{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}
تضجُّ شوارع القاهرة باحتجاجات مكثفة من الناس على ظلم السلطة وجَوْرها، فقد حاطت الناسَ بالقهر والكبت، وكمَّمت الأفواه، وأدخلت الرعب في قلوب الناس بالاعتقال والتعذيب المفضي للهلاكِ والموتِ على أيدي الزبانية في السجون…
خانت هذه السلطة الظالمة قضايا الأمة، فرفعت راية دولة يهود في أرض الكنانة، وباعت سلطانها وسيادتها على أرض سيناء، وحاصرت المسلمين في غزة، وارتكبت الموبقات دون أن تستحي من الله ولا من رسوله ولا من المؤمنين.
عاثت في الأرض الفساد، ورهنت لأعداء الله البلاد، فصارت مسرحاً لأمريكا ويهود، حيث نهبوا ثروة البلاد وتقاسموها مع رئيس النظام المصري وحاشيته وأزلامه وأتباعه، فكانت الحيتان، والقططُ السِّمان… وتركوا عامة الناس في فقر مدقع، وجوع مهلك، وأسعار فاحشة…
كل ذلك والسلطة مطمئنة بجبروتها، وبطش أزلامها، وتضليل حزبها الحاكم المحكوم… مطمئنة بهذا البطش والظلم والتضليل بأن الناس لن يرتفع لهم صوت، ولن تتحرك لهم أيدٍ ولا أقدام، ونسيت السلطة أن الظلم والقهر سيولد الانفجار، وأن الباغي، عليه تدور الدوائر!
انفجرت تونس بالتحركات الشعبية المتسارعة، ولحقتها اليمن والأردن، وها هي مصر… ويبدو أن البقية آتية! وكل ذلك وأصحاب السلطة لا يرعوون ولا يعتبرون بل لا يعقلون! إنهم يبحثون عن حل، فيلتمسونه من هنا وهناك… يتصل مبارك بأوباما، يكلِّمه طويلاً فينصحه، بل يأمره، أوباما: أن يقيل الحكومة فيقيلها، ويوجد مكانها حكومة أمنية ونائباً له بعد طول غياب! وهكذا كان، فيعين عمر سليمان مدير مخابراته نائباً، ويكلف الفريق أحمد شفيق رئيساً لوزرائه، ويظن أنه بتنفيذ أمر أمريكا يُؤمِّن عرشه بقوائمه المعوَّجة، ولا يدري أنّ أمريكا ستبيعه بثمن بخس إذا اشتد الأمر لتضع عميلاً غيره، وهكذا يفعلون!
إن هؤلاء الحكام لهم أعين لا يبصرون بها، وآذان لا يسمعون بها، وقلوب لا يعقلون بها، فكيف يدوسون الناس بأقدامهم ويريدونهم يصمتون؟ كيف يضعون الإسلام وراء ظهورهم ويريدون المسلمين لا يثورون؟ كيف يوالون الكفار المستعمرين ويريدون أهل الحق لا يزمجرون؟
أيها الحكام، أيها الظالمون… الناس مسلمون وما لم يُحكموا بإسلامهم، ويُوالى الله ورسوله والمؤمنون بدل أن يُوالى الكفار المستعمرون، فلن يستقر حاكمٌ ظالم فاجر على قدميه بينهم، حتى وإن سكتوا قليلاً وصمتوا يسيرا، فإن لسان حالهم:
ما نام عنــكِ جفنُ المجُِـــدّ وما هي إلا هدأَةُ الرِّئبــالِ قبل نَفارِه
لقد فُتحت أرضُ الكنانة بدماء المجاهدين، ولن تضيع تلك الدماء سُدى، بل ستعود أرض الكنانة عزيزةً بالإسلام، قويةً بالإسلام، تدوس بأقدامها الظالمين، حتى وإن زهت الدنيا للظالم يوماً فإن الله القوي العزيز سيقصمه في يومٍ لا يظنُ الظالمُ أنه فيه زائل: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» أخرجه البخاري ومسلم…
أيها المسلمون، يا أهلنا في أرض الكنانة:
إن رأس النظام يريد خداعكم، فيصور المشكلة في الحكومة وهو يعلم، وأنتم تعلمون، أن الحكومة لا تستطيع إبرام أمر دون إيعاز منه، ويصور المشكلة في الحزب الحاكم، وهو يعلم أن هذا الحزب تجميعٌ لمرتزقة من الناس يرون في الحزب الحاكم طريقةً لأكل أموال الناس بالباطل، ومرتعاً للفساد والرّشى، لا يجمعهم جامع إلا سهولة صيد المنافع المُحرّمة، فإذا رأوها أصبحت تحرقهم إن فعلوا تفرّقوا لا يلوون على شيء، وها أنتم ترون الحكومة والحزب برجالهم الذين كانوا يُعدّون بالملايين لم يظهر لهم أثر عندما زمجر الناس على الظلم والظالمين!
