Take a fresh look at your lifestyle.

الأزمات الإقتصادية العالمية  ح6

 

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ذكرنا في الحلقات السابقة بعض الأسباب التي جعلت من النظام الإقتصادي الرأسمالي المسبب الرئيس في الأزمات الإقتصادية العالمية، وفي هذه الحلقة سأبحث البند الأول من السبب السابع الذي جعل النظام الرأسمالي يخفق في تجنيب البشرية لمثل هذه الأزمات.

والسبب السابع يتعلق ببعض الأمور التي انبثقت عن النظام الإقتصادي الرأسمالي منها:

•1-  الإستغناء عن نظام النقد المعدني، الذهب والفضة، والإستعاضة عنه بنظام النقد الورقي، والذي كان في بداية الأمر لا يختلف عن النظام المعدني عندما كانت الأوراق نائبة، لها ما يساويها من الذهب والفضة وتستبدل في أي وقت دون قيد أو شرط، وبعدها جاءت الأوراق الوثيقة، وهي تغطي جزءا فقط من قيمتها بالذهب أو الفضة، ثم أصبحت الأوراق لا نائبة ولا وثيقة، وإنما تستمد قوتها من قوة الدولة ومقدار الثقة بها، فكانت الدول الكبرى وخاصة أميركا أكثر من يتلاعب ويتحكم في سعر الصرف، فقبل عام 1914 لم يكن هناك مشكلة في عمليات التبادل التجاري بين الدول، لأن العالم كله كان يسير في عمليات المبادلات التجارية على قاعدة الذهب، أما حقبة ما بين 1914- 1944 فقد كانت فترة اضطراب وانفلات وأزمات تجارية واقتصادية نتيجة الحربين العالميتين، وما تبعها من نفقات هائلة على العمليات الحربية وبناء القدرات العسكرية للدول الكبرى، وبدأت الدول بطباعة أوراق نقدية بكميات هائلة، لتغطية نفقات الحروب، وقامت بتخفيض عملاتها عدة مرات، ورغم المحاولات والمؤتمرات التي عقدتها للحيلولة دون انهيار عملاتها فلم تفلح، حتى كان المؤتمر الشهير بمؤتمر بريتون وودز(Bretton Woods) الذي انعقد من1-22يوليو من عام1944 في غابات بريتون في نيوهامبشر بالولايات المتحدة الأمريكية، ونتج عن المؤتمر إنشاء صندوق النقد الدولي (IMF)، والبنك الدولي كما ثبت النظام العملات في نظام ثابت للصرف الأجنبي بنسبة تذبذب 1% للعملة بالنسبة للذهب أو الدولار، وقد حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة. وقد وضعوا الخطط من أجل استقرار النظام العالمي المالي وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية، .وحتى ذلك الحين لم يكن لأمريكا ودولارها أي أثر أو دور ولم يزد عن كون دولارها عملة محلية، وفي مؤتمر بريتون وودز استطاعت أمريكا أن تفرض إشراف البنك المركزي الفدرالي على اصدار النقد العالمي، واصبح الدولار هو النقد الوحيد القابل للتبديل إلى ذهب، حيث تم تحديد سعر الصرف للأونصة(31.1 غم) ب35 دولارا، وكانت هذه المرحلة هي مرحلة العودة إلى قاعدة الصرف بالذهب، وبقيت كذلك إلى أن بدأت الإنتكاسة وانحدر رصيد الدولار من الذهب من 100% إلى 20% نتيجة عمليات الاستبدال، التي قامت بها بعض الدول وخاصة فرنسا في عهد ديغول، وكذلك بريطانيا حيث استبدلت مليارات الدولارات، مما دفع أمريكا إلى الإيعاز إلى فروع البنوك الأمريكية في الخارج لتحويل ما بحوزتها من دولارات للتخفيف من عمليات الإستبدال، إلا أن ديغول كان يهدف من وراء ذلك إلى إفراغ الخزانة الأمريكية من الذهب، مما جعل الدولار عام 1968 يقع في أزمة خانقة، فكان قرار نيكسون الشهير عام 1971 والذي يقضي بإلغاء عمليات استبدال الدولار بالذهب، وانتقل العالم بعد هذا القرار إلى مرحلة هيمنة الدولار، ولم يعد العالم في نظامه النقدي يعتمد على قاعدة ثابتة، فكان هذا بداية لدخول عصر جديد من عصور النقد الذي تكون فيه الهيمنة للأقوى ، وهو عصر الأوراق النقدية التي لا يوجد لها غطاء معدني وغير القابلة للإستبدال، وهي الأوراق النقدية الإلزامية، وهي غير قابلة للصرف بالذهب أو الفضة، وتستمد قوتها من الإبراء العام الذي يضفيها عليها القانون، وليس لها قيمة سلعية في ذاتها، ولو ألغي التعامل بها أصبحت عديمة الفائدة، وعندما بدأت الدول الإستعمارية تتفنن في الإستعمار الاقتصادي والمالي، وبدأت باستبدال نظام الذهب والفضة بالنقود الإلزامية التي لا تستند إلى أي غطاء من الذهب والفضة، بدأت تدير العالم حسب مصالحها وأوجدوا الأزمات والإضطرابات المالية واغرقوا الأسواق بالنقود الورقية غير الإلزامية، وضاعفوا طباعة هذه الأوراق الذي أوجد التضخم وانهيار القوة الشرائية للنقود، وما كان هذا ليحدث لولا التخلي عن نظام النقد المعدني الذي يتكون في العادة من الذهب والفضة.

   نتابع معكم مستمعينا الكرام في الحلقة القادمة إن شاء الله مزيدا من الأمور التي انبثقت من       النظام الرأسمالي والتي أدت إلى إخفاق النظام الرأسمالي في معالجة الأزمات الاقتصادية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحمد أبو قدوم