Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – التأمين

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل مات وعليه دين فأتي بميت فقال أعليه دين قالوا نعم ديناران قال صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة الأنصاري هما علي يا رسول الله قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فتح الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فمن ترك دينا فعلي قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته” رواه أبو داود

قال صاحب عون المعبود: {قال القاضي رحمه الله وغيره: وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المديون الذي لم يدع وفاء إما للتحذير عن الدين والزجر عن المماطلة والتقصير في الأداء أو كراهة أن يوقف دعاؤه بسبب ما عليه من حقوق الناس ومظالمهم انتهى.

( أنا أولى بكل مؤمن إلخ ) في كل شيء لأني الخليفة الأكبر الممد لكل موجود، فحكمي عليهم أنفذ من حكمهم على أنفسهم، وذا قاله لما نزلت الآية

( فعلي قضاؤه ) مما يفيء الله به من غنيمة وصدقة، وذا ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين.}

مستمعينا الكرام الضمان ضم ذمة إلى ذمة، وأنه ضمان لحق ثابت في الذمة، ففيه ضامن ومضمون عنه ومضمون له، وواضح فيه أنه بدون معاوضة، وفيه المضمون عنه مجهول والمضمون له مجهول. وهذا الدليل هو ما رواه أبو داوود عن جابر {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل مات عليه دين. فأتي بميت فسأل: عليه دين؟ قالوا: نعم، ديناران. قال: صلوا على صاحبكم. فقال أبو قتادة: هما علي يا رسول الله. فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته}. فهذا الحديث واضح فيه أن أبا قتادة قد ضم ذمته إلى ذمة الميت في التزام حق مالي قد وجب للدائن. وواضح فيه أن في الضمان ضامنا ومضمونا عنه ومضمونا له، وأنه -أي الضمان الذي ضمنه كل منهما- التزام حق في الذمة من غير معاوضة. وواضح فيه أن المضمون عنه وهو الميت والمضمون له وهو صاحب الدين كان مجهولا عند الضمان. فالحديث قد تضمن شروط صحة الضمان، وشروط انعقاده.

هذا هو الضمان شرعا. وبتطبيق تعهد التأمين عليه -وهو ضمان قطعا- نجد أن التأمين خال من جميع الشروط التي نص عليها الشرع لصحة الضمان وانعقاده. فإن التأمين ليس فيه ضم ذمة إلى ذمة مطلقا. فشركة التأمين لم تضم ذمتها إلى ذمة أحد في التزام مال للمؤمن، فلم يوجد ضمان، فكان التأمين باطلا. والتأمين لا يوجد فيه حق مالي للمؤمن عند أحد قد التزمته شركة التأمين، إذ ليس للمؤمن أي حق مالي عند أحد وجاءت الشركة وضمنته، فهو خال من وجود الحق المالي، فتكون الشركة لم تلتزم أي حق مالي حتى يصح أن يقال إنه ضمان شرعا. وأيضا فإن ما التزمته الشركة من التعويض أو الثمن أو دفع المال لم يجب للمضمون له عند عقد التأمين تجاه آخرين لا حالا ولا مآلا حتى يصح ضمانه. فتكون شركة التأمين قد ضمنت ما لا يجب في الحال ولا يجب في المآل، فيكون الضمان غير صحيح، وبالتالي يكون التأمين باطلا. علاوة على أن التأمين لا يوجد فيه مضمون عنه لأن شركة التأمين لم تضمن عن أحد استحق عليه حق حتى يسمى ضمانا، فيكون عقد التأمين قد خلا من عنصر أساسي من عناصر الضمان اللازمة شرعا وهو وجود مضمون عنه، لأنه لا بد في الضمان من وجود ضامن ومضمون عنه ومضمون له. وبما أن عقد التأمين لم يوجد فيه مضمون عنه، فهو باطل شرعا. وأيضا فإن شركة التأمين حين تعهدت بتعويض العين أو دفع ثمنها إذا تضررت أو دفع مال عند حصول الحادث، قد التزمت هذا الدفع مقابل مبلغ من المال فهو التزام بمعاوضة، وهو لا يصح لأن شرط صحة الضمان أن يكون بدون معاوضة. فكان التأمين بوجود المعاوضة فيه ضمانا باطلا.

وبهذا يظهر مقدار خلو تعهد التأمين من شروط الضمان التي نص عليها الشرع, وعدم استيفائه لشروط انعقاد الضمان وشروط صحته. وبذلك يكون سند التعهد الذي أعطته الشركة وضمنت به التعويض والثمن، أو ضمنت المال، باطلا من أساسه، فيكون التأمين كله باطلا شرعا.

وعلى هذا فإن التأمين كله حرام شرعا سواء أكان التأمين على الحياة أم على البضاعة، أم على الممتلكات، أم على غير ذلك. ووجه حرمته أن عقده عقد باطل شرعا. وأن التعهد الذي تعطيه شركة التأمين بموجب العقد تعهد باطل شرعا. فكان أخذ المال بحسب هذا العقد وهذا التعهد حرام، وهو أكل مال بالباطل، ويدخل في مال السحت.

مستمعينا الكرام والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.