وأخيرا ً هوى الصنم
سلام على أهل تونس، وسلام على أحرار تونس، سلام على من ضرب المثل للجبناء من الناس في الثورة ضد صنم وطاغوت من أبشع ما جاد به التاريخ من أصنام وطواغيت.
لقد عاش الشعب المسلم في تونس عيشة كلها قهر وإذلال منذ اللحظة التي غادرت الجيوش الفرنسية أرض تونس وتولى تسيير أمورها نيابة عن الكافر المستعمر بعض من أبنائها الذين ربطوا أنفسهم ووجودهم بالكافر؛ فكان بورقيبة الذي تربع على عرش رئاسة تونس أكثر من ربع قرن من الزمان يساعده في حكم تونس جلاوزة تلذذوا بقهر الناس وتعذيهم والبطش بهم، ولقد كان على رأس قائمة هؤلاء الجلاوزة زين العابدين بن علي الذي تولى رئاسة الأمن العام ثم وزارة الداخلية وكلها دوائر أمنية أخذت الناس بالشدة والبطش.
لقد انقلب زين العابدين على سيده الذي رعاه وصنعه على عينه فأبعد أبو رقيبة عن الرئاسة وتولى مكانه. ولقد أغدق على الناس بالوعود الكاذبة خلاصتها إنه سيخلصهم من جهنم بورقيبة ويدخلهم جنة بن علي ملوحا ً لهم بالانتعاش الاقتصادي ورغد العيش.
لقد حكم بن علي على الشعب في تونس ما يقرب من ربع قرن من الزمان ولم يتغير شيء من حياة الناس بل على العكس من ذلك فقد ازداد الناس فقرا ً فلا أنهار السمن والعسل سالت ولا تكدست المن والسولوى في الشوارع ليغرف منها الناس لسد جوعاتهم ويتيهوا على الدنيا بما وصلت إليه حالهم من الرفاه ورغد العيش. ولقد ازدادت البطالة حتى وصلت أرقاما ً مخيفة وخصوصا ً بين حملة الشهادات الجامعية وبذلك ازداد الفقر بين الناس وزادت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر زيادة رهيبة، وبن علي وزبانيته يخرجون كل عام بإحصائيات اقتصادية كاذبة لتخدير الناس وشراء سكوتهم بالكذب والخداع وقد ساعدته على ذلك أقلام مأجورة وزبانية باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان؛ بالإضافة إلى سياسة الإفقار والكذب والخداع فقد أباح لمن حوله من المنتفعين من أقارب وأصدقاء بالولوغ في الفساد فسرقوا ونهبوا وشاركوا الناس أرزاقهم ولقمة عيشهم فكثر الثراء غير المشروع في من حوله إلى حد بات لا يطاق وصار حديث الناس وتندرهم فأوغر الصدور فامتلأت حقدا ً وغلا ً بلغا مبلغا ً عظيما ً ينتظر الشرارة التي تقدح لتشعل ما حولها فتأكل الأخضر واليابس.
لقد حكم ابن علي وهو رجل الأمن الذي تحجر قلبه فأصبح لا يعرف للشفقة طريقا ً ولا للرحمة سبيلا ً فنكل بالناس وملأ السجون ومارس جميع أنواع التعذيب دونما شفقة أو رحمة حتى أصبح يأخذ هو وأجهزة أمنه المتسلطة بالشبهة حتى صار الرجل يقول لأخيه انج سعد فقد هلك سعيد. نعم أيها السادة فقد حكم ابن علي تونس بعقلية السجان الذي يحرس السجن بقلب متحجر وعواطف متبلدة ولقد كان يضرب المثل بأجهزة أمنه وقدرتها على ترويض الناس بكل السبل المشروعة وغير المشروعة حتى إن ما يسمى بوزراء داخلية الدول العربية كانوا إذا أرادوا الاجتماع للاتفاق على الخطط التي تمكنهم من إخضاع الناس وترويضهم وإذلالهم لا يجدون لهم مكانا ًَ إلا تونس لتكون مكانا ً لرسم خطط ترويع الناس وقمعهم.
لكن كل هذا ذهب هباء فما هي إلا صفعة شرطي لرجل حتى اشتعلت الشرارة فهب الناس وقاموا قومة رجل واحد ضد الإرهاب والتسلط والإذلال فامتلأت الشوارع والحواري بالمحتجين مطالبين برفع الظلم. لقد حاول الطاغية أن يسترضي الناس بالوعود الكاذبة لكنه لم يفلح وفي النهاية وجد نفسه مضطرا ً لأن يهرب كالفأر المذعور لا يلوي على شيء. نعم فر فرار الجبان فلم يجد من يؤويه إلا حكام الجزيرة العربية الذين هم على شاكلته.
إننا لا نريد لتونس أن تستبدل وجها ً بآخر ولا خائنا ً بخائن ولا صنما ً بصنم أو طاغوت بطاغوت وإنما لها أن تستبدل النظام بأكمله لأنه نظام فاسد أتاح الفرصة للمفسدين لأن يتحكموا برقاب الناس وقوتهم, نريد لتونس أن تحكم بنظام الإسلام الذي لن تتحقق العدالة إلا به ممثلا ً في دولة الخلافة الراشدة التي أطل زمانها وقرب وقتها.
وختاما ً نسأل الله – سبحانه- أن يجنب المسلمين في تونس الفتن وأن يمن عليهم وعلى كافة المسلمين بالخلافة الراشدة التي تزيل الظلم عن البلاد والعباد إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم،
أبو محمد الأمين