لا تشاركوا النصارى في أعيادهم – ج1
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله وصحبه :
يحتفل انصارى هذه الأيام بعيد الميلاد وعيد رأس السنة وترى العديد من المسلمين يحتفلون معهم ويجاملونهم في هذه الأعياد ولهؤلاء نقول لا تشاركوا النصارى في أعيادهم . فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال الله تبارك وتعالى: } قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد {. سورة من كتاب الله تبارك وتعالى تعدل ثلث القرآن على قصرها:
– فيها التوحيد والإخلاص.
– فيها العقيدة الصافية النقية.
إن الله تبارك وتعالى لم يتخذ ولداً، ولم يتخذ صاحبة، ولم يأت سبحانه وتعالى من أحد، ولم تكن له ذرية ولا نسب، كما زعمت اليهود والنصارى، قالوا: المسيح ابن الله، وقالوا: عزير ابن الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
إنه تبارك وتعالى لا يحتاج إلى أحد من خلقه، والخلق كلهم محتاج إليه، فهو الغني والخلق كلهم فقراء. وهو الصمد الذي لا تستقيم الحياة إلا برعايته وكلئه ولطفه سبحانه وتعالى.
إن سورة الإخلاص تقرر عقيدة أساسية يجب أن تستقر في سويداء قلب كل مخلوق في هذا الكون، ألا وهي (( أحدية الله تبارك وتعالى ووحدانيته ))، فهو المعبود الأوحد الحق، وكل ما سواه عبيد له. } إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا {*} لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا [ مريم : 93-94] { وعلى ضوء عقيدة التوحيد الفطرية التي قررتها سورة الإخلاص، نستطيع أن نقول بكل ثقة واعزاز، وأن نؤكد لكل البشرية المتخبطة الحائرة، بأن عيسى عليه السلام عبدٌ لله تبارك وتعالى. فعيسى عليه السلام كآدم عليه السلام، ليس له أب، ولكن لعيسى أمٌّ عليهما السلام. ولهذا ينسبه – عز وجل – إلى أمه حيث قال تبارك وتعالى: } ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ { [مريم:34]
نعم مستمعينا الكرام .. لقد حار كثير من النصارى واضطربوا في أمر عيسى عليه السلام:
•- هل هو الله ؟
•- أو هل هو ابن الله ؟
•- أو هل هو ثالث ثلاثة ؟
ولكن الله سبحانه وتعالى لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة } مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون { [ مريم:35 ].
وإذا كان رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى التوحيد، فإن عيسى عليه السلام أيضاً دعا إلى التوحيد… حيث يقول سبحانه وتعالى: } لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {[ المائدة: 37] .
وإذا كان نصارى اليوم قد نسبوا إلى عيسى عليه السلام القول بألوهيته أو بنوته لله تبارك وتعالى، فإن عيسى عليه السلام سوف يكذبهم ويفضحهم على ملأ من الأشهاد يوم القيامة حيث يقول الله عز وجل: } وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ {* } مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ { [ المائدة: 116- 117].
إن الذين يؤلهون عيسى عليه السلام،
أو الذين يدَّعون بنوته لله تبارك وتعالى حاشاه عز وجل،
أو يقولون إن الله ثالث ثلاثة،
أولئك هم الكفار الضلال الفجار الذين يجب نحن – أمة التوحيد – أن نبرأ منهم، ومن قولهم، قال الله عز وجل: } لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {*} أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {*} مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ { [ المائدة: 73 – 75].
وبعد بيان كفر هؤلاء القوم المنتسبين إلى عيسى عليه السلام زوراً وبهتاناً، وبعد وضوح ضلالهم.. يجئ السؤال في تعجب .. هل يجوز لنا- نحن المسلمين- أن نشارك الكفار والنصارى في أعيادهم وفي مناسباتهم الدينية الشركية الكفرية؟؟!
