عصا ويكيليكس
شغلت تسريبات الوثائق على موقع ويكيليكس الرأي العام العالمي، وردّت الولايات المتحدة على تلك التسريبات أنها تشكل خطراً وتهديداً على أمنها القومي، فما هو واقع هذه التسريبات وهل حقيقة أنها تمثل خطراً على أمن أمريكا؟ وهل هي تسريبات خارجة عن إرادة الحكومة الأمريكية أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
إن المتأمل في واقع تلك الوثائق “المُسرًّبة” يلاحظ أمرين أساسيين لا بد من إدراكهما:
الأمر الأول: أن تلك الوثائق المسربة تحمل في طياتها طابعاً معيناً يكاد يشفُّ عن القصد السياسي فيما وراءها، فمنها ما كان أسلوب ضغط على بعض الأنظمة الخارجة عن تبعية أمريكا لفضحها وبيان خيانتها لأمتها وذلك للضغط عليها حتى تسير في فلك المصالح الأمريكية، ومثال ذلك ما سُرّبَ من وثائق تقول أن ملك السعودية يطالب بقطع رأس الأفعى (يعني إيران)، وأن الرئيس اليمني يقول : أن قواته تقتل مواطنيه المتهمين بالانتماء للقاعدة حفاظاً على سمعة أمريكا، وملك البحرين يطالب بتدمير النووي الإيراني وغيرها الكثير من هذا النوع من الوثائق.
وبعض تلك الوثائق كان موجهاً حتى لعملاء أمريكا أنفسهم للضغط عليهم أو تحذيرهم من الخروج عن سرب القطيع الأمريكي، ومثال ذلك ما جاء من تسريبات متعلقة بفساد حامد كرزاي وتجارة شقيقه بالمخدرات، وأن الجيش المصري يرفض ثوريث جمال مبارك وهكذا.
وأما القسم الآخر من التسريبات فجاء على شكل تهديد لخصوم أمريكا السياسيين مثل أوروبا والصين وروسيا وهذا أسلوب جديد تتعامل به أمريكا مع خصومها السياسيين، والذي في حقيقته يمثل أسلوباً رخيصاً للتعامل مع الخصوم السياسيين والذي إن دل على شيء فإنما يدل على إفلاس الإدارة الأمريكية.
فها هي سياسة أوباما قد فشلت في أفغانستان، وفشلت كذلك في إقناع الباكستان بالتدخل عسكرياً في شؤون أفغانستان، وكذلك فشل أوباما في حل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي، فما كان من هذه الحكومة إلا اللجوء إلى أسلوب جديد أو قل (رخيص) لصرف الأنظار عن فشل الإدارة في كثير من القضايا السياسية الحساسة، أضف إلى ذلك أن الكثير من تلك التسريبات يسلط الضوء على فساد إدارة بوش السابقة لصرف الأنظار عن فشل الإدارة الحالية.
الأمر الثاني: أن تلك التسريبات قد أكدت للقاصي والداني وبما لا شك فيه خيانة حكام المسلمين للأمة الإسلامية، وعمالتهم وولاءهم للغرب لتحقيق مصالحه على حساب مصلحة الأمة، وأن هؤلاء الحكام ما هم إلا أدوات أو قُل نواطير لخدمة مصالح الغرب في بلاد المسلمين. وهذا ما جعل فرائصهم ترتعد رُعباً من ردة فعل الأمة الإسلامية تجاه خياناتهم ومؤامراتهم ضدها، وهذا في حدّ ذاته مؤشرٌ على حيوية الأمة وخيريًّتها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير الأستاذ ابو زيد جزاه الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته