير من الاحيان مع المصالح الامريكيه ،مما جعل الولايات المتحده تجر اوروبا الى حروبها القذره والفاشله في افغانستان والعراق ، وادخلتها في ازماتها ومشاكلها وغاصت معها في اوحال ومستنقعات هذه الحروب مما ترتب عليها اعباء ماليه واقتصاديه ومعنويه لا مصلحه لأوروبا بها ،موهمة نفسها بأنها ستحصل على نصيبها من الكعكة بسيرها مع امريكا ،فأذا بها تسير وراء سراب خادع قاتل ولم تخرج بالفائده او الربح من سياسه السير مع امريكا بل عمت الخساره الفاعل ونائب الفاعل والجميع .

 

  • 2- يضاف الى ذلك تحكم امريكا بالأقتصاد العالمي وسكوت اوروبا عن هيمنة الدولار الامريكي غير المغطى بالذهب ، ومن هنا كان ارتفاع اسعار الذهب بسبب الاقبال الكثيف على شرائه لعدم الثقه بالدولار الامريكي ، وتعلم اوروبا ان امريكا تتأمر عليها وعلى الدول الصناعيه مثل الصين واليابان وذلك عن طريق تخفيض سعر صرف الدولار لشجيع الصادرات الامريكيه ورفع عملة هذه الدول للحد من صادراتها ، وهو ما لوحظ مؤخرا على علاقات واجتماعات هذه الدول فيما اطلق عليه حرب العملات .
  • 3- ومن هذه العوامل والاسباب عداء اوروبا التاريخي والتقليدي للأسلام وتأمرهم على المسلمين والقيام بأجراءات وسن قوانين تسيء للمسلمين ، كمنع الحجاب والتهجم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومنع الاذان ، وهذا العداء للأسلام والتأمر على المسلمين جعل بعض الدول الاوروبيه تسير في ركاب امريكا فيما يسمى بالحرب على الارهاب وارسال بعض هذه الدول جيوشها لتحارب مع امريكا في افغانستان والعراق ، مما اوجد لأوروبا اعداء وعداوات واصبحت بعض الدول الاوروبيه غير امنة على وضعها الداخلي وجعلها تعيش في بعض الاوقات في حالة رعب واستنفار امني ، وليس ادل على ذلك من كثرة حالات الانذار التي تعلن بين الحين والأخر وفي مطارت هذه الدول ، اضف الى ذلك ظاهرة الطرود البريديه المفخخة بغض النظر عن الفاعل الحقيقي او تعدد الجهات الفاعله واهدافها .

وقد ادى هذا العداء الظاهر للأسلام والمسلمين الى تعزيز انتماء المسلمين لدينهم  والتزامهم بقضايا امتهم  المصيريه والحيويه داخل هذه المجتمعات الاوروبيه ، وزاد من اقبال الغربيين على دراسه الاسلام وتفهمه ودخول اعداد لا بئس بها في الدين الاسلامي ، وهذا يعتبر بحد ذاته تحول كبير داخل المجتمعات الاوروبيه وتحول في نظرتها الى كثير من الامور

والاحداث .

4- ولا ننسى ان علة هذه الامراض والازمات التي تعيشها اوروبا وتعاني منها تكمن في المبدأ نفسه الذي تعتنقه وهو المبدأ الرأسمالي الربوي الذي ظهر فساده وعانى العالم كله من ويلاته ، حتى اكتوت الدول الرأسماليه نفسها بناره ، وانعكست اثاره المدمره على شعوب العالم وعلى شعوب هذه الدول حتى عصفت بها الازمات وجعلتها تعاني من المديونيه وارتفاع نسبه البطاله والضائقه الاقتصاديه ويكثر فيها العنف والجريمه والمخدرات ، فالمبدأ الرأسمالي الذي يحافظ على مصالح الاغنياء على حساب الفقراء وتتحكم به فئه رأسماليه جشعه على حساب الاخرين ، هو مبدأ فاسد قام في الاساس على عقيدة فاسده ونتج عنه نظام فاسد مهما حاولوا ترقيعه ومعالجته  ، وصدق الله العظيم حيث يقول في كتابه العزيز {…. كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }الرعد17

 

وهذه الاحداث والازمات انما تزيد المؤمن ايمانا بربه وعقيدته ونظامه وتدفع المسلم الى العمل لنصرة دينه واعزاز امته ، وتنبه الغافل وتوقظ النائم بأن الاسلام وحده فيه صلاح العالم وسعادة البشريه .