ما هكذا تورد الإبل يا علماء تونس !!
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البشر أجمعين محمد الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ،،
الإخوة والأخوات الكرام ،،
تعليقا على ما صرح به مفتي تونس الشيخ عثمان بطيخ مؤخرا وتناقلته وسائل الإعلام ، ونشرته جريدة (الصباح) اليومية والذي حرم فيه الانتحار الذي أقدم عليه شباب تونس الغاضبين قائلا: ” إن الانتحار ومحاولته جريمة وكبيرة من الكبائر، ولا فرق شرعا بين من يتعمد قتل نفسه أو قتل غيره ” كما دعا إلى عدم الصلاة على المنتحر “استنكارا لما صدر عنه وزجرا لغيره “، وأضاف :” على المرء أن يكون عاقلا مسيطرا على انفعالاته متغلبا على الصعاب بالصبر والجد والاجتهاد ، ولا يستنكف من أن يعمل أي عمل شريف لئلا يكون عالة على غيره ” وختم قائلا :” ولو أخرج الأغنياء زكاة أموالهم ووزعوها بالعدل على المناطق الأكثر احتياجا وفقرا لكان خيرا لهم ولغيرهم”.
إن أخوف ما خاف علينا منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العلماء والأمراء ، أما الأمراء فقد انكشف عوار فسادهم وغيهم وظلمهم وخيانتهم لله ولرسوله ولعامة المسلمين ، وباتوا ينتظرون مصيرهم الأسود المرتقب قريبا إن شاء الله على يد المخلصين ولو بعد حين ، وما كان بن علي إلا نموذجا لطاغية فهم مطالب شعبه كذبا ولكن بعد فوات الأوان !
وأما العلماء فما زالوا يراوغون ويلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون ، فما كان حكم الانتحار بعصي على فهم شاب مسلم جامعي ! وعلى فهم المئات الذين ينتحرون سنويا والتي تطالعنا أخبارهم المراكز الطبية ودراسات أطباء الأعصاب في تونس وغيرها من بلاد المسلمين ، فهؤلاء ما هانت عليهم أنفسهم إلا حينما هان عليكم قول كلمة الحق يا سيادة الشيخ ! إلا حينما ارتضيتم لأنفسكم أن تكونوا بوقا رخيصا للنظام الحاكم المجرم تزينون سوء فعالهم ، وتحرفون تفكير الناس عن المسار الصحيح ؟؟ هل أصبحت الجريمة الكبرى هي الانتحار(وإن كانت جريمة) ؟ هل أصبحت القضية قضية صلاة على المنتحرين أم لا ؟ هل أصبحت قضية أهل تونس إن كان الأغنياء قد أخرجوا زكاة أموالهم أم لا؟؟
يا للعجب ! لم ينتحر الناس يا أيها الشيخ ؟ لم يضحون بأغلى ما يملكون ؟ ثم إنك قد تحدثت عن العمل الشريف ،، فأين العمل الشريف الذي يوفر للناس العيش الكريم ؟! ثم من سيجبر الأغنياء على أن يدفعوا زكاة أموالهم وهل ستحل المشكلة من جذورها؟؟!!
ألم يأتك نبأ القهر والذل والهوان والفقر والاضطهاد السياسي وكم الأفواه والتعذيب والتضييق على المسلمين والمسلمات في عباداتهم وأحكام ربهم وزجهم في السجون لا لشيء إلا أن قالوا ربنا الله!
لو كنت تخاف يوما عبوسا قمطريرا لنفضت عن كاهلك رداء الذل والخوف والجبن ولصدعت بالحق بملء فيك قائلا : إن ما يحدث لكم أيها المسلمون في تونس وفي كل بلاد المسلمين المظلومة هو نتيجة طبيعية لغياب حكم الله عن الوجود ولغياب الكيان السياسي المتمثل بدولة إسلامية تطبق الإسلام داخليا في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك ، وتحمله رسالة هدى للعالم أجمع فتعيش الأمة حياة كريمة آمنة مطمئنة، تستظل بظل إمام عادل يخش الله ويتقه في أمته، وحينها تتلاشى هذه المصاعب يا فضيلة المفتي بالعلم والعمل لا بالصبر فقط ، فمن ذا الذي يعيد سيرة عمر بن عبد العزيز حين كان عماله يطوفون بالزكاة محملة على الجمال ليأخذ منها كل من يستحقها ومن له حاجة ، ولكنها كانت ترد كما هي غير منقوصة لاستغناء الناس وكفايتهم ، من ذا الذي يعيد سيرة هؤلاء غير خليفة المسلمين ؟؟ أما أنك تأخذ على يد المظلوم وتعفي الجاني من جريمته فهذا والله هو المنكر بعينه ! فهلا عدت إلى جادة الحق لكي لا تكون من الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ويكتمون البينات فيلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون!!
وأما أنتم يا علماء المسلمين فقد عاينتم بأم أعينكم كيف أن أمة الإسلام فيها الخير الكثير الكثير لو كان لها قيادة صادقة واعية مخلصة تأخذ بيدها لعز الدارين ، فهلا قمتم بواجبكم الذي افترضه الله عليكم ، فأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وحاسبتم الحكام الظلمة على أساس الإسلام وصدعتم بالحق لا تخشون في الله لومة لائم فتعيدون سيرة العز بن عبد السلام؟؟؟
اللهم عليك بمن طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم يا ربنا سوط عذاب
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبته للإذاعة: أم القعقاع