Take a fresh look at your lifestyle.

  التصرف في الأرض

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عن الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه، “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ في المعادن القبلية الصدقة، وأنه قطع لبلال بن الحارث العقيق أجمع”، فلما كان عمر رضي الله عنه قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحتجزه عن الناس، لم يقطعك إلا ليعمل. قال: فأقطع عمر بن الخطاب للناس العقيق “وهذا حديث صحيح، ولم يخرجاه” المستدرك على الصحيحين للحاكم

مستمعينا الكرام يجبر كل من ملك أرضا على استغلالها، ويعطى المحتاج من بيت المال ما يمكنه من هذا الاستغلال، ولكن إذا أهمل ذلك ثلاث سنين تؤخذ منه وتعطى لغيره، فقد انعقد إجماع الصحابة على أن من عطل أرضه ثلاث سنين تؤخذ منه وتعطى لغيره.

فلمالك الأرض أن يزرع أرضه بآلته وبذره وحيوانه وعماله وأن يستخدم لزراعتها عمالا يستأجرهم للعمل بها، وإذا لم يقدر على ذلك تعينه الدولة، وإن لم يزرعها المالك أعطاها لغيره ليزرعها منحة دون مقابل، فإن لم يفعل وأمسكها يمهل مدة ثلاث سنوات، فإن أهملها مدة ثلاث سنوات أخذتها الدولة منه وأقطعتها لغيره، فقد حدث يونس عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر قال: {جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه أرضا فأقطعها له طويلة عريضة، فلما ولي عمر قال له: يا بلال، إنك استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا طويلة عريضة فقطعها لك، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يمنع شيئا يسأله، وأنت لا تطيق ما في يديك، فقال: أجل، فقال: فانظر ما قويت عليها منه فأمسكه، وما لم تطق وما لم تقو عليه فادفعه إلينا نقسمه بين المسلمين، فقال: لا أفعل والله شيئا أقطعنيه رسول الله، فقال عمر: والله لتفعلن، فأخذ منه ما عجز عن عمارته فقسمه بين المسلمين}، رواه يحيي بن آدم في كتاب الخراج. فهذا صريح في أن الأرض إذا لم يطق صاحبها زرعها وأهملها ثلاث سنوات أخذتها الدولة منه وأعطتها لغيره كما فعل عمر بن الخطاب مع بلال المزني في معادن القبلية.

وعليه فإن كل مالك للأرض إذا عطلها ثلاث سنين تؤخذ منه وتعطى لغيره مهما كان سبب ملكه للأرض، إذ العبرة بتعطيل الأرض لا بسبب ملكيتها، ولا يقال إن هذا أخذ لأموال الناس بغير حق، لأن الشرع جعل لملكية الأرض معنى غير معنى ملكية الأموال المنقولة، وغير معنى ملكية العقار، فجعل ملكيتها لزراعتها، فإذا عطلت المدة التي نص الشرع عليها ذهب معنى ملكيتها عن مالكها، وقد جعل الشرع تمليك الأرض للزراعة بالاعتمار وتمليكها بالإقطاع والميراث والشراء وغير ذلك، وجعل تجريدها من صاحبها بالإهمال، كل ذلك من أجل دوام زراعة الأرض واستغلالها.

مستمعينا الكرام والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.