إن الأعياد النصرانية من الشعائر والشرائع الدينية المتعلقة بالدين. ولقد لعن اليهود والنصارى بما بدلوا وحرفوا في دين الله عز وجل في كتبه، ولذلك أعيادهم من دينهم المحرف. أعياد النصارى – يا أمة التوحيد – مرتبطة بالكفر الأكبر الذي إذا سمعته الجبال والسموات والأرضـون، إذا سمعت ذلك الـكفر كادت أن يتفطرن وأن يتصـدعن .
} وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا {*} لَقَدْ جِلئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا {*} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا {*} أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا {*} وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا {*} إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا {*} لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا {[ مريم: 88 – 94 ].
فإذا كانت السماوات والجبال والأرضون يتفاعلن هذا التفاعل الرهيب مع الذين ينسبون لله تعالى ولدا، فكيف بربكم – يا مسلمون – تشاركون النصارى في أعيادهم وفي احتفالاتهم وتهنئونهم على باطلهم ودينهم الذي هو رمز ديني لعقيدتهم الكافرة الضالة. أليس ذلك بإقرار منكم على دينهم الباطل ؟
والذي يدلكم على ارتباط أعيادهم بدينهم الكافر هو: وجود عيد – عندهم – من أعيادهم، حيثُ يُحٌضر كل واحد منهم طبقاً من الطعام ويضعونه بعد ذلك على مائدة طويلة، ثم تزاح جميع الأغطية عن تلك الأطعمة لمدة من الزمن تستغرق ساعة أو أقل أو أكثر. لماذا يزيحون تلك الأغطية عن تلك الأطعمة التي يحضرونها ؟
الجواب: حتى يباركها الرب.. ومن هو الرب ؟ الرب في زعمهم هو يسوع .. هو المسيح عليه السلام!! يأتي ليبارك لهم طعامهم ذلك في تلك المناسبة الكفرية، ثم بعد ذلك يأكلون من تلك اللقمة المقدسة بزعمهم.
كيف ينشرون تلك البدعة الكافرة في غير أرضهم، وفي غير بلادهم، في ديار المسلمين مثلاً ؟
إنهم يأتون إلى ديار المسلمين ويقيمون حفلات باسم (( حفلات التنكر ))، حفلات تنكرية، ويقولون: إنها للأطفال، للتسلية وللهو وللمتعة، ولكن الحقيقة – يا مسلمون -إنها استغواء لأبناء المسلمين المخدوعين المغرورين الجهلة الضعفاء. فحسبنا الله ونعم الوكيل .. إذ كيف يرضى جهلة المسلمين أن يشاركوا النصارى في مثل هذه الاحتفالات ؟ أيرضون ويعتقدون بنزول الرب عيسى عليه السلام ( بزعمهم ) في هذه المناسبة ليبارك لهم في طعامهم الذي يُطعم منه الأطفال في تلك المناسبة ؟ إن هذا كفر بواح، وكفر صريح، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال الحافظ الذهبي في رسالته: تشبه الخسيس بأهل الخميس: (( فإن قال قائل: إنما نفعل ذلك لأجل الأولاد الصغار والنساء ؟ فيقال له: أسوأ الناس حالاً من أرضى أهله وأولاده بما يسخط الله عليه.ثم قال: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: (( من صنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، ولم يتب، حشر معهم يوم القيامة)). أخرجه البيهقي وصحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية. وهذا القول منه، يقتضي أن فعل ذلك من الكبائر، وفعل اليسير من ذلك يجر إلى الكثير.
فينبغي للمسلم أن يسد هذا الباب أصلاً ورأساً، وينفّر أهله وأولاده من فعل الشئ من ذلك، فإن الخير عادة، وتجنب البدع عبادة.
ولا يقول جاهل: أفرَّح أطفالي.
أفما وجدت يا مسلم ما تفرحهم به إلا بما يسخط الرحمن، ويرضي الشيطان، وهو شعار الكفر والطغيان؟!
فبئس المربي أنت.. وحسبنا الله ونعم الوكيل .
نقف هنا ونتكلم في المرة القادمة عن حكم مشاركة النصارى في أعيادهم .
مسلمة