أيها المسلمون، يا أهلنا في أرض الكنانة:
إن رأس الأفعى هو النظام، فلا تنشغلوا بذيل الأفعى، وتنخدعوا بما أعلنه من حكومة أمنية جديدة ما دام النظام باقياً على حاله. إن الداء هو في هذا النظام العلماني الموالي لرأس الكفر أمريكا، وهي حالياً تدرس وضع السلطة في مصر، وتمهل رأس النظام مهلة يتصرّف فيها، وهكذا فعل، فقد جرّب النظام أساليبه، فأرسل أزلامه ليندسوا بين أهل الانتفاضة، ويسّر النظامُ الأمر لكل تخريبٍ وحرق ونهب، ليوجد مبرراً لحكومته الأمنية الجديدة بأن تبطش بالناس بحجة إعادة الأمن الذي هم أحرقوه! فإذا لم يستطع النظام بحكومته الأمنية الجديدة الوقوف على قدميه، ورأت أمريكا أن عميلها الحالي قد سقطت ورقته، عمدت إلى عميلٍ آخر مكانه، وهي بتعيين عمر سليمان نائباً لمبارك، وهو مدير مخابراته ومن عظام رقبته، تكون قد هيَّأت العميلَ الجديد في الوقت المناسب!
أيها المسلمون، يا أهلنا في أرض الكنانة:
كونوا على درجة من الوعي والإبصار حتى لا تكونوا كالمستجير من الرمضاء بالنار! واعلموا أن هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله، حكمٌ بما أنزل الله، وجهاد في سبيل الله، فلا توقفوا انتفاضتكم إلا بتغيير النظام من سمت رأسه إلى أخمص قدمه، وأقيموا مكانه دولة الإسلام، الخلافة الراشدة، تعزّوا وتفوزوا في هذه الدار وفي تلك الآخرة…
أيها المسلمون، يا أهلنا في أرض الكنانة:
مَن هو أولى من مصر أرض الكنانة بإقامة الخلافة؟ مَن هو أولى من مصر صلاح الدين بتحرير فلسطين من يهود كما حَرّرت مصر صلاح الدين فلسطين من الصليبيين؟ مَن هو أولى من مصر الكنانة التي أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأقباطها خيراً فقال «وإن لهم رحما»؟ مَن هو أولى من هذه الكنانة بإعادة حضارة الإسلام وعدل الإسلام والعيش الكريم لمسلميها وأقباطها؟ مَن هو أولى من مصر بأن تكون حاضرة الخلافة، حاضرة الدنيا، ترعى الرعية بالعدل وتحوطها بالنصح، وتفتح الفتوح، وتنشر الخير في ربوع العالم؟
أيها المسلمون، أيها الأهل في مصر الكنانة:
إن حزب التحرير يُحذركم من خديعة النظام، فيشغلكم بصغائر الأمور، وينسيكم أن الداء هو النظام، وأن الولاء لأمريكا هو الموت الزؤام، فدوسوا الاثنين بأقدامكم تسعدوا، وأقيموا الخلافة الراشدة تنهضوا، ولا تخشوا بأس الظالمين فهم أهون على الله، وهو عز وعلا ليس غافلاً عنهم {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ }
أيها المسلمون أيها الأهل في أرض الكنانة:
إن حزب التحرير يعظكم أن لا تخذلوا الدماء الزكية التي سُفحت من أبنائكم في انتفاضتكم المباركة، ويحذِّركم من أن تحرفكم تلك الجهات التي دخلت على “الخط” فتريد استغلال تلك الدماء الزكية لأغراضها الخبيثة، فتستظل بالأشجار التي لم تزرعها، وتقطف الثمار التي لم تُنضجها…
قفوا في وجه هؤلاء، ولا ترضوا باستبدال عميلٍ بعميل… اقلعوا نفوذ أمريكا من أرض الكنانة من جذوره، فتذكُرَكم دماءُ أبنائكم الزكية بخير، وتكونوا قد أديتم حقها، فتُرضوا الله ورسوله والمؤمنين.
لا تنخدعوا بقطع ذيل الأفعى وبقاء رأسها حتى وإن زُخرف ذلك الرأس، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
{هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ}