Take a fresh look at your lifestyle.

من إرث مفكرينا وعلمائنا حملة الدعوة   التلويث الفكري والإعلامي في العالم الإسلامي

الإعلام حين يلبس قناع الزيف- ج1

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نكون معكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة مع الإعلام حين يلبس قناع الزيف وقد استعرض لنا تحت هذا العنوان الدكتور الشعراوي يرحمه الله بعض الأقنعة التي يستعملها الإعلام في تضليل العقول والتي قد ينجح في استعمالها إلى حد ما حسب الظروف والأحوال لكل منطقة ومدى وعي سكانها.

ومن هذه الأقنعة:

أولاً: لفت الانتباه:

يتولى الإعلام بوسائله المختلفة تسليط الضوء على جانب من الحدث أو الأحداث وترك باقي الجوانب مظلمة، وهو بذلك يلفت النظر إلى الرسالة الإعلامية التي يراد إيصالها إلى جمهور الرأي العام حتى يتم إيهام الناس بأن ما تردده وسائل الإعلام هو الحاصل فعلاً وأن شيئاً غيره لم يحصل، أو أن ما تم نشره هو المهم وما عداه لا قيمة له، وذلك في محاولة لطمس الحقائق التي يؤدي نشرها إلى عكس ما يتمنى المشرفون على الإعلام والذين يمثلون وجهة النظر التي أوصى بها رؤساؤهم من الزعماء والمسؤولين.

ثانياً: صرف النظر:

بعكس الاسلوب السابق يقوم الإعلام بحملة منسقة لصرف الأنظار عن أمر استحوذ على عقول جمهور الرأي العام، ونال اهتمام الجميع، وقد يرى الحكام في ذلك خطورة على مصالحهم وزعامتهم لذلك يلجأون إلى تشتيت اهتمام الجمهور مقدمة لصرفه عن اهتماماته التي يراد له أن ينساها وأن لا يفكر بها لأنها تفتح له درباً نحو الانعتاق والتغيير الجذري على الاسس الصحيحة.

ثالثاً: تجهيل المصدر:

ويكون ذلك بهدف الكذب والدس، لأن الخبر المعلن هو من تأليف الجهات الرسمية المشرفة على وسيلة الإعلام، وإمعاناً منها في التضليل فإنها تنسب الخبر إلى “مصدر مطلع” أو “مصدر مسؤول” أو “ديبلوماسي غربي” أو صرح به “مصدر موثوق” ويتم هذا لإعطاء الخبر أبعاداً مهمة، وكذلك لإبعاد الشبهة عن الجهة المشرفة على الوسيلة الإعلامية.

رابعاً: التكرار:

ومن الأساليب التي يتبعها الإعلام لتركيز بعض المفاهيم لدى الرأي العام أسلوب الإعادة والتكرار، وهذا الأسلوب مخالف لأسلوب الإقناع الذي يستعمله المفكرون لتركيز أفكارهم في المجتمع من خلال تغيير قناعات الرأي العام بالحجة والإقناع الفكري، أما أسلوب التكرار والملاحقة فهو أسلوب دعائي يستخدم في الترويج للسلع والمنتجات ولا يخاطب العقل وإنما يخاطب العاطفة والغريزة، من هنا تكمن خطورته في التضليل والخداع، فأحياناً نرى ونسمع أجهزة إعلام تكرر بث ندوة أو برنامج عدة مرات، أو تكرر خبراً في كل نشرات الأخبار وعلى مدى يومين متتاليين، وليس ذلك لأجل تبليغ الرسالة الإعلامية لمن فاتهم سماعها أو قراءتها أو مشاهدتها ولكن من أجل تحقيق المزيد من التأثير على الجمهور بإلحاح شديد.

خامساً: قلب الحقائق أو ذكر نصف الحقيقة:

وهذا ما يحصل في معظم وسائل الإعلام في العالم الإسلامي فيندر أن تذكر وسائل الإعلام حقائق صادقة بل إنها تقلب الحقائق وتكذب وتلون وفي أحسن الأحوال فإنها تذكر نصف الحقيقة وتخفي النصف الآخر لأنه يتعارض مع الهدف الذي يسعى إليه الإعلام والمشرفون عليه، حتى أن الخبر الواحد يصاغ بوجوه شتى في وسائل إعلامية مختلفة داخل البلد الواحد وذلك حسب سياسة كل جريدة أو مجلة وحسب سياسة الجهة التي تخدمها تلك الوسيلة الإعلامية، وإذا طبقنا ذلك على أخبار ثورة أطفال المسلمين في فلسطين ضد اليهود نرى أن كل دولة تعلن عنها بصورة مغايرة للأخرى ولكن أكثرهم يسمونها انتفاضة، لأنهم لا يريدون إعطائهم أسم ثورة لان المنظمات التي تنضوي تحت مظلة منظمة التحرير هي في نظرهم الثورة، وهناك أجهزة إعلام تورد أخبار ثورة مجاهدي الحجارة في أول النشرة الإخبارية، وأخرى توردها في آخر النشرة، ومنها ما يفتتح الأخبار بهذه العبارة “قتلت امرأة فلسطينية في مدينة …..” أي يركز على عملية القتل، ومنها ما يفتتح الأخبار بعبارة “تواصلت الانتفاضة في الأراضي المحتلة ….” دون عناء البحث في التفاصيل وذلك من باب رفع العتب، ومنها ما يصف مجاهدي الحجارة بـ”الانتفاضة (العربية) تدخل شهرها الرابع وقتل اليوم شاب (عربي) في قرية ….” أي أن أصحاب الثورة هم عرب، وقد تجاهلت وسائل الإعلام ذكر الحقيقة كما هي، وهي أن ما يحصل هو ثورة وليس انتفاضة وأن الصبغة الإسلامية هي الطاغية وليس للعروبة فيها إلا اللغة، وأن المساجد هي غرف العمليات لها، وإن هتاف الله أكبر هو نشيد المجاهدين، وأن محاولة ركوب الموجة سائرة على قدم وساق لخدمة الأطراف العربية الرسمية التي تسير في ركاب دول الغرب المتصارعة على العالم الإسلامي.

