خبر وتعليق تغيير تونس… أنفرح أم نحزن
بالأمس أدى رئيس مجلس النواب التونسي فؤاد المبزع اليمين الدستوية كرئيس مؤقت للبلاد طبقا للفصل السابع والخمسين من الدستور، وذلك بعد أن قرر المجلس الدستوري، وهو أعلى سلطة قانونية في تونس، إقصاء زين العابدين بن علي بشكل نهائي من السلطة. وفور توليه مهام منصبه كلف المبزع رئيس الوزراء محمد الغنوشي بتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال المجلس الدستوري التونسي إنه يتعين إجراء انتخابات رئاسية خلال فترة لا تتجاوز الستين يوماً.
لا يختلف اثنان على أن واقع الأمة الإسلامية يحتاج إلى تغيير، حيث أنها تُحكم بغير ما أنزل الله، وممزقة أيما تمزيق، ومازالت تتمزق، وثرواتها بين النهب والسلب، وثوراتها -إن حصلت- بين القمع والقتل. لذلك لن تبكي الأمة على نظام يسقط أو حاكم يفر. إلا أن أي حركة للتغيير لها دافع وغاية، وإذا لم يكن الدافع والغاية مبدئيين على أساس الإسلام فإن هذا التغيير سيزيد الطين بلة، ناهيك عن أنه سيطيل عمر الحكم بغير ما أنزل الله، وسيبعد النظر عن الإسلام كغاية. فلو نظرنا إلى تغيير الأنظمة في بلاد المسلمين سنجد أنها تكررت بغض النظر عن الأسلوب الذي تم فيه التغيير، فمثلاً في مصر سقط النظام الملكي وقام الجمهوري، وفي إيران سقط النظام وقامت الثورة، وفي العراق سقط البعث وجاء المالكي وزمرته، وكل حركات التغيير هذه تشترك في شيئين إثنين: الأول أنه لم يكن الإسلام دافع التغيير لا من قريب ولا من بعيد، الثاني أنه تم إسقاط نظام يحكم بغير ما أنزل الله وجاء مكانه نظام يحكم بغير ما أنزل الله، أي أن هذا التغيير أطال عمر الحكم بغير الإسلام.
ولو نظرنا إلى التغيير الحاصل في تونس فإننا سنجد بكل وضوح بعده أساساً عن الإسلام، بدليل المطالب التي رفعها الناس من جهة، وما آل إليه التغيير من استلام زمرة الحكم الفاسدة لزمام الأمور من جهة أخرى، هذه الفئة التي لا يقل فسادها عن الحاكم المخلوع. وبعد هذا التغيير سيُلقم الناس قليلاً من فضائل الطعام، وستُصرف الرواتب الهزيلة للموظفين، ويستمر الحكم بغير ما أنزل الله، وتستمر تونس كما هي إلا أن الناس سيُخدعون بأنهم قاموا بتغيير النظام وأن حالهم أصبح أفضل، مما سيبعد فكرة التغيير عن الأنظار لأنها تمت وفق مطالب الناس.
نعم إن الفقر والجوع دافع للتغيير، إلا أنه لا يجوز أبداً أن يكون دافعاً عند المسلم الذي أكرمه الله بالإسلام، لأنه يكفي عند المسلم أن تُمنع الزكاة ليقوم بالتغيير، أو تُباح الربا أو يُمنع من الصلاة أو الجهاد، أو يقوم الحاكم بتعطيل حكماً واحداً من الإسلام، أو أن يطبق حكماً واحداً من الكفر، يكفيه شيء من ذلك ليطالب بالتغيير ويعمل له. هكذا يجب أن تفكر أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أن تفرح وتنتصر بالإسلام، لا بحكومة وحدة وطنية تتأرجح بين زندان أوروبا ومطرقة أميركا.
بقلم: حسن الضاحي
2011/1/17م