من أقوالهن عبر ودروس – ح 10 – صانعات الرجال
حياكم الله من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .وأهلاً بكم معنا مجدداً في برنامجنا هذا من أقوالهن عبر ودروس سائلين الله تعالى أن يتقبل منا ويغفر لنا ويرحمنا وهو نعم المولى ونعم النصير .
مستمعينا الكرام :
من منا لم يسمع بقصة ذات الشكال ولم يتخذها مثلاُ عندما يذكر اسم الصحابيات أو التابعيات أو المسلمات المؤمنات الصابرات القانتات؟ هذه المرأة التي بعثت بوحيدها إلى ساحة الجهاد هدية وأوصته بأن يكون من المقبلين لا المدبرين ، ولنسمع قولها عند عودة قائد الجيش أبو قدامة وسؤالها له قائلة :
“أمبشراً جئت أم مُعَزّياً. قلت: بيّني لي البشارة من التعزية رحمك الله. قالت: إن كان ولدي رجع سالماً فأنت معزٍّ، وإن كان قُتل في سبيل الله فأنت مبشر. فقلت: أبشري فقد قُبلت هديتك فبكت وقالت: تَقَبّلَها. قلت: نعم فقالت: الحمد لله الذي جعله ذخيرة يوم القيامة “.
وكذلك لا ننسى الخنساء وهي تقول حين سماعها نبأ استشهاد أولادها الأربعة ” الحمد لله الذي شرفتي بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته ” ، وليس ببعيد نرى في غزة هاشم أم نضال فرحات( مع اختلافي معها في الطريقة ) والتي استشهد ثلاثة من أولادها في غزة والتي كانت تعلم عن نية ولدها القيام بعملية استشهادية وظهرت معه في شريط وداع وهي تقول ” تزحزح قليلاً يا بني، ضع يدك على كتفي، دعني أُقبلك قبلة الوداع، هيا التقط صورتك أيها المصور وأنا أزف ولدي إلى الشهادة”.
صور وأقوال ومواقف رائعة نعجز عن وصفها بالكلمات ، مواقف تنم عن إيمان وصبر وثبات وثقة بالله ووعده ، لم يجزعن على أولادهن ويثبطن عزيمتهم ، بل بالعكس دفعنهم إلى الجهاد والاستشهاد في سبيل الله ، هي مواقف تشعرنا بالفخر وعزة الإسلام وقوته ، وكذلك تُشعر الكثيرين بالخجل حين يقفون أمامهن، أمهات حنونات معطاءات قمن بعمل عجزت عنه أعتى الرجال من الذين أبعدوا أبناءهم عن ساحة الجهاد والفوز بالجنة ليستمتعوا بصحبتهم وبهذه الدنيا الفانية ، أعطين دروساً في التضحية والثبات وقوة الإيمان بأن الآجال مقدرة من عند الله وأن الفوز بالشهادة هي النصر والمنتظر .
هؤلاء وأمثالهن هن مصنع الرجال ،، صانعات الأمة ، ربوا أولادهن على الإيمان الراسخ وطاعة الله ورسوله ليكونوا خير خليفة لله سبحانه على الأرض،بالعمل على إحياء كلمته ودينه وأن أسمى غاياتهم هي نيل رضى الله تعالى ، يرضعونهم هذه المفاهيم والسلوكيات حتى إذا شبوا كانوا أشداء على الكفار رحماء بينهم .
فأين أنت يا أمَة الله من هؤلاء في تربية أبنائك ؟ هل تربينهم على ما أنشأَتْ عليه هؤلاء المؤمنات الصابرات المجاهدات أبناءهن ، أم تربينهم على أسس الحضارة الغربية الفاسدة والمفاهيم الرأسمالية العفنة ؟! هل تربينهم على طاعة الله وعلى تلاوة القرآن والتفكر به والعمل بأحكامه أم تربينهم على أفلام الكرتون والأغاني الماجنة والمسلسلات الساقطة وعلى أفلام الفسق والعنف ، والذهاب إلى أماكن التبرج والاختلاط ، وإذا لبسوا أو قصوا شعورهم فهم يقلدون الغرب في صيحاته وشذوذه وفساده ويعتبرون هذا تقدماً وحضارة فتتفاخرين وتتباهين بهم ، وبئست المباهاة وبئست الحضارة .
ما هي الأحاديث التي تدور بينك وبين أبنائك ،، حول أمور الأمة وأحوالها وهمومها ومصائبها وطريقة التخلص من هذا كله أم ينصب الحديث على توافه الدنيا وملهياتها ؟! هل تخططين معهم كي يعملوا لنهضة أمتهم والرقي بها لتعود خير أمة أخرجت للناس أم فقط تخططين معهم لمستقبلهم الدنيوي من شهادة وبيت وزواج ومنصب وجاه ؟! هل يُذكر الجهاد وطلب الشهادة في سبيل الله في كلامكم أو تبتعدوا حتى عن ذكر الموت والآخرة فهذا كلام لا داعي له وهو يثير الخوف والتشاؤم ؟! فلا أريدك أخيتي أن تربيهم للدنيا وليس للآخرة عندك نصيب في هذا . حتى لا يصيبهم الوهن وهو حب الدنيا وكراهية الموت .
ننظر حولنا فنرى بعض الناس يبعدون أبناءهم بل ويمنعونهم عن حمل الدعوة بحجة الخوف والإشفاق عليهم ، فيريدون منعهم للحفاظ عليهم حتى لا يصيبهم مكروه أو تلاحقهم السلطات أو يتعرضوا للسجن والتعذيب ، وإنه والله إشفاق في غير محله , فأي شفقة هذه التي تؤدي إلى التقصير في أداء فروض الله عز وجل , وتكون نتيجته غضبٌ من الله وخسران مبين . هل ستننفعهم هذه الشفقة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، يوم توفَّى كل نفس ما قدمت وهم لا يظلمون !
وبدل أن يدفعوهم ويحثوهم على حمل الدعوة والتقيد بأحكام الله تعالى والقيام بفرائضه ويحاسبونهم إذا رأوا تقصيراً بهذا ، تراهم يؤنبونهم على حمل الدعوة نفسها ولا يحاسبونهم على التقصير في تأدية فرائض الله تعالى .
وسأعقد هنا مقارنة بسيطة بين وضعين : غلام أو فتاة أو شاب لا يستيقظ لصلاة الفجر رغم أن أمه أو أبيه أيقظاه لذلك مرة أو مرتين فيذهبان عنه يائسين مالَّين منه ، ولكن عندما يأتي وقت المدرسة أو العمل وهو نائم تراهما يذهبان ويعودان ولا يكلّان حتى يستيقظ خوف أن يتأخر عن مدرسته أو عمله ، فبالله عليكم إخوتي وأخواتي أين حب الوالدين لأبنائهم هنا ؟؟ أين حُسن رعايتهم والإشفاق عليهم ؟ يخافون عليهم من العقاب للتأخير في الدوام ولا يخافون عليهم من عقاب الله لعدم تأدية فرض صلاة الفجر في وقته ، وقيسوا على هذا أعمالاُ وسلوكياتٍ ومفاهيم كثيرة وعديدة في حياتنا نرى فيها التناقض وحب الدنيا على العمل للآخرة.
وأعود لأختي الأم المربية الحنون الرؤوم وأقول لها إن اللهَ سبحانَه وتعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها ، وأدعوها لإعادة التفكير في أسلوب تربيتها ونهجها في الحياة نحو أبنائها ، وليكن لها في ذات الشكال والخنساء وغيرهما قدوة حسنة وسراج ينير لهن الطريق ، وليكنَّ نِعم الأمهات المؤمنات الصابرات المجاهدات اللواتي يزرعن روح الجهاد والعمل لإحياء دين الله وإعادة حكم الإسلام على الأرض ،، كوني أختي مصنع الرجال وصانعة الأمة لتنالي خير الدنيا وعز الآخرة بإذن الله تعالى .
وأسأل الله جلَّ وعلا أن يوفقنا وإياك إلى الخير والفلاح في الدنيا والآخرة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مسلمة