التلويث الفكري والإعلامي في العالم الإسلامي من إرث المفكر السياسي الدكتور عايد الشعراوي- يرحمه الله ح7
السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه – ج3
مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكرنا مستمعينا الكرام في الحلقتين السابقتين بعضا من السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه مما بينه لنا الدكتور عايد الشعراوي يرحمه الله، وهي:
أولاً: سياسة الإغراق بالمشاكل الحياتية اليومية.
ثانياً: سياسة الإلهاء بالرياضة والنشاطات الشبابية.
ثالثاً: سياسة الإلهاء بنعيم الدنيا الزائل وكل مظاهر الترف واللهاث وراء المال.
رابعاً: سياسة كم الأفواه.
خامساً: سياسية تنفيس الرأي العام.
سادساً: كبش الفداء.
سابعاً: سياسة الضربة الوقائية.
ثامناً: سياسة ركوب الموجة.
وفي هذه الحلقة نتابع معكم ما تبقى من هذه السياسات كما بينها لنا الدكتور عايد الشعراوي يرحمه الله.
تاسعاً: سياسية الانحناء للموجة:
على العكس من السياسة السابقة ( سياسة ركوب الموجة) حينما يتعرض بعض الساسة أو الزعماء إلى عاصفة هوجاء من الانتقادات والمعارضة لسياسته فإنه يلجأ إلى تجاهل النقد والمعارضة، ويمتنع عن الإدلاء بأي تصريح أو رأي أو حتى الظهور عبر أجهزة الإعلام ريثما تهدأ العاصفة وتنجلي المواقف ويعود الرأي العام إلى سابق عهده وينسى الجمهور ما حدث (وبالمناسبة لا بد من الإشارة هنا إلى أن الحكام والقادة يراهنون على ظاهرة النسيان التي يتصف بها بنو البشر ويبنون عليها الكثير من خططهم ومشاريعهم الإعلامية، لذلك يلاحظ تكرار خطط وأكاذيب عفى عليها الزمن واستعملت أكثر من مرة ولكن الاتكال على ظاهرة النسيان لدى الشعوب يجعل الحكام في مأمن من انكشاف أكاذيبهم وخداعهم.
عاشراً: قصة قميص عثمان:
يبدو أن هذه السياسة هي الأكثر رواجاً في عصرنا الحالي، وأن هنالك الكثير من الأخصائيين المحترفين لها، فقصة المطالبة بدم سيدنا عثمان معروفة والتي ذهبت مثلاً، ثم أصبحت مثلاً يحتذى لدى السياسيين وأجهزة إعلامهم بل أبواقهم المسموعة والمرئية والمقروءة، فحينما يريد البعض سوق الناس بالجملة تجاه أهدافه ومخططات الأسياد الكبار فإنه يلجأ إلى حيلة الثعالب، وذلك بالتقرب إلى الناس حين يتظاهر بتمجيد رمز من رموزهم يحترمونه أو حتى يقدسونه، ولعل أكثر القضايا التي استغلت كقميص عثمان: قضية فلسطين، وتحرير القدس، وحرب أفغانستان، ومؤخراً الصحوة الإسلامية التي تحاول بعض الأنظمة ركوب موجتها. وسياسة قميص عثمان قد تستعمل سلبياً أو إيجابياً حسب ما يبتغي الملوح بالقميص فعلى سبيل المثال: يتمسح الكثيرين بالقضية الفلسطينية وكلما رغبوا في تبييض صفحتهم السوداء لدى أتباعهم لجأوا إلى التغني بدعم القضية الفلسطينية والنضال من أجلها ويصورون للناس أنهم طيلة الحياة وحتى الممات يسعون بدأب وجهود متواصلة بلا كلل أو ملل لإرجاع جزء من فلسطين لأهلها أو إرجاع جزء من أهلها إليها للعيش مع اليهود، هذا ما يعلن، أما ما يبقى سراً فهو اللقاءات المتكررة مع زعماء اليهود والاتفاق معهم على كيفية حماية حدود البلدين من هجمات (المخربين) على حد قول الفريقين، وفي أحسن الأحوال يسمونهم المتسللين. هذا من حيث استعمال قضية فلسطين إعلامياً للمزايدة والتقرب من الناس، أما الطريقة الأخرى لاستعمال (قميص عثمان) فهي إلصاق كل عيوبهم بإسرائيل أو برمز آخر يكرهه الناس ويناصبونه العداء مثل “الاستعمار” “الصهيونية” “كمب ديفيد”، وكل فشل لهم أو تقصير منهم وراءه إسرائيل والصهيونية والاستعمار، ففي هزيمة حزيران عام 1967 كان الادعاء أن أمريكا وانجلترا ساعدتا إسرائيل، وفي حرب عام 1973 كانت الحجة أن أمريكا استعملت جسراً جوياً لمساعدة إسرائيل، ترى بماذا سيتهربون من مسؤولاتهم لدعم أطفال الحجارة في فلسطين؟ هل تكون هذه الحجارة صهيونية أيضاً؟ من يدري!
حادي عشر: سياسة العصا أو الجزرة:
بالرغم من أن هذه السياسة تستعملها الدول الكبرى مع زعماء العالم الثالث ومنه العالم الإسلامي من أجل إجبار البعض على السير في ركابها كعملاء بالترغيب أو الترهيب، إلا أن زعماء هذه البلاد اقتبسوا هذه السياسة من المستعمر وطبقوها تجاه شعوبهم ، ففي البداية يعرضون على الأفراد أو الجماعات الجزرة فإن قبلوها وقبلوا العبودية لهم تختفي العصا، وإلا تختفي الجزرة وسياسة اللين وتبرز سياسة العسكر والشرطة والسجن، وكل هذه المراودات تسبقها وتتخللها حملات إعلامية مكثفة لتسهيل التنفيذ، وأحياناً يقوم الإعلام مقام الوسائل المادية إذا أتقن حبك الموضوع المراد إقناع الرأي العام به.
هذه أهم السياسات التي اتبعها الإعلام لترويض الرأي العام كما ذكرها الدكتور الشعراوي يرحمه الله في كتابه التلويث الفكري والإعلامي في العالم الإسلامي.
وفي الحلقة القادمة إن شاء الله نكون معكم مع الإعلام حين يلبس قناع الزيف.
وإلى أن ألتقي بكم أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.