أما عن ذكر نصف الحقيقة فيقول الإعلام “وصل المبعوث الأمريكي إلى المنطقة بادئاً جولة تستغرق بضعة ايام” “قدمت وزارة فرعون باشا استقالتها وسيكلف الرئيس شخصية أخرى بتشكيل وزارة جديدة” فالإعلام يذكر خبراً صحيحاً لكنه غير مكتمل، ففي المثال الأول لم يذكر لماذا جاء المبعوث لأن في كشف السبب ما يربك النظام ويبرز تبعيته، وفي الخبر الثاني لم يذكر الاعلام لما أقيلت الحكومة لأن في ذلك كشفاً للاهتراء الذي يعانيه النظام ولا يريد أن يطلع الناس عليه.

سادساً: تسليط الأضواء:

ويكون ذلك على حدث معين أو شخص ما وذلك لأهداف سياسية، وأحياناً ترافق الأضواء شخصاً معيناً منذ مراحل حياته الأولى، وتنتقل معه من منصب لآخر، وكأن لسان حال النظام يقول: هذا هو زعيمكم وهو عبقري زمانه فالأوسمة تملأ صدره، أسلسوا له الانقياد، ولا ترضوا عنه بديلاً. ومثلما يركز الإعلام المحلي على إبراز أشخاص معينين كذلك يركز الإعلام الغربي على إبراز عملائه المحليين من الزعماء، وحملة أفكاره من حراس الثقافة الغربية والفكر الغربي، وكثيراً ما تنطلي هذه الألاعيب على قسم من الناس ويصدقون أن هذا الكاتب أو ذلك الصحافي أو السياسي فلاناً هم من صنف العباقرة ولا يشق لهم غبار وأنه لا يجاريهم ولا يدانيهم أحد، ويكون تسليط الأضواء على شخص ما وتسخير أجهزة الإعلام لإبراز تنقلاته وأخباره مع كونها تافهة هو من ضمن السياسة التي يتبعها الغرب المستعمر لإبراز عملائه والمتعاونين معه كزعماء لأهل البلاد التي يقطنون فيها، ولا شك أن الإعلام يفعل فعله في إبراز الزعيم العميل بعد أن لم يكن يسمع به أحد، وقد يكون (التلميع) وتسليط الأضواء على العميل هو عملاً سابقاً لبروزه وقد يكون لاحقاً، أي بعد بزوغ نجمه لكن الإعلام يبغي إيصاله إلى الحجم المناسب الذي أوصى به موجهو الاعلام. أما من لا يرضى عنه الغرب فإنه يتجاهله إعلامياً ويوصى أجهزة الإعلام المحلية التابعة له بطمس أخباره، وهكذا يستعمل الإبراز أو الطمس حسب العمالة والإخلاص.

أما عن التركيز على حدث معين وتسليط الضوء عليه بإبرازه للناس فلأهداف عدة، فإذا كان الحدث لصالح النظام فإن تسليط الضوء عليه يأتي من النظام وأجهزته الإعلامية، أما إذا كان الحدث ضد النظام فإن تسليط الضوء عليه يأتي من معارضيه المحليين والدوليين بهدف إبراز عيوبه مقدمة لهدمه وإحلال غيره محله، وأمثلة تسليط الأضواء كثيرة وتحدث يومياً على صعيد الدويلات القائمة في العالم الإسلامي أو على صعيد الدول الكبرى الطامعة في العالم الإسلامي، حتى يكاد المرء يشك في كل شخص أو حدث يضعونه في دائرة الضوء وهو معذور في هذه الريبة.

هذه بعض الأقنعة التي يستعملها الإعلام في تضليل العقول نتابع المزيد منها مما ذكره الدكتور الشعراوي يرحمه الله في الحلقة القادمة إن شاء الله.

وإلى أن نلتقي بكم في ذلك الحين أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.