Take a fresh look at your lifestyle.

الحديث الشريف – أجر المجتهد

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
.
عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر
جاء في صحيح مسلم بشرح النووي
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران , وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر )
قال العلماء : أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم , فإن أصاب فله أجران : أجر باجتهاده , وأجر بإصابته , وإن أخطأ فله أجر باجتهاده
وفي الحديث محذوف تقديره : إذا أراد الحاكم فاجتهد , قالوا : فأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم , فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم , ولا ينفذ حكمه , سواء وافق الحق أم لا ; لأن إصابته اتفاقية ليست صادرة عن أصل شرعي فهو عاص في جميع أحكامه , سواء وافق الصواب أم لا , وهي مردودة كلها , ولا يعذر في شيء من ذلك , وقد جاء في الحديث في السنن ” القضاة ثلاثة : قاض في الجنة , واثنان في النار , قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة , وقاض عرف الحق فقضى بخلافه فهو في النار , وقاض قضى على جهل فهو في النار ” , وقد اختلف العلماء في أن كل مجتهد مصيب أم المصيب واحد , وهو من وافق الحكم الذي عند الله تعالى والآخر مخطئ لا إثم عليه لعذره ؟ والأصح عند الشافعي وأصحابه أن المصيب واحد , وقد احتجت الطائفتان بهذا الحديث , وأما الأولون القائلون : ( كل مجتهد مصيب ) فقالوا : قد جعل للمجتهد أجر فلولا إصابته لم يكن له أجر , وأما الآخرون فقالوا : سماه مخطئا , لو كان مصيبا لم يسمه مخطئا , وأما الأجر فإنه حصل له على تعبه في الاجتهاد , قال الأولون : إنما سماه مخطئا لأنه محمول على من أخطأ النص أو اجتهد فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد كالمجمع عليه وغيره , وهذا الاختلاف إنما هو في الاجتهاد في الفروع , فأما أصول التوحيد فالمصيب فيها واحد بإجماع من يعتد به , ولم يخالف إلا عبد الله بن الحسن العبتري وداود الظاهري فصوبا المجتهدين في ذلك أيضا , قال العلماء : الظاهر أنهما أراد المجتهدين من المسلمين دون الكفار . والله أعلم .
 
وجاء في فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب)
في رواية أحمد ” فأصاب ” قال القرطبي : هكذا وقع في الحديث بدأ بالحكم قبل الاجتهاد , والأمر بالعكس فإن الاجتهاد يتقدم الحكم إذ لا يجوز الحكم قبل الاجتهاد اتفاقا , لكن التقدير في قوله ” إذا حكم ” إذا أراد أن يحكم فعند ذلك يجتهد , قال ويؤيده أن أهل الأصول قالوا : يجب على المجتهد أن يجدد النظر عند وقوع النازلة , ولا يعتمد على ما تقدم له لإمكان أن يظهر له خلاف غيره. انتهى. ويحتمل أن تكون الفاء تفسيرية لا تعقيبية وقوله ” فأصاب ” أي صادف ما في نفس الأمر من حكم الله تعالى .
مستمعينا الكرام:
الاجتهاد في اللغة هو استفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور مستلزم للكلفة والمشقة. وأما في اصطلاح الأصوليين فمخصوص باستفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد فيه. والاجتهاد فرض على الكفاية على المسلمين. ومن الدروس المستفادة من هذا الحديث الشريف وشرحه الذي تقدم:
أولا: أنه يجب أن يكون الحاكم عالما وأهلا للحكم. وليكون كذلك يجب أن يتوفر فيه شرطان اثنان وهما توفر المعارف اللغوية والمعارف الشرعية، وإلا أثم الحاكم لحكمه بغير علم.
ثانيا: أن الاجتهاد لا يكون في ما ورد به نص شرعي قطعي الدلالة كتحريم الربا والزنا والقتل، بل يكون في النصوص الشرعية المجملة أو الظنية كحكم لمس المرأة وحكم الاستنساخ وغير ذلك.
ثالثا: لا يجوز الحكم قبل الاجتهاد. فلا يجوز اتخاذ القرار في مسألة ما، ثم البحث في النصوص الشرعية، وليها أحيانا، للتدليل على ما اتخذ فيه قرارا أصلا. بل يجب فهم واقع المسألة ومن ثم إسقاط النصوص الشرعية على الواقع لنخرج بحكم الله في المسألة.
 
مستمعينا الكرام